أتى عيد الأضحى بكل معطيات الخير والصلاح والسلام والسعادة والبركة والغبطة والسرور والاشراقات النورانية الربانية الإلهية لتستظل الأمة الإسلامية بظل الوصال الذي يربطها بربها تبارك وتعالى جبار السماوات والأرض ذو الملك والملكوت وليكون حصنها الحصين هو الإرتقاء والسمو بشعيرة العيد التعبدية والاستمساك بها رغم ظروف الحياة الحالية التي يمر بها عالم الإنسانية بأسره من جهة ومن جهة أخرى التمسك بحزم بالتوكل على الله جل جلاله خالق هذا العالم بكليته وبالتالي ليفهم الإنسان المسلم على وجه الخصوص الرسالة الربانية التي أُرسلت إليه بأنه :- (( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا )) وبهذا المعنى سيقف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بشموخ ومرفوعي الرؤوس مستيقنين بأن الله سيحفظهم من كل شر.
وبالتالي لن يكون لديهم أدنى شك بأن كل مكروه يفد إلى هذه الحياة ليطأ بقدميه أديمها الآمن سيزيله الله تعالى وسيقضي عليه وبالتالي وإن طال مكوثه فمدته قصيرة لماذا ؟! لأن الله تعالى سيكون له بالمرصاد – وهناك معنى آخر لعيد الأضحى المبارك وهو موضوع التضحية والفداء والحج ومناسكه وكيف أن حرم الله الآمن قد امتلأ بالحجيج وهم يؤدون مناسك الحج كلها دون نقص وكيف ان الله من عليهم بالوصول إلى تلك الأماكن المقدسة الطاهرة وغلَّب لهم نواياهم وأكرمهم بتحقيقها لهم حين أوصلهم إلى مبتغاهم وهو أداء فريضة الحج رغم ظرف كورونا القاسي ومكنهم من تأدية الشعائر وعلى أكمل وجه وقد تحملوا من أجل ذلك ماتحملوه من عناء وتعب ومشقة السفر إلى مكة المكرمة أرض الإسلام ومهده – فهاجر عليها السلام قد تحملت مشقة البحث عن الماء من أجل أن تسقي ابنها الرضيع اسماعيل بعد أن اسكنهما ابراهيم عليه السلام في واد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم..(( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)).
نعم فللحج هذا المعنى العظيم – لقد أعتلت أصوات الحجيج بالتلبية إلى الله تعالى وقد قبل الله تلبيتهم بإذنه ومشيئته حينما باها بهم ملائكته الكرام وقال لهم :- (( انظروا إلى عبادي هؤلاء جاءوني شعثا غبرا…اشهدكم بأني قد غفرت لهم )) !! – نعم أيها القارئ الكريم هذا الفضل الذي أمتن الله تعالى به على حجاج بيته الحرام وضيوفه الكرام! فأي كرم أعز من هذا الكرم؟! و أي نعمة أكرم من هذه النعمة ؟!.
لهذا يتوجب على كل مسلم في هذه المعمورة أن لا يستمسك إلا بالذي خلق الأرض والسماء لأنه هو مدبر الأمر، وكل الأمر بيده ولهذا يجب علينا اتخاذ العبر والدروس من حالات العيد والحج أثناء الظرف الذي نعيشه ويعيشه كل العالم بأنه ليس لنا إلا الله تعالى ولا أحد سواه فهو خالق الأسباب والمسببات وهو المسخر لها – فكل إنسان مسلم يأخذ بمسببات السلامة ويتوجها بالتوكل على ربه عزوجل فهو حسبه !.
وفي تصوري وتصور جميع عقلاء البشر إن حالة كورونا لن تدوم وهي إلى زوال بإذن الله! ولاشك في ذلك إلا إننا من الواجب أن نتحلى بالصبر والثبات وأن نأخذ بأسباب الأمان والسلامة لكي نؤجر من الله تعالى مرتين! مرة على الصبر والثبات ومرة على الأخذ بالأسباب المؤدية إلى السلامة والعافية والأمان والسعادة – هنيئتم بعيدكم الأكبر عيد الأضحى وجعلكم الله من الفائزين فيه وكلأكم فيه بنعمائه وأفاض عليكم من فضله وكرمه وكل عام وأنتم بألف خير وهناء. فاضل بن سالمين الهدابي
السفر إلى مكة
