الجزائر، في 31 مايو/ العمانية / تتواصل بالمتحف العمومي الوطني للزخرفة
والمنمنمات وفن الخط بالجزائر، فعالياتُ معرض يُبرز رحلة الخط على المسكوكات
الإسلامية من خلال مجموعة من المسكوكات المحفوظة بالمتحف العمومي الوطني للآثار
القديمة والفنون الإسلامية بالجزائر.
وتعدُّ المسكوكات الإسلامية بصفة عامة، ومسكوكات دويلات المغرب الأوسط بصفة
خاصة، أبرز المكتشفات التي عرفتها المجتمعات البشرية، فبواسطتها استطاعت التخلُّص
من صعوبة التعامل بالمقايضة.
ولهذا، فإنّ الكثير من الباحثين يؤكّدون أنّ دراسة النقود تزوّدنا بمعلومات دقيقة عن حياة
الشعوب الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وقيمتها الفنية من خلال نقش أسماء الخلفاء
والأماكن وأحداثها، فهي تُعدّ المرآة العاكسة لحضارة الشعوب الإسلامية، والتعرُّف
بصورة دقيقة على مظاهر القوة والضعف التي مرّت بها.
ويكتسي موضوع السكة أهميّة بالغة بوصفها رمزاً من رموز الدولة، وشارة من شارات
الملْك، وبها تُقاس حضارة الشعوب، وتُعرف بها السلالات الحاكمة.
ويقدم المعرض هذه المسكوكات التاريخيّة أمام الجمهور بعد أن تمت رقمنة المجموعة
بهدف عرضها بتقنيات حديثة، مع تقديم الشروحات المطلوبة للزوّار حول تاريخ هذه
الكنوز النقدية ومصدرها.
ومن خلال ما يحفظه متحف الآثار القديمة بالجزائر، يمكن للمرء تتبُّع رحلة الخط
على مجموعات من النقود، عبر المراحل التاريخية، من الفترة المدارية إلى غاية فترة
الأمير عبد القادر، والوقوف على رقيّ الخط العربي واستمرار عطائه من الفترات القديمة
إلى يومنا هذا.
وقد تنوّعت المسكوكات، التي كانت تُسكُّ في دار الضرب، بين الدنانير الذهبية، والدراهم
فضية، والفلوس نحاسية. وقد عرّف ابن خلدون عملية سكّ النقود بالقول “هي الختم على
الدنانير والدراهم المتعامل بها”. وتتمُّ هذه العملية عبر قيام عامل دار الضرب، الذي يُلقّب
بالفتّاح، بنقش أو حفر العبارات التي عُهد إليه كتابتها في الدينار والدرهم بإذن من الملك
على ختم بشكل مقلوب، وينبغي أن يكون بارعاً في الخط، عالماً بأنواعه وقواعده مُراعٍ
لأحكامه.
أمّا عن الأداة المستعملة في عملية السكّ، فتُعرف باسم “الختم” أو “الأزواج”، كما يُطلق
عليها اسم “قوالب الضرب”؛ وهي قوالبٌ تنقش عليها عباراتٌ مقلوبة، ويُضرب بها على
الدينار أو الدرهم، فتخرجُ تلك النقوش على السكة ظاهرة مستقيمة، وكانت هذه القوالب
تُصنعُ عن طريق صبّها عن النسخ الأصلية المحفورة حفرا مباشرا، والمسمّاة بالقوالب
الأم، والتي يُمكن تصنيفها إلى نوعين: قوالبُ محفورة، وقوالبُ مصبوبة.
وعن أشهر المراحل التي رافقت فيها الخطوط العربية المسكوكات الإسلامية، يُمكن
الحديث عن تلك التي ميّزت عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إذ تمّ استعمال الخط المكي،
أو ما يُعرف بالخط الحجازي، وفي المقابل يوجد الخط المزوي، أو ما يُعرف بالخط
الكوفي. وكتبوا به النقود؛ كنقد علي بن أبي طالب، والمصاحف؛ كمصحف الخليفة
عثمان، وانتشر هذا النوع اليابس في أرجاء العالم الإسلامي.
ثمّ تبنّت كلُّ المدارس الفنيّة الإسلامية المشرقية، الخط الكوفي البسيط، فسُكّت به النقود
الأموية والعباسية، واستُخدم الطراز المغربي الكوفي البسيط، خلال القرن الثالث للهجرة،
من طرف فناني الدولة الإدريسية، حيث نقشت الكتابات على خلفية خالية من الزخارف
النباتية، وبحروف بسيطة الشكل تتمحور حول سطر قاعدي.
وسرعان ما تنوّعت الخطوط، إذ عرفت النقود الإسلاميّة استعمال خطوط أخرى، على
غرار الخط الكوفي القيرواني، والخط الكوفي الفاطمي، والخط الكوفي المرابطي، والخط
النسخي المرابطي، والخط النسخي الموحدي، والخط الكوفي الموحدي المورّق، والخط
المغربي الأندلسي، وخط الثلث المغربي، والخط المغربي.
/العمانية / 178
(( انتهت النشرة ))
—