نزوى في 10 مايو/ العمانية/ قال الدكتور عبدالله بن سيف الغافري أستاذ
كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج /أركيو هيدرولوجي / بجامعة نزوى: إن
الكرسي سيتركز عمله خلال السنوات القادمة على أربعة محاور علمية
أساسية للبحث أو التدريس من بينها محور التراث والثقافة الذي سيشمل
التراث المادي وغير المادي للأفلاج والثقافة المرتبطة بها، كما سيسعى إلى
إنشاء منصة دولية تسمح للباحثين من المعاهد الأكاديمية والبحثية المحلية
والدولية بإجراء مناقشات تؤدي إلى فهم أفضل لطبيعة الأفلاج وجوانبها
الاجتماعية ودورها في الحياة والثقافة والتراث العماني.
وأضاف أن التراث المادي وغير المادي للأفلاج ومنظومتها يشمل مثلا
التركيبات الهندسية التراثية في الأفلاج مثل قنوات نقل الماء عبر الجسور
والتي تسمى محليا (المليل أو العوقة)، أو تحت الأرض ويطلق عليها (
غراق فلاح)، و”الساعة الشمسية” و”اللمد” وغيرها، والحارات القديمة
الموجودة في أنظمة الأفلاج، إضافة إلى التاريخ المحكي والقصص والأمثال
الشعبية والعادات والتقاليد والأعراف المرتبطة بالأفلاج، سواء أعراف
توزيع الماء أو أعراف الزراعة والجانب الفني مثل الأغاني والأهازيج في
المواسم الزراعية وعمليات الحصاد والعمليات الزراعية المختلفة، والأكلات
التقليدية المرتبطة بالفلج، وتربية الماشية، والجوانب اللغوية المرتبطة بالفلج
الذي يضم العديد من المفردات اللغوية.
وأعلنت جامعة نزوى في الخامس من مايو الجاري عن تأسيس كرسي
اليونسكو لدراسات الأفلاج /أركيو هيدرولوجي / بالجامعة، بناء على
الاتفاقية التي أبرمتها مع اليونسكو في شهر مارس من عام 2020، وإلغاء
وحدة بحوث الأفلاج بالجامعة التي أنشئت في عام 2012، على أن تؤول
للكرسي الأصول والموارد المخصصة للوحدة، حيث يعد هذا الكرسي أول
كرسي لليونسكو في جامعة خاصة بالسلطنة ولدراسات الأفلاج في العالم،
كما أنه الكرسي الرابع لليونسكو في السلطنة التي تشمل أيضا ثلاثة كراسي
توجد في جامعة السلطان قابوس معنية بدراسات صخور الأفيوليت والتقنية
الحيوية البحرية ودراسات الزلازل ومخاطر التسونامي.
وأوضح في حديث لوكالة الأنباء العُمانية أن “الأهمية الدولية للكرسي تكمن
في أنه هو الأول من نوعه على مستوى العالم في تخصص الـ /أركيو
هيدرولوجي / ودراسات الأفلاج، وتتمثل رؤيته في أن يكون مركزًا بحثيًا
وأكاديميًا دوليًا رائدًا مكرسًا لتطوير تطبيق معايير عالية لممارسات البحث
في أنظمة الأفلاج، على أن المحاور الثلاثة العلمية الأخرى لعمل الكرسي
تهدف إلى توثيق وتعزيز المعرفة الأصلية كمصدر للإلهام للإدارة المتكاملة
لموارد المياه وتعزيز البحوث متعددة التخصصات وستشمل أيضا هندسة
الأفلاج وهيدروجيولوجيتها، والأفلاج كنظام زراعي، ومحور رابع يتعلق
بالنظام البيئي والتنوع الأحيائي الموجود في الفلج ودراسة ما فيه من
حيوانات ونباتات مهمة تنمو فيه بشكل طبيعي أو حوله”.
وأشار الدكتور عبدالله الغافري إلى أن الجامعة كانت ” قد حصلت على
موافقة منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلم بتأسيس الكرسي في مارس
من العام الماضي بناء على مقترح تم تقديمه للمنظمة بالتعاون بين الجامعة
ممثلة في وحدة بحوث الأفلاج واللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة
والعلوم والجمعية العمانية للمياه، ووقّع الطرفان اتفاقية بهذا الشأن،
واقترحت الجامعة على اليونسكو تعييني أستاذا لهذا الكرسي، ولم يصدر
قرار داخلي في الجامعة طوال تلك الفترة بإنشاء الكرسي، نظرا لقيامها
بدراسة الجوانب المالية لإنشاء الكرسي وما يتعلق بالكوادر التي تشغله،
واللائحة الداخلية التي تعنى به، وتهيئة الوثيقة التي تتوافق مع الأهداف
المتفق عليها في اتفاقية اليونسكو ومع أهداف الجامعة أيضا، وأصبح
للكرسي اليوم بعد قرار رئيس الجامعة بإنشائه وجوده الحقيقي داخل الجامعة
وبشكل رسمي، ليبدأ دوره المأمول من أجل تحقيق أهدافه التي أنشئ من
أجلها” .
وقال إن “أستاذ الكرسي هو المنسق لجميع أنشطته، كما أوضحت وثيقة
إنشائه التي وضعتها الجامعة، وهناك مجلس توجيهي للكرسي سيكون
برئاسة نائب رئيس الجامعة للبحث العلمي والدراسات العليا والعلاقات
الخارجية، ومقرر المجلس هو أستاذ الكرسي، ويضم المجلس في عضويته
أعضاء من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزارة التراث
والسياحة ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، وهيئة البيئة والجمعية العمانية
للمياه، كما أن هناك لجنة علمية للكرسي برئاسة أستاذ الكرسي وعضوية
أعضاء من كليات ومراكز الجامعة العلمية والباحثين الأساسيين في
الكرسي، كما ستكون للكرسي أمانة للعمل الإداري والدعم”.
وأكد أن “الأفلاج في السلطنة تمثل هوية وطنية بالنسبة للعمانيين، وتشكل
جزءا من تراثنا وتاريخنا وثقافتنا ومن أنظمتنا الزراعية التي ما زالت
ناجحة وتستخدم حتى الآن على نطاق واسع في محافظات السلطنة، كما أنها
جزء من المنظومة السياحية، ومنظومة الفلج عبارة عن نظام اجتماعي ناجح
وهو نظام حياة، والحفاظ عليها وعلى موروث الفلج هو حفاظ على هويتنا
كعمانيين، ولذلك كله تأتي الأهمية المحلية لإنشاء هذا الكرسي الذي ينتمي
إلى منظمة اليونسكو وإلى منظمة اتحاد الجامعات العالمية /يوني.توين/،
ويجعلنا نتعاون مع الكراسي البحثية الموجودة في دول العالم والتي لها
علاقة بهذا الموضوع ومنها المتعلقة بالتراث والثقافة حول المياه والبيئة
وغيرها”.
وأوضح الغافري أن “كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج /أركيو
هيدرولوجي / بجامعة نزوى له عدة أهداف استراتيجية، على أن الهدف
الأسمى يتركز في توثيق المعارف المتعلقة بالأفلاج والحفاظ عليها ونقلها
الى الأجيال القادمة وذلك عن طريق ثلاثة محاور رئيسة يعمل عليها
الكرسي: أولها البحث العلمي عن طريق أبحاث مباشرة من الكرسي أو
بالتعاون مع مراكز أخرى في دول مختلفة أو داخل السلطنة أو عن طريق
طلبة الدراسات العليا وما بعد الدكتوراه، ويشمل المحور الثاني التدريس
حيث يتم حاليا تدريس مادة واحدة في جامعة نزوى، ويؤمل مستقبلا تدريس
عدة مواد متعلقة بالأفلاج في الجامعة أو في جامعات أخرى بالتعاون مع
وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والتقنية والاتصالات من خلال
إدخال الأفلاج والعلوم المتعلقة بها في مناهج التربية والتعليم في المراحل
قبل الجامعية وفي مناهج التعليم العالي، وأن يصل التدريس مستقبلا إلى
مرحلة أن يكون هناك دبلوم أو بكالوريوس أو ربما أعلى من ذلك خاص
بتخصص المعارف المتعلقة بالأفلاج والزراعة التقليدية، حيث أن علم
الأفلاج علم واسع ولا يقتصر على هندسة الأفلاج بل يشمل الجوانب
الاجتماعية، ومؤسسة الفلج مؤسسة ثرية بأنظمتها، ويكاد أن يكون نظام
الأفلاج العمانية من بين الأنظمة الزراعية في الخمسين دولة حول العالم
التي تعد الأغنى والأكثر نضجا من الناحية الحضارية والمؤسساتية، إضافة
إلى أن المحور الثالث في الأهداف يشمل خدمة المجتمع”.
وبينت وثيقة إنشاء كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج التي نشرتها جامعة
نزوى أن التعاون الدولي يمثل أهمية كبيرة لتبادل المعرفة والخبرة في مجال
الأفلاج، ومن المؤمل أن يشمل هذا التعاون في إطار كرسي اليونسكو
للأفلاج تنفيذ مشاريع بحثية مشتركة، وتبادل البيانات والمعلومات، والتدريب
والتمويل، حيث يهدف هذا الكرسي إلى تعزيز نهج متكامل للبحث والتعليم
والتدريب في مجال أنظمة الفلج والدراسات ذات الصلة، وستركز مكونات
البحث في المشروع على أنظمة القنوات والأفلاج.
وسيقوم الكرسي أيضًا بإنشاء منصة للتعليم عن بعد تقدم التدريب في
دراسات الأفلاج بالتعاون مع شبكة من الشركاء الدوليين، وتعزيز ومواصلة
أنشطة التدريب والبحث الحالية التي تم تنفيذها بالفعل في وحدة أبحاث
الأفلاج بجامعة نزوى، كما يهدف الكرسي إلى تعزيز التوعية بالأفلاج من
خلال دورات مخصصة للطلبة الجامعيين والخريجين ،والتدريب والتوعية
والتعليم للمدارس والمجتمع ككل وتعزيز الشبكات ونقل المعرفة بين العلماء
والمؤسسات محليًا وفي جميع أنحاء العالم وتعزيز التواصل المجتمعي
والمشاركة والخدمات في الأفلاج، وإنشاء متحف أو معرض علمي دائم
للزوار يوضح الأفلاج والمعارف المتعلقة بها ويكون مقره في جامعة
نزوى، وتلتزم مهمة كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بتعزيز البحوث
المتعلقة بالأفلاج وتقديم الدعم للباحثين والجمهور من أجل الأنشطة البحثية
والخدمية والتعليمية، وسيدرس الكرسي مساهمة الأفلاج في المعارف
التقليدية والثقافة والتراث والبيئة، علاوة على ذلك، سيكتشف الكرسي
وسيقترح آليات لدعم وتعزيز أنظمة الأفلاج وحصاد قيمتها.
وكانت لجنة التراث العالمي لدى اليونسكو قد أقرّت في يوليو عام 2006
إدراج خمسة أفلاج عمانية ضمن لائحة التراث العالمي تعبيرا عن المكانة
الدولية لهذا النظام المائي الفريد الذي يشكل موروثا حضاريا أبدعه
العمانيون كهندسة ري منذ ما يزيد عن ألفي عام ولا يزال المصدر الرئيسي
لمياه الري في السلطنة ومورد مائي يعتمد عليه في معظم المدن والقرى
العمانية، وشملت تلك الأفلاج فلج دارس بولاية نزوى بمحافظة الداخلية
وفلج الخطمين بنيابة بركة الموز بولاية نزوى وفلج الملكي بولاية أزكي
وفلج الميسر بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، وفلج الجيلة في بلدة
الجيلة التابعة لولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية .
يذكر أن أنظمة الفلج في سلطنة عمان تم استخدامها منذ آلاف السنين، حيث
يوجد في محافظات السلطنة 4112 فلجا، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع
حسب مصدر المياه، وتشمل الفلج الغيلي والداودي والعيني، لكن أساليب
الإدارة وإدارة المياه فيها متشابهة جدًا.
/ العمانية/