هذه هي الحقيقة / ومن العيب عدم الاعتراف بها :ستبقى نهضة وصعود وصمود الجمهورية الايرانية لغزاً محيراً لعقود وعقود طويلة.ويبقى السؤال الكبير شاخصاً ويردده الخبراء والمختصين وحتى اعداء ايران وهو:
١. كيف أستطاعت دولة خارجة من حربٍ مدمرة ولثماني سنوات ،ومحاصرة لعقود ولازالت ، وضدها مؤامرات ومخططات لن تتوقف يوماً. واذا بها تصبح دولة كبرى في المنطقة .ويُحسب لها ألف حساب اقليميا ودوليا .بل تتهافت على كسبها وارضاءها الدول الكبرى ؟. ٢. لا بل كيف أصبحت دولة معتمده على نفسها ومنتجة لجميع انواع السلاح العسكري من (دبابات، ومدافع مختلفة، وطائرات ، وسفن حربية، وبارجات ،واقمار صناعية ،وطائرات مسيرة، وتقنيات، وبتروكيماويات، وسيارات، وادوية، وبنية تحتية، وقاعدة سيبرانية مرعبة .. ومشروع نووي …إلخ )؟٣. وكيف أصبحت بهذا الاحتواء الكلي .. فعندما تزور ايران لن تجد شيئا اجنبيا على الاطلاق. فكل شيء منتج في ايران .وهذه حالة نادرة لم تتوفر من قبل في دولة شرق اوسطية مهمة و متكأة على جنوب العالم !.
والسؤال : فكيف لا يلتف الشعب الايراني حول قيادة من هذا النوع !؟
وكيف لا يفخر الانسان الايراني بهكذا دولة ؟
فالحقيقة هي معجزة أن تكون هناك دولة ” ايران” يحاربها جيرانها والعالم اجمع وبنسبة ٩٥٪ من العالم وهي ماضية في الثبات والتحدي والانتاج والتطوير والبقاء وثبات العمل المؤسساتي ،وممارسة الديموقراطية بشكلها الجيد قياسا بالعالم الثالث !
ماهو الكنز الايراني ؟
تفرض علينا المهنية والحياد والمصداقية أن نعترف بأن ايران محظوظة برجلٍ من الطراز الأول، وفاق تيتو، وديغول، وعبد الناصر ، وكاسترو …الخ، رجل عاشق لوطنه وشعبه ودينه ومبادئه وهو المرشد الايراني السيد الخامنئي الذي اعطى للعمامة قيمة عالمية وكاريزما دولية من حيث القيادة والادارة والتخطيط والثبات والتحدي والدفاع عن المبادىء . فهو الكنز الايراني الكبير ، ومؤسس السياسة البراغماتية في ايران التي اعتمدت على الاسس التالية :
١. امتصاص جميع المخططات والمؤامرات وعدم الانزلاق فيها !٢. امتصاص جميع الضربات والجروح من الاعداء والخصوم لأنه هناك هدف أسمى واعلى وهو بناءً ايران القوية !. ٣. تأسيس سياسة النفس الطويل وعدم الاستفزاز والاستفادة من الوقت والحرص على زيادة بنك الاوراق بيد ايران ٤. ابعاد المتعصبين الفرس عن دوائر القرار. وتقريب الناطقين بالعربية والذين عاشوا في بلدان عربية لكي يفهموا التعامل مع الشخصية العربية !. ٥. التركيز على التواضع في التعامل مع الآخر !.
منجز واحد من انجازات العبقري الخامنئي !
عندما صدّر الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص الديموقراطية وما يسمى بالحرية الى العالم الثالث بشكل عام ،والى المنطقة العربية والاسلامية بشكل خاص صدروها أن تكون الركيزة لمشروع ومخطط تفتيت المجتمعات العربية والاسلامية تحت شعار الديموقراطية ومثلما حصل #للعراق المهم جغرافيا وسياسيا واقتصاديا وامنيا بالنسبة لايران!.
هنا فهمت القيادة الايرانية وعلى رأسها العبقري الخامنئي فسارعوا الى الغاء ( شرذمة الأحزاب والحركات الكثيرة في ايران ) لانها عرفت اي القيادة الايرانية انها تقدم خدمة مجانية للمشروع الاميركي والغربي في ايران ان بقيت هكذا !!! ..فأسست ايران طريقة جديدة للديموقراطية عندما قسمت العمل السياسي بين مدرستين وبين تيارين وهما :١. التيار المحافظ ٢.التيار الاصلاحي
وكل حزب وحركة وجماعة تنجذب الى التيار الذي هو قريب منها لتنضوي تحت لواءه سواء كان محافظاً أو اصلاحيا وتعمل بكافة حريتها ونجحوا بذلك واسقطوا مخطط التفتيت والتشرذم !.
الطريقة الايرانية أعلاه طريقة ذكية و مستوحاة من الولايات المتحدة التي لا يوجد فيها الا حزبين ( جمهوري وديموقراطي) ..ومستوحاة من بريطانيا التي لا يوجد فيها غير حزبين مهيمنين على الحياة السياسية هناك وهما ( المحافظون والعمال ) .وانظروا لنفوس امريكا التي هي ٢٣٠ مليون أنسان، ونفوس بريطانيا التي هي ٧٠ مليون انسان تقريبا #فكيف يكون ٤٠٠ حزب في دولة عدد سكانها ٤٠ مليون انسان وهي العراق ؟ ..اذن هناك مؤامرة على وحدة الشعب العراقي ، وعلى وحدة اراضي الوطن وامنه القومي.. وليست ديموقراطية ؟.
ومن هنا أستعصت ايران كثيرا على المخططات الاميركية والغربية والاسرائيلية عندما اسقط الايرانيون المخطط الديموقراطي الكاذب والخطير !.
نقطة نظام :
لو لاحظتم السجل الرئاسي في ايران فسوف تجدون هناك مناصفة ذكية بين ( الاصلاحيين والمحافظين) . أي ان الفرصة اعطيت للجبهتين بالتساوي لاعطاء ما عندهم من افكار ومشاريع ورؤى !
رئيسي رئيسا !
الانتخابات الايرانية التي ستجرى في ١٨ حزيران ٢٠٢١ هي انتخابا مفصلية ومهمة للغاية ولأسباب جوهرية وهي :
١. المشروع النووي الايراني تقدم كثيرا وقفز قفزات مهمة جدًا ويحتاج الى قيادة ايرانية فدائية لكي تحافظ عليه وتأخذه نحو التقدم .وهذا يتوفر لدى المحافظين الذين سوف يكونوا اكثر قوة وثبات في المفاوضات مع ٥+١ .ولن يسمح المحافظون باضافة دول اخرى الى المفاوضات ولن يسمحوا باضافة ملفات اخرى غير النووي !.
٢. بريطانيا دخلت على الخط وبقوة ضد ايران بعد تحررها من الاتحاد الاوربي. واصبحت شريك قوي للولايات المتحدة. وبريطانيا تخيف ايران لأنها دولة ماكرة وتعمل على مشروع تفكيك القوميات المهمة في ايران وسلخها عن الجسد الايراني. وهذا يحتاج الى قيادة محافظة وقومية نوعا ما لكي تستنفر طاقات ايران ضد مشاريع التخريب الداخلي !.
٣. محور المقاومة في المنطقة تطور كثيرا وسجل انتصارا باهرا على اسرائيل اخيرا وعلى يد المقاومة الفلسطينية. فأعطى معنويات عالية لمحور المقاومة ، واعطى معنويات عالية جدا للتيار المحافظ في ايران. والسيد المرشد يريد الاستفادة من هذهالمعنويات على الوضع الداخلي ودعم محور المقاومة وجعله رقماً صعباً في تقسيمات المنطقة الجديدة، وورقة استراتيجية بيد ايران من اليمن مرورا بالعراق فسوريا ولبنان وفلسطين وربما افغانستان ايضا بعد انسحاب امريكا من هناك . وهذه مهمة التيار المحافظ ولن ينجح بها التيار الاصلاحي !
٤. والاهم : فالسيد الخامنئي رجل واقعي وبعيد عن العواطف لأنه قائد محنك ومسؤول عن أمة ومسؤول عن مشروع كبير . فالرجل مفكر ومخطط من الطراز الاول .ويعرف انه رجل كبر في السن ولديه امراض مزمنه. ولا يريد ترك ايران لأهواء الاخرين والى تجاذبات مصالح الاخرين فيما لو حصل له شيء.
فأعدَّ السيد ( إبراهيم رئيسي) وهو الرجل الأمين والوريث المعتمد والقوي والذكي والشاب تقريبا. والمؤمن ايماناً كاملا بدولة الفقيه. والتلميذ الناجح الذي نهل مو افكار ورؤى المرشد السيد الخامنئي .
وبالتالي أصبح الطريق ممهد لفوز السيد إبراهيم رئيسي بالرئاسة في ايران خصوصا بعد انسحاب الوجوه المهمة والجيدة من السباق الانتخابي ليُمهد الطريق للسيد رئيسي ليفوز بالرئاسة الايرانية وعند فوزه سوف يختار فريقا من المخضرمين في الدبلوماسية والثابتين على المبادىء ومعهم وجوه شبابية جديدة من التيار المحافظ ليكونوا بالقرب من المخضرمين ليتعلموا منهم .
وعندما يتقاعد السيد الخامنئي طوعاً او بضغط المرض او في حالة وفاته ” لا سمح الله” سوف يقفز السيد رئيسي ليشغل مقعد المرشد الاعلى ويمضي النظام الايراني بلا تصدع وبلا ازمات !.
وبالتالي فالمهمة ليست سهلة على رئيسي ولكن مادام هناك العقل المفكر المتمثل بالسيد الخامنئي فهو خبير بحلحلة الازمات واطفاء الحرائق وتمهيد الطريق !.
لذا ننصح الدول الخليجية بالانفتاح على ايران كمجلس تعاون خليجي او كدول منفردة لأنه لن تخدم شعوبها امريكا ولا بريطانيا ولا اسرائيل. لانه اصلا امريكا وبريطانيا والغرب واسرائيل أمام تحدي كبير امام ايران الجديدة بقيادة جديدة وقوية من المحافظين وبنسبة اكثر من ٨٥٪ !
وعلينا انتظار النتائج !
د. سمير عبيد – مدير مركز التنوير والتحليل للأستشارات / والدراسات السياسية والاستراتيجية ١٧ حزيران ٢٠٢١