أشبع موضوع التسويق الشبكي أو الهرمي بحثاً عن مخاطره منذ أكثر من 25 عامًا في السلطنة، وفي النهاية وقبل عدة أيام بادرت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار مشكورة بتجريم مُمارسته قانونياً، والقرار يُعتبر خطوة جريئة ومنتظرة منذ زمن طويل، ومن أراد من القراء الكرام معرفة مخاطره الكثيرة ومن كل النواحي، فعليه أن يذهب للقنوات اليوتيوبية ووسائل التواصل الاجتماعي، وسوف يجد الآلاف من المقالات والمقاطع التوعوية عن أبعاده ومخاطره وآثاره السلبية.
يزدهر هذا النوع من التسويق المجرم دوليًا في البلدان الفقيرة أو متوسطة الدخل، والشبكة التي تُديره تعلم تمامًا من تستهدف، وما هو الوقت المُناسب لاستهدافهم، ومن أيِّ المداخل تستطيع الولوج إليهم والإطاحة بهم، فتارة يستخدمون الغطاء الديني، ومرة الغطاء الصحي، وتارة أخرى الغطاء الاقتصادي، ومرة الغطاء العاطفي، وأخرى الغطاء التدريبي والتعليمي، هم شبكة مُؤهلة لقراءة الشخصيات ونقاط ضعفهم، فمن خلال التشخيص المبدئي يتم الإطاحة بالضحايا، واحدًا تلو الآخر، حيلهم المبتكرة لا تنتهي، وممثلو الشبكة هم من في أعلى الهرم، وهم من يكسبون فقط، أما بقية أعضاء الهرم وهم الأغلبية، فلا حول لهم ولا قوة إلا الصمت، وإخفاء أمر إخفاقهم والإطاحة بهم أمام الناس لكي لا يكون فشلهم محل حديث وتندر العامة من البشر.
لا يستفيد من تسويقهم إلا من هو في أعلى الهرم، أما ضحاياهم فبالآلاف، كل فترة يظهرون بصورة وأسماء مختلفة، ويستمر هدفهم استقطاب البسطاء، والحالمين بالثراء السريع، الثراء بدون جهد، لا يستفيد من شبكتهم إلا القلة، أما الدولة فلا تستفيد من أي رسوم مالية، أو ضريبة سنوية ترفد خزينة الدولة، والمجتمع لا يستفيد أيضًا، وإن استفاد، فالاستفادة تكون لأجل مؤقت وشكلي ولأجل الحصول على الصبغة الوهمية القانونية.
قرار وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بتجريمهم، وإن كان هذا القرار في غاية الأهمية، لكنه سيحد من النشاط فقط ولن يوقفه تمامًا، ما لم تعِ باقي المؤسسات المعنية دورها التكاملي في مواجهتهم، وأهم هذه الجهات البنك المركزي العماني، والهيئة العامة لسوق المال، ووزارة العدل والشؤون القانونية، والادعاء العام، وشرطة عُمان السلطانية، ووزارة الصحة، والهيئة العامة لحماية المستهلك، وضرورة تكاملهم وانصهارهم في مواجهة هذا النوع من التسويق، من الضروري إلى تكامل الجهات التشريعية والرقابية والتنفيذية.
وأخيرًا.. هناك مقترح عملي وغير مُكلف ماليًا ومن المتوقع أن تكون نتائجه فعَّالة، والمُقترح بالمختصر أن تقوم الجهات الموضحة أعلاه بالتعاون مع وزارة الإعلام بإطلاق حملة عصرية توعوية تستهدف فئة الشباب، حملة تتناسب مع لغتهم التي يفهمونها، لتكون هذه الحملة التوعوية مُستمرة، وتتغير حسب المُعطيات والظروف المحيطة، ولأن خطر هؤلاء مستمر لا ينتهي وبطرق لا حصر لها، عليه فلابد أن تكون مُواجهتهم مستمرة ومتطورة وعميقة، تموت هذه الشبكات بموت وقودها من الضحايا، فإن تمَّ توعيتهم أصبحوا ناضجين واعين، ولن يكونوا لقمة سائغة وضحايا سهلة.
خلفان الطوقي