الجزء السادس
مر أسبوع وسالم يتمرن على الأرجل الصناعية وبدأ يجيد التعامل معها ، كان ينقصه أن يتعلم كيف يجري بها بسرعة كما كان وهو سوي ، كل ما أراد سالم الخروج من الشقة ارتدى تشداشته حتى تساعده في إخفاء الأرجل الصناعية ، لكنه لم يمارس بعد سياقة السيارة ، قرر اخيرا العودة للعمل والتعاضد مع الإخصائي الجديد الذي كان له الفضل في تخطي معاناته ، كل يوم تخرج مروة للتصوير بعد أن توصل زوجها سالم للعمل ثم تعود لتقله في نهاية يوم عمله ، في احد الأيام قرر زميله أن يأخذه معه لمشاهدة معرض الأطراف الصناعية ، عند توقف سيارة زميل سالم بأحد الإشارات الضوئية وهما يتحدثان فيما بينهم إلتفت سالم على يمينه ليلاحظ سيارة زوجته تقف بجانبه وبصحبة رجل غريب لم يعرفه سالم من قبل ، كانت صدمة سالم شديدة حتى إنه لم يكن يستمع لما يقوله زميله ، كانت مروة تضحك بنشوة وهي تتحدث مع الرجل الذي بصحبتها ، لم تلتفت مروة ناحيه اليسار ابدا ، أضاءة الإشارة باللون الأخضر وتحركة سيارة زميل سالم مبتعده في حين تبعتهم على الجانب الأيمن سيارة مروة ، ضل سالم يتابعها من خلال المرايا الجانبيه للسيارة وهو يقضم شفته السفلى بإسنانه من شدة الغضب الذي يكتمه ، لم يكن يستطيع النزول أمام زميله والهجوم على مروة ، كان الخوف من الفضيحة يسيطر عليه ويكبله.
كانت تصرفات سالم في المعرض غير متزنه وظهرت جليه أمام زميله الذي سأله ما بك ؟ ، لكنه برر بأنه يعاني من صداع ، انزوى سالم إلى ركن بالمعرض واتصل بزوجته مروة وهو في غاية التوتر ، لم تكن مروة لتجيب على إتصال سالم ، فقد تركت هاتفها في السيارة ونزلت في أحد الأودية التي بها جداول مياه عذبه لتلتقط صور لطير مالك الحزين ، فهذا موسم هجرته وترحاله ، عاود سالم الإتصال مرة أخرى حتى أنقطع الإتصال ومن شدة الغضب لاح بهاتفه بكل قوته على جدار المعرض ليتفكك قطعة قطعة ، تعلل سالم لزميله بأن الصداع في ازدياد ويحتاج إلى العودة إلى شقته ليرتاح ولا يستطيع أن يكمل العمل ، أخذه زميله وأوصله إلى أسفل البناية ، نزل سالم من السيارة مسرعاً ودخل البناية كاد يتعثر مرتين فلم يكن يتقن بعد المشي بسرعة على الأرجل الصناعية ، أنتظر في شقته طويلا ، في ذلك الوقت كانت مروة تنتظره خارج بوابة المستشفى لتقله كالعادة بعد إنتهاء عمله ، وحين لم يخرج شاهدت زميله وسألته عنه فأخبرها بأنه اوصله للشقة بسبب الصداع الذي اعتراه ، دخلت مروة الشقة وكان سالم يقف بالصالة وهو في قمة الغضب وما إن أقتربت منه مبتسمه وقبل أن تتحدث لطمها على خدها بقوة حتى سقطت على الأريكة مغشياً عليها ، فتح حقيبة يدها وأخذ مفاتيح الشقة ثم خرج من الشقة وأغلق الباب عليها وهي ما زالت فاقدة الواعي .
عاد سالم إلى المستشفى بسيارة أجرة ودخل إلى مخزن الأدوية وأخذ كرتون من علب المخدرة وأغترف بيده مجموعة من الحقن ووضعها في كيس بلاستك أسود وخرج من المستشفى دون أن يلاحظه أحد ثم ركب سيارة الأجرة وعاد إلى الشقة ، حين دخل الشقة كانت مروة تتحدث بهاتفها مع أخيها ، ظن سالم إنها تخبره عن ما فعله سالم بها ، فأخذ الهاتف من يدها بقوة وألقى به من نافذة غرفة النوم إلى أسفل البناية ، وبادرها بلطمه أخرى ليسكنها هذه المرة في السرير ، تأرجح قليلا وكاد أن يسقط من وقفته فتكأ على راحة يده بالجدار ، لقد فقد سالم صبره وتملكه الغضب الشديد فلم يعطي نفسه المساحة للتفكير وتحليل الإيجابي ، حتى إنه لم يسأل مروة ابدا ، الغيرة أعمت قلبه وعقله ، والشك جعل للشيطان الطريق سهلا إليه ، أفرغ محتوى الكيس الأسود من الحقن والأدوية المخدرة في درج التسريحة ، وقام بربط مروة على السرير من يديها ورجليها .
يعقوب بن راشد السعدي