الحوار بين المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الاسلامية والذي جرى في العاصمة العراقية بغداد قبل اسابيع يعتبر نقطة هامة ومتقدمة في استقرار العلاقات بين ضفتي الخليج وابعاد شبح التوترات والتدخلات الخارجية كما يسهم في تحقيق النماء والاستقرار لجميع دول المنطقة والاستفادة اقتصاديا برفد الاقتصادات الوطنية مع وجود عدد من أوراق القوة الرابحة لدى دول المنطقة، إلا أن الحوار يحتاج الى بناء الثقة بين البلدين وتجاوز بعض نقاط الاختلاف أو تأجيل ما يمكن تأجيله .
الخطاب الاعلامي الايجابي يحمل أهمية كبيرة في تطوير العلاقات بين ضفتي الخليج لما للخطاب الايجابي من دور كبير في تهيئة المناخ لقبول الاخر، ولا شك ان الاعلام ينبغي أن يقرب المسافات وليس العكس وهذا يتطلب توجيهات سياسية مشددة من قبل القيادات في المنطقة .
الوساطة العراقية حققت نقلة مهمة وعودة بغداد الى الواجهة باعنبارها وسيط محفز بين طرفي الحوار ولأهمية العراق لكل من الرياض وطهران، لكن نتائج الحوار لا يمكن الاعتماد عليها دون تحقيق تقدم على أرض الواقع وهذا يعتمد على الرغبة الصادقة بين البلدين وليس من أجل تجاوز مرحلة معينة أو ظروف دولية أو مواقف طارئة، لذا ينبغي أن تكون هذه الحوارات مبنية على وقائع على الارض ومؤشرات ايجابية تبني علاقات دائمة مع أهمية نبذ كل ما يعكر صفو العلاقات لتحقيق الصالح العام لدول المنطقة عموما .
نأمل أن تصل هذه المفاوضات واللقاءآت الى تحقيق نتائجها المرجوة لا سيما مع وجود متغيرات دولية تلقي بظلالها على العالم أجمع، وبالتالي من الاهمية نسج علاقات سياسية اقتصادية مع هذه التكتلات الدولية الصاعدة مثل روسيا والصين وبناء علاقات متوازنة تعيد تموضع دول المنطقة وتساعد على تحقيق توازن عالمي يبحث عنه المجتمع الدولي عموما .
الاستقرار والأمن في منطقة الخليج لا يمكن أن يتحقق في حال وجود محاور دولية متنافسة في المنطقة واستقطابات متباينة بين دول المنطقة، ومن المؤشرات الجيدة وجود توجه خليجي عربي نحو توظيف العلاقات الدولية وربط الاقتصادات الخليجية والعربية بشكل متوازن مع مختلف التكتلات الدولية وذلك يتضح من خلال التحركات السياسية في المنطقة خلال الايام الماضية ونأمل أن يمضي صناع القرار في المنطقة في مواكبة هذه التحولات الدولية .
الحوار بين الرياض وطهران حمل درجة كبيرة من الاهمية الاستراتيجية وفي حال تم تجاوز هذا الملف بنجاح سوف يقدم نتائج مستقبلية مطمئنة بشرط أن تكون هناك جدية وثقة متبادلة بين الطرفين يبنى عليها نتائج على أرض الواقع لان هذا الحوار يرتبط به عدد من الدول الخليجية والعربية الاخرى وبالتالي فإن ما يتحقق من نتائج ايجابية يحقق الصالح العام لدول المنطقة، ونأمل أن يتحقق ذلك قريبا بإذن الله .
خميس بن عبيد القطيطي