طالما تنافست مدارسنا في قوة وجودة الطابور الصباحي الذي ينمي في طلابنا قيم النظام والإنتظام ويشهد بذلك اللجان المعنية بالتدقيق داخل وخارج المدرسة ولكن الصدمة تحدث في ذات اليوم عندما تحين ساعة الحقيقة برنة جرس الفسحة!
مشاهد تزاحم الطلبة على (درايش) المقصف ألفنا عليها ففيها كثيرات من المواقف المتباينة التي تحكى وكأنك في ساحة حرب فيها (الرجال يرجل عمره) وفيها كبير يعطف على الصغير ليساعده وفيها ذو الواسطة الذي يدخل من الباب الرئيسي للمقصف لأنه مبعوث فوق العادة من الأستاذ الفلاني وغير ذلك من المشاهد الإنسانية وفي غمرة ذلك ألم يأت في أذهاننا طرح السؤال التالي : لماذا لا نجد النظام والإنتظام الطلابي الذي نراه في الطابور الصباحي قائما في فترة الفسحة!
بشكل عام الأمر مرهون بعدة جوانب فهناك مدى ترسخ ثقافة الإنتظام والنظام والذي يشارك فيه كلا من الأسرة والحي والعادات القائمة والممارسات المجتمعية وأيضا هناك اللوائح المنظمة ومدى تطبيق تلك اللوائح من القائمين عليها.
لا يمكن أن ينتظم الطالب وأبوه يلقنه (خلك هبة ريح ولا يقصو عليك عن يخلص الأكل عنك) وفي الأماكن العامة يرى منه سلوك تعدي الأدوار في الصفوف ويظهر في ذلك بمظهر القوي والشاطر (اللي يدبر عمره) لأن في ذلك ضرر قيمي وأخلاقي كبير على الطالب نفسه وعلى الآخرين ذو السلوك السليم والذي يترسخ لديهم الشعور بأن الملتزم (موكول حقه) وعليه أن يتبع ذاك السلوك اللاحضاري.
إن مشاهد الفوضى والعشوائية التي نراها في بعض مراكز أخذ لقاح (كورونا) في بلادنا لتعبر بصدق عن تفشي تلك الثقافة البائسة والتي يتعدى ضررها اللحظي ليكون ذا أثر مستدام وفي ذات الوقت هناك دور لمدى صرامة تطبيق اللوائح المنظمة والتي نريد من خلالها أن نصل إلى ثقافة الإنتظام التي نتغنى بها ونراها في دول أخرى ونتحسف على غيابها معنا ونحن أول الخارقون لها.
مفتاح العودة يكمن في تطبيق صارم للوائح المنظمة الواضحة للجميع مع توفير البيئة الصحية العملية لتطبيق تلك اللوائح بالإضافة إلى تعزيز رسائل الوعي وبذلك نغلق الكثير من التسربات القيمية والأخلاقية الشائعة الآن ونخلع عباءة (الممثل) الذي ينتظم في سير الطابور مع نغمات الطبلة و(الاورغ) والمنتهك لحرمة النظام والإنتظام بين المقصف والساحة.
محمد بن عبدالله سيفان الشحي
٣ يوليو ٢٠٢١ م