بكل عبارات التضامن وبكل معاني الردع ووسائل التصدي يقف أبناء الأمة العربية والاسلامية وعيونهم نحو الانوار المتصاعدة من القدس الشريف ومن غزة الصمود وفي جميع المدن الفلسطينية التي سجلت ملاحم عظيمة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني بالدماء والشهداء التي سيعمد عليها مشروع التحرير وتراكماته النضالية التاريخية لبناء هذا المشروع العظيم الذي حدد الله سبحانه عناصره وذكرها في كثير من الآيات القرآنية فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ونصرة الله هنا بتنفيذ أبجديات النصر، ومن هذا الدستور الإلهي العظيم يستمد المؤمنون من أبطال فلسطين هذه الروح الايمانية العالية في التصدي لغطرسة هذا الكيان المجرم الذي يمارس بكل صلافة ووقاحة تجاوزاته للمبادئ والاعراف الانسانية في استهداف البشر والشجر والحجر وتنفيذ الاغتيال والاعتقال والتدمير ويستخدم كل الوسائل المحرمة في مواجهة شعب أعزل ويقتل الاطفال والنساء على هذه الارض الطاهرة الصابرة المحتسبة .
العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة الذي استهدف قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي يضاف الى سلسلة الاعتداءآت السافرة على أبناء الشعب الفلسطيني، وقد أعلنت حركة الجهاد الإسلامي عن استشهاد 12 من عناصرها في العدوان الصهيوني الذي استمر 3 أيام على قطاع غزة، وقالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد في بيان صحفي “نزف ثلّة مكونة من 12 قمرا من القادة والمجاهدين الميامين الذين ارتقوا خلال معركة وحدة الساحات، وقدّموا أرواحهم ووقفوا في وجه العربدة الصهيونية” وأشارت الحركة إلى أنها فقدت اثنين من أبرز قادتها خلال المعركة وهما “القائد الكبير تيسير الجعبري مسؤول المنطقة الشمالية، والقائد الكبير خالد منصور مسؤول المنطقة الجنوبية” حسب البيان، كما أوردت أسماء 10 أشخاص آخرين من بينهم “القائد رأفت الزاملي والقائد سلامة عابد والقائد زياد المدلل” وبلغ عدد الشهداء في العدوان على غزة اجمالا 44 شهيدا من بينهم نساء وأطفال، وعددا آخر من الشهداء في نابلس، فهذا الكيان لا يعرف له وعد” ولا ميثاق ويستمر العدوان على نابلس ويستكمل مسلسل الغدر بعد الضمانات التي قدمها الاحتلال للوسيط المصري وذلك بقصد احراجه، وهذا الغدر ليس جديدا على هذه الفئة من البشر التي عجز أنبياء الله ورسله عن تطويعها والشواهد القرآنية والتاريخية عديدة في مخالفة الرسل وقتل الانبياء لذا لن يتورع الاحتلال عن استهداف أبناء الشعب الفلسطيني دون اكتراث لقيم العدالة والقانون .
منذ شهر رمضان الماضي والاحتلال يواصل اقتحام المسجد الاقصى، واليوم يستكمل مخططه الاجرامي وحملته العدوانية على قطاع غزة ثم على نابلس بعد اتفاق وذلك بعد وقف اطلاق النار حيث استشهد 3 من قادة كتائب شهداء الأقصى هم: إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح وحسين طه بعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة القديمة بنابلس، ليؤكد الاحتلال مجددا أنه لا يمكن التعامل معه على الاطلاق إلا باللغة التي يفهمها جيدا وهي لغة الصواريخ والمسيرات والمقاومة الباسلة بكل الوسائل المتاحة للردع وعلى نطاق كامل مدن فلسطين المحتلة فهذا الاسلوب الوحيد الذي يردع الاحتلال فالعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص، وقد كانت المقاومة الصاروخية المشروعة من قبل حركة الجهاد الاسلامي وجناحها العسكري وبقية فصائل المقاومة مثل ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب أبو علي مصطفى وغيرها من الفصائل التي أطلقت ما يناهز ألف صاروخ متفاوتة المدى خلال ال56 ساعة من المواجهة فحققت جزء من معادلة الردع لتصل الى عسقلان وتل ابيب وأسدود وغيرها، إلا أن وقفا لاطلاق النار ودخول المفاوضات على خط المواجهة أرادت تحديد هذه المعركة ووقفها عند نقطة معينة حددها الصهيوني نفسه ولكن طبيعته الاجرامية تجاوزت ذلك حيث أن استئناف العدوان على نابلس واختراق الاتفاق قدم رساله للوسطاء العرب والعالم أن الاحتلال ليس شريكا حقيقيا ولا يمكن الثقة به مطلقا والوساطة لا يمكن تحقيقها معه والحديث قبل ذلك عن اطلاق القياديين في الجهاد بسام السعدي وخليل عووادة لكي توافق الجهاد على وقف اطلاق النار ولكن الكيان المحتل يثبت كل مرة أنه ليس جديرا بأي اتفاق، وبالتالي فإن المقاومة في حل لإتخاذ كل ما تراه من وسائل الرد التي تحقق معادلة الردع.
المواجهة الأخيرة سجلت سابقة خطيرة في تاريخ الصراع حيث تم تحييد حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وذراعها العسكري كتائب القسام وهي الفصيل الأبرز في تاريخ الصراع وحركة مقاومة رسالتها وشرعيتها تشكلت في الميدان، لذا فإن الأمة اليوم تستنهض فيها هذا الشعور وتراهن عليها كحركة مقاومة تأسست على مشروع التحرير، وتترقب عودتها للالتحام مع بقية أشقاء الدم في مواجهة المحتل حتى يتحقق وعد الله بتحرير كامل تراب فلسطين من البحر الى النهر .
لا شك أن هذا الغياب خطط له مسبقا منذ شهر رمضان حينما تم اقتحام الاقصى وقد كانت معادلة المقاومة القدس – غزة هي الرهان منذ معركة سيف القدس ولكن حدثت عدد من التجاوزات باقتحام الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بشكل سافر، لكن المقاومة سجلت غيابا مؤسفا حز في النفوس بعد استباحة الاقصى المبارك وكم آلمنا أن معادلة القدس – غزة لم تنفذ .
المقاومة الفلسطينية وفي صدارتها كتائب القسام لقنت العدو الدروس في المعارك السابقة منذ عام 2000م وحتى معركة سيف القدس، والامة العربية اليوم تستغرب هذا الغياب الذي يخدم العدو ويضعف المقاومة، ولا ريب أن المقاومة عندما تتحد في غرفة عمليات واحدة تسجل للتاريخ أن القضية الفلسطينية في أيدي أمينة قادرة على ردع العدو وانتزاع حقوقها، وقد كانت معركة سيف القدس نموذجا في المقاومة والردع وفرضت المقاومة فيها واقعا جديدا في تاريخ الصراع .
تفسيرات وتأويلات عديدة حول غياب حماس منها للأسف لا يساعد على تحقيق وحدة المقاومة وهذا أمر مؤسف لبعض الكتاب وبعض وسائل الاعلام التي تمادت في وصف الحالة بلغت مبلغها على الساحة الاعلامية، وهنا نقول أن مثل هذا الخطاب الذي يتبناه بعض الاشقاء العرب لا يخدم القضية الفلسطينية ويدعو الى مزيد من الفرقة للأسف الشديد وهذا ما يريد العدو تكريسه على أرض الواقع الفلسطيني، وهنا لا يمكن أن ننسف واقع المقاومة الفلسطينية الذي تتصدر مشهده حركة المقاومة الاسلامية حماس وتظل حماس هي الأكثر قدرة على مجابهة العدو، وكما قال زياد نخالة الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي أن “حماس هي العمود الفقري لحاضنة المقاومة وسنحافظ على وحدتنا”، وبالتالي ينبغي أن يكون خطابنا الاعلامي معززا لهذه الوحدة لا مفرقا لها لا سيما والامة في هذا التاريخ تود كسب أية نقاط قوة على خط المقاومة .
الأمة العربية والاسلامية اليوم توجه مناشدتها لحركة المقاومة الاسلامية حماس وكبار قياديها أمثال يحيى السنوار ومحمد الضيف وأبو عبيدة وتستنهض فيكم روح النضال الذي تأسستم عليه أننا ننتظر ما يطمئن قلوبنا ويقر عيوننا ونترقب مشهد المقاومة الذي طالما راهنا عليه لردع العدو واضعين الآمال على وحدة المقاومة وشراكتها في الدم والاستشهاد والبطولات وفي إطلاق الصواريخ من خلال غرفة التحكم والقيادة والسيطرة في غرفة عمليات واحدة ليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والمقاومة هي الشرف وتاج المجد الذي يتوج هامات الرجال بالعزة والكرامة والخلود، وليس لنا إلا المقاومة فهي الخيار العظيم لهذه الأمة، حفظ الله المقاومة من عبث العابثين وتوجها بالنصر المبين .
- خميس بن عبيد القطيطي / كاتب عماني