الحكم على الشيء فرع عن تصوره، هذه قاعدة جليلة مشهورة بين العلماء على اختلاف مذاهبهم، إذ أن التصور هو حصول صورة الشيء في العقل، ويكون معناه في هذه القاعدة، أنه التصور العلمي الدقيق عن هذا الشيء؛ لأن ذلك التصور هو الذي يضبط الذهن والفكر عن الخطأ، ويؤدي إلى تحديد محكم، وضبط علمي منهجي لحقيقة الشيء وماهيّته.
دلالات القاعدة من الكتاب والسنّة
وأما الكتاب، قال تعالى: “وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا”، أي الأمر بالصبر والتأني، وعدم الحكم على الشيء إلا إذا كان القصد معروف يقيناً، ومعروفة الغاية منه. بمعنى أدق عدم الحكم على شيء قبل معرفة المقصد منه. وهنا لا يجوز التكلم بأي امر إن لم يكن معناه واضحاً.
والسنّة، أن لا يحكم أحد غضبان بين إثنين، ما يعني أنه لن يبني حكماً وتصوراً دقيقاً، فتكون النصوص الشرعية غير صحيحة للقضية المعينة، وبالتالي يصدر الحكم منقوص، وعليه فإن المرء إذا أراد أن يتكلَّم عن حكم شيء فليُفكّر قبل كلامه، فإن علم أنه يدرك هذا الشيء ويتصوره على ما هو عليه فليَتكلم، وإن كان لا يعلم حقيقةَ هذا الشيء فليمسك عن الكلام؛ لأن السلامة في السكوت.
من هنا، تأتي أهمية هذه القاعدة على أن صحة الحكم على أي شيء؛ من واقعة، أو مسألة، أو قضية، أو الإجابة عن أي سؤال لا تكون إلا بعد أن يتصوّر الإنسان الشيء المسؤول عنه تصورا صحيحا كاملا، ويفهم حقيقته ومعناه فهما دقيقًا؛ ليتمكن من الحكم عليه.
فهذه القاعدة يتم العمل بها لغاية سماوية قبل أن تكون دنيوية، فالأحكام الدنيوية إن إفتقرت إلى كلمة واحدة من التشريع السماوي، يعتبر مس بالذات الإلهية والنبوية على حدٍّ سواء، والمثال حي وواضح،،،،،
“،،،، كتاب عزيز” و”رسول عزيز”،،،،
وما ذلك إلا لتمنعهما عن كثير من فهم الناس وظنونهم أن تصل إليهما بالباطل.
وصدق القائل ،،،، من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب،
عبدالعزيز بن بدر القطان