نحن آسفون، والاعتذار من شيم الكرام، وقد يكون البعض منِّا قد أخطأ دون قصد أو سابق نية، أو قد تكون أخذته الغفلة على حين غرة.
خلال الأسبوع الماضي، قام أحد السياح من إحدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بنشر مقطع فيديو حُظي بانتشار واسع على منصات التواصل الاجتماعي، يستغرب فيه من سلوكيات بعض النَّاس تجاه الطبيعة في محافظة ظفار خلال فصل الخريف؛ فهناك من أكل وترك مخلفات طعامه وراءه وغادر.. ووقف هذا السائح الذي أخذته الحمية مُستنكرًا هذا الفعل المُشين، مناشدًا من ليس لديه الشعور بالمسؤولية تجاه المكان بعدم القدوم، حتى لا يُسهم في تشويه الجمال الرباني الأخاذ.
عزيزي السائح، نحن آسفون؛ فلقد أتى من أتى وأكل من أكل وذهب من ذهب، ولربما نسوا تجميع مخلفات طعامهم بسبب رطوبة التربة من تحتهم، والتي خلفتها مياه رذاذ الخريف المتساقط، أو لربما انشغلوا بالاستمتاع بروعة المكان؛ حيث الخضرة من حولهم، والضباب يُخيم على الأجواء، وأينما ولَّوا وجوههم فهم في قطعة من جنَّة الله على أرضه، أعذرهم فقد تركوا مخلفات طعامهم وراءهم وذهبوا، فربما أنهم تركوها بقصد؛ لتقتات عليها الطيور أو الحيوانات، وكم هي محظ.وظة أنها ستأكل طعاما طازجا أعده بنو البشر، وقد تكون هذه الطيور والحيوانات تعيسة فيما لو تناولت بعضاً من ورق سفرة الطعام البلاستيك مع ما ستأكله؛ حيث ستلتف على معدتها داخل أحشائها، أو قد ينقر طائر بمنقاره غطاء قربة ماء بلاستيكية ولا يستطيع التخلص منها، وتنتهي به الحال إلى المرض والموت المحتوم، أو قد يتعفَّن الطعام وتتجمع حوله الحشرات مسببةً بذلك رائحةً كريهة، أو قد تتساقط أمطار الخريف ويأتي السيل ويجرف مخلفات الطعام نحو مجاري الأودية، والتي قد تنتهي بها الحال عند المصب بالبحر الهائج لتقتات عليها الأسماك، فهي الأخرى ليست بمنأى عن الخطر، وفي أحسن الأحوال سيأتي عُمَّال البلدية القائمون على تمشيط المكان للقيام بمهام النظافة.
عزيزي السائح، شكرًا لنشر المقطع، وهذا إنْ دل فإنما يدل على حرصك واهتمامك بنظافة المكان ليبقى جميلاً على الدوام، وأُجزم بأنَّ الرسالة قد وصلت فما يتم تداوله من مواد عبر مواقع التواصل الاجتماعي يلف الكون سريًعا، وستصل لا محالة إلى من قام بهذا السلوك المشين، وستصل كذلك لجهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات اللازمة من جهتها، ورغم الوعي الكبير لدى الجميع ورغم العلم والمعرفة التي يتمتع بها جميع أبناء هذا الجيل نستغرب في الحقيقة أنَّ هناك من يترك مخلفات طعامه دون تجميعها ووضعها في أقرب سلة قمامة.
ويقول الإمام الشافعي في قصيدة “اقبل معاذير من يأتيك معتذرا”: اقبل معاذير من يأتيك معتذرًا.. إن بر عندك فيما قال أو فجرا، لقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلك من يعصيك مستترا”.
أحمد بن خلفان الزعابي