مرت الأنواء المناخية بكل ثقلها وسرعتها المباغتة ، ومرت العاصفة كالشبح المرعب مخلفة ورائها أضرار في الممتلكات لتخبرنا بأن الله قادر على كل شيء ، وتعلمنا دروس وعبر ومواقف ومتى تظهر المعادن الطيبة .
لقد تأثرت كما تأثر غيري وأشكر الله في السراء والضراء ، ولكن حديثي سأطرحه عن التكاتف المجتمعي والإحسان إلى الجار ، وإكرامه، وتَفقُّد حاجياته وإطعامه إن جاع، والمُحافظة على عِرضه وعدم خيانته، ومُشاركة الجار مناسباته ، فيواسيه في المصيبة، ويُشاركه ويفرح معه في مناسباته السعيدة ، وحل مشاكله وقضاء حوائجه ، وكف الأذى عنه ، فقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (لا يدخُلُ الجنَّةَ مَن لا يأمَنُ جارُه بوائِقَه ، والحقوق كثيرة نزلت فيها آيات كريمة وقيلت فيها أحاديث نبوية شريفة .
وكي أضع النقاط على الحروف ونعيش واقع الصدمة لم نلامس التعاون من بعض الجيران بهذه الأزمة وانطبق علينا المثل ” يوم تسلم ناقتي ، ما عليٓ من رفاقتي ” لقد انقطعت عن بيتي خدمة الكهرباء لمدة ثلاث أيام بسبب عائق ( وجود بعضًا من قطع الشينكو ) بالخط العالي للاسلاك الكهربائية ، وكانت في وضع خطير جدًا ، وكان المنزل الوحيد بين المنازل المجاورة بدون كهرباء تبين ذلك من خلال سكوت الجيران ، بدأت أبحث عن حل للمشكلة بنفسي ، اتصالات بالجهات المختصة التي كانت في حالة يرثى لها ، فالأعطال كثيرة ومتنوعة والأضرار جسيمة والكل يطالب بالاصلاح .. اتصالات هنا وهناك فالوضع في غايت الخطورة على المارة بتلك ” السكة ” خطير حتى على المنازل يقابله صمت غريب من الجيران وهذا أمر طبيعي فهم في أحسن حال .. كنت محتاج لهم في مساعدتي حتى ولو بكلمة إقتراح ومشورة ورأي سديد لحل هذه المشكلة ، كان التدخل ضعيفًا إن لم أقل معدومًا ، وهنا عرفت بأن المواقف الصعبة هي وحدها من تخبرك متى تظهر معادن الرجال وليست في حياة الرخاء والسلم.
أتذكر قديمًا ، كان الناس يتضامنون ويتكاتفون بينهم بدون تباهي ، يتشاورون في كل الأمور الخاصة والعامة ، يتضامنون بتلقائية ، ضد الكوارث الطبيعية ، ضد الفقر ، ضد الجوع وبلا رياء .. حينها كان التضامن والتكافل بين مختلف شرائح المجتمع يثمر ثمارًا طيبًا يعود بالخير رغم ضعف الإمكانات، والسؤال المطروح هل ستختفي تلك الصفات الرائعة بمجتمعاتنا العصرية ؟
خليفة البلوشي