نثق في الجهود التي تقوم بها قيادة سلطنة عمان الحكيمة بهدف إنهاء العدوان على اليمن الذي مضى عليه سبعة أعوام وهي جهود مقدرة ومدعومة من الدول المحبة للسلام
ولكن لا نثق مطلقا في القيادة السعودية التي تنتهج سياسة فرعونية ولا يمكن ان تعترف بهزيمتها إلا وهي مشرفة على الغرق معتقدة أنها من خلال الأموال التي تمتلكها وتبعثرها هنا وهناك على حساب مصلحة شعب نجد والحجاز الذي تحكمه وغيبته عن وعيه الوطني قادرة على شراء ضمائرأصحاب النفوس الضعيفة وقلب الحقائق بل وتحويل الحق الى باطل .
لقد أثبت الوفد الوطني الذي وصل الى صنعاء وبمعيته وفد المكتب السلطاني للتشاور مع القيادتين الثورية والسياسية بأنه الممثل الفعلي لشرعية الشعب اليمني السياسية وليس الوفد الذي يقدم من الرياض ويعود إليها وهو لا يمتلك قرارا .. وأيا ستكون النتائج التي سوف تتمخض عن هذه المشاورات إلا أنها أكدت للعالم كله بأن اليمنيين في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها قادرون على ان يتجاوزوا ويخرجوا من عنق الزجاجة المحشورين فيها للعام السابع على التوالي وهم يعانون الأمرين : تآمر الجيران من جهة وصمت المجتمع الدولي ضد الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان بقيادة امريكا والسعودية والامارات في اليمن والتي لم يسبق ان شهد لها التاريخ مثيلا من جهة أخرى .
ولأن الوفد الوطني الممثل للقيادتين الثورية والسياسية في صنعاء قد وضع تحالف العدوان بقيادة السعودية في زاوية ضيقة بحججه الدامغة التي قدمها في كل المشاورات التي يجريها واستطاع تحييد ما يقارب عشرين سفيرا تعودوا ان يشكلوا مرجعية لوفد الرياض في كل المشاورات السابقة والذي لم يكن يقطع أمرا الا بالرجوع اليهم فقد جعلوا من موافقة الوفد الوطني على استمرار تحرك قيادة السلطنة في عمان تحت اشراف الأمم المتحدة لعل وعسى يتم الوصول الى حل ووضع حد للعدوان على اليمن كصحوة لا نقول عنها متأخرة وانما مفتعلة للتستر خلفها من الهزائم التي لحقت بهم في الميدان اولا وفي المشاورات ثانيا، كما ان الاعتراف الدولي بالوفد الوطني الذي يمثل الشعب اليمني وقيادته في صنعاء قد جعل دول تحالف العدوان تفقد صوابها وهو الأمر الذي دفع بعضها بما فيها السعودية الى اصدار بيانات مباركة وتأييد لما خرجت به مشاورات سلطنة عمان من نتائج على تواضعها توجت بزيارة الوفد العماني لصنعاء وصار كل طرف من تحالف العدوان ينسب هذا النجاح لنفسه كونه كان داعما لها على حد زعمه بهدف الوصول الى حل سياسي في اليمن بينما يزداد التصعيد ويتضاعف قصف الطيران في مأرب وقصف المدفعية على صعد ة والساحل الغربي وأستشهد الكثير من المواطنين الأبرياء ومداد التوقيع على ما تم الاتفاق عليه كمسودة اولية لم يجف بعد .
وكلما حاول تحالف الشر ان يغير خططه ويكثف ضرباته الجوية والزحف على عدة محاور في وقت واحد مستغلا أجواء التهدئة كلما تحطمت ضرباته على صخرة مقاومة الجيش اليمني واللجان الشعبية وهذا الفشل الذريع للمعتدين قد جعلهم يبحثون عما يحفظ لهم ماء الوجه ومن ضمن ذلك مشاورات سلطنة عمان وان كان العملاء والمرتزقة الذين باعوا الوطن واستدعوا الخارج للاعتداء عليه ليس في مصلحتهم انهاء العدوان وتحقيق السلام ،لأنهم متيقنين بأن الشعب اليمني قد لفظهم ولن يقبل بهم بعد اليوم ان يكونوا حكاما عليه يذلونه ويرهنون قراره للخارج مرة اخرى كما كانوا يفعلون قبل هروبهم من اليمن والارتماء في احضان جارة السوء السعودية والنظام الوضيع في الامارات .
وهنا نؤكد للسعودية ان تجربة عام 1970 م لن تتكرر عام 2021 م لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين كما جاء في الحديث الشريف على صاحبه افضل الصلاة والسلام ، فاذا كان القادة الجمهوريين قبل نصف قرن قد رضوا بتسليم الوطن اليمني وقراره السياسي للسعودية في مقابل اعتراف الرياض بالنظام الجمهوري في صنعاء وبحجة تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الحرب التي كان يخوضها الملكيون ضد الثورة والجمهورية بدعم سعودي فإن الوضع اليوم مختلف وما أكد عليه بيان المجلس السياسي الأعلى هو ثابت وطني لا يمكن التفريط فيه او التنازل عنه حيث شدد على ثلاثة مبادئ أساسية لا يمكن الحياد عنها في أي نقاشات قادمة تتمثل في رفع الحصار ووقف العدوان جوا وبرا وبحرا وانهاء الاحتلال وخروج القوات الأجنبية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن وعلى النظام السعودي ان يدرك بأن الشعب اليمني بعد خمسة عقود وصاية قد شب عن الطوق وان الجيل الجديد الذي يقود مسيرته الوطنية وقاوم العدوان للعام السابع على التوالي لن يرضى بغير بناء دولة وطنية حديثة تتمتع بقرارها السيادي ولن يسمح أبدا بالتدخل في شأن اليمن الداخلي .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه حول زعم العملاء والمرتزقة بأن الوفد الوطني قد فرط في السيادة الوطنية من خلال موافقته على ان يبق ميناء الحديدة تحت اشراف الأمم المتحدة هو: اين كنتم خلال السبعة الأعوام الماضية وتحالف العدوان يقصف اليمن على مدار الساعة ويقتل الشعب اليمني ويدمر بنيته التحتية ويحتل المحافظات الجنوبية والشرقية ولم يسمح لمن تطلقون عليها الشرعية ان تعود لتقيم في أي منطقة من المناطق التي تزعمون انها محررة وتقولون ان نسبتها وصلت الى خمسة وثمانون في المائة من جغرافية اليمن ، وماذا نسمي ذلك :هل هو احتلال وتفريط في السيادة الوطنية لليمن أم انه تحرير حسب زعمكم وانتم مقيمين في الرياض ولا يسمح لكم بالمغادرة إلابإذن من ولي أمركم .
أحمد الشريف