أطروحة ماجستير للباحث السعودي عبدالله الجوير أنموذجاً
* المؤرخ العُماني الشيبة أسهم بجدارة في دفع الباحثين السعوديين للاهتمام مبكرا بالتاريخ العُماني
* بيئة عُمان وثقافتها العريقة أوحت للباحثين بثيمات أثيرية
* اتجهتْ أبحاثُ المؤرخين السعوديين والخليجيين عامة إلى شرق إفريقيا وقرأت الحضور العُماني هناك
كثيرةٌ هي الدراسات الأكاديمية التي كتبها باحثون من الخليج عن التاريخ العُماني، والأكثر منها ما كتبه باحثون سعوديون وقُدِّمت في الجامعات السعودية بدءًا من النصف الثاني من القرن العشرين وحتى الآن؛ ويعود ذلك لعدة عوامل منها: ثراءُ التاريخِ العُماني واحتواؤه على مادة خصبة قابلة للبحث الأكاديمي، إضافة إلى الرغبة في تحقيق الريادة في الكتابة لحقل موضوعي بكر لم يكتب عنه من قبل ولطالما ظلَّ طي الأدراج لزمن طويل فلم يلتفت إليه المؤرخون العرب إلا لماماً لعوامل عديدة منها هيمنة المراكز الثقافية على الأطراف وبموجب هذه الهيمنة ظلت عُمان وتاريخها بعيداً عن الكتابة الأكاديمية، التي دعمها فيما بعد مشرفون عرب استوعبوا مفردات التاريخ العُماني، ومكانته فوجّهوا طلابهم إليه رغبة منهم في الإضافة والتوثيق والمقاربة والربط العلميين والتأكيد على العلاقات الوطنية بالآخر المحيط، وبث لواعج الحضور السياسي ولو على حساب التاريخ العام، وأخيراً نشوء مجلس التعاون الذي فتح الأبواب على مصراعيها للباحثين مستثمرين حرية التنقل والتفاعل، ومدفوعين بفكرة التاريخ المشترك والرؤية السياسية الواحدة، وأيضاً لعوامل سياسية تتعلق برغبة هؤلاء الباحثين الكشف عن تاريخ منطقة جغرافية تجاورهم في الموقع، وتلامس اتجاهاتهم في الرؤى … كل هذه العوامل لعبت دوراً في إذكاء الدراسات البحثية العُمانية بأقلام خليجية، ونتج عنها فيضٌ من الدراسات المبكرة منها الأطروحة المبكرة المهمة التي وقعت نسخةٌ منها في أيدينا منذ قرابة عشرين عاماً ألا وهي : “التطور السياسي لسلطنة مسقط وعُمان من الانقسام حتى الحماية (1861 -1891) للباحث عبدالله بن عبدالعزيز الجوير، وقد قدّمها في قسم التاريخ والحضارة بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العام الجامعي1405/ 1406 هـ، وأشرف عليها الدكتور إبراهيم الزين صغيرون.
تعود أهمية هذه الأطروحة إلى كونها فتحت باباً أثيرياً للدراسات التاريخية العُمانية في أروقة الجامعات السعودية وأكدت على مكانة التاريخ العُماني وقيمته في التاريخ الإنساني، وتوالت بعدها الأعمال المنجزة في هذا الحقل الحيوي المهم، كما تعود أهميتها إلى أكاديميتها وتركيزها على فترة من أخصب فترات التاريخ العُماني الذي تمتد أحداثه من عُمان إلى الشرق الإفريقي وهي فترة تخصص فيها مشرف الرسالة الدكتور إبراهيم صغيرون وقدّم فيها أعمالا علمية وأبحاثا كثيرة.
ينطلقُ الباحثُ في هذه الرسالة من إيمانٍ عميق وقناعة تامة بأهمية التاريخ العُماني في المنطقة ودور العُمانيين في صناعة تاريخ المنطقة؛ إذ يؤكد منذ البداية “أن عُمان شهدت منذ بداية القرن 13هـ/ 19 م تطوراً ملحوظاً في كثير من مجالات التقدم من الملاحة والتجارة وغيرها وكانت أساطيلها تجوبُ المناطق الواقعة على الساحل الشرقي لإفريقيا والبحر العربي وتوصل بين الخليج العربي وسواحل شبه القارة الهندية”، وهي بذلك رائدة ودورها تاريخي في هذه المناطق لا ينكر وإن حجبته الظروف، وطالته عربات الزمان بالتغييب والكتمان لأزمان طويلة.
يحددُ الباحث عوامل منهجية وموضوعية عدة دفعته لاختيار هذا الموضوع منها: أن الفترةَ المدروسة تعدُّ من الفترات المهمة في تاريخ الجزيرة العربية السياسي الحديث؛ نظراً لما خلفته من نتائج خطيرة ليس على عُمان وحدها فحسب، وإنما على منطقة الخليج بأسرها، فقد اتصل الجزء الإفريقي لتضارب المصالح العمانية مع المستعمر البريطاني المهيمن آنذاك.
إن هذا الحقل لم يقرأ قراءة أكاديمية معمّقة، وهو حقلٌ مهمٌ من حقول التاريخ ومِفْصَلٌ من مفاصل تطوره وازدهاره.
في البداية يؤطر الباحثُ فترة بحثه بعامي (1861 – 1891) وهي فترة ترتبطُ بدايتها بانقسام الامبراطورية العُمانية وبانفصال زنجبار عن عُمان الأم، ونهايتها تعود إلى السنة التي عقدت فيها بريطانيا معاهدة مع سلطان مسقط وعُمان تركي بن سعيد، وبين البداية والنهاية أحداث فارقة تجلّت في تعميق الهوة بين طرفي الامبراطورية العمانية، وبالتالي كانت لدى بريطانيا فرصة لعزلة عُمان عن شطرها الآخر زنجبار، وتمكنت من السيطرة عليها كما هو مثبت في أدبيات التاريخ ووثائقه.
تقعُ هذه الأطروحة في واحدٍ وستين وثلاثمائة صفحة، وتكوَّنت من سبعة ِفصول بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة وقائمة طويلة بالمصادر والمراجع وملاحق حوت نصوص وثائق ومعاهدات وخرائط ورسومات توضيحية وفهارس، وقد راعى الباحثُ في ترتيب الفصول التسلسل الزمني والموضوعي للأحداث وفق منهج تاريخي يرصد الأحداث ويحللها ويقاربها بمثيلاتها ويتتبع فترات حكم السلاطين والأئمة الذين تعاقبوا على حكم زنجبار وعُمان بدءا من السيد سعيد بن سلطان مروراً بالسيد ثويني بن سعيد، وسالم بن ثويني، والإمام عزان بن قيس، والسيد تركي بن سعيد ، وأخيراً فيصل بن تركي.
ففي الفصل الأول” قدَّم شرحاً موجزاً عن أحوال عُمان وزنجبار قبيل وفاة السيد سعيد بن سلطان (1856 – 1861)، وتوزيع جهده بينهما، وبيّن كيفية تفككِ السلطنة التي أقامها بعد وفاته مباشرة، والعوامل التي أدت إلى ذلك، كما تناول محاولة السيد سعيد بن سلطان إعادة ضمّ زنجبار إلى عُمان وموقف الاستعمار البريطاني من ذلك، ولم ينس في هذا التمهيد طرق موضوع السعوديين في عُمان، والتنافس البريطاني الفرنسي إبّان فترة التقسيم، وانفصال زنجبار عن عُمان سنة 1861 م.
والفصل الثاني: خصَّصَه لحكمِ السيد ثويني بن سعيد (1861- 1866) بعد تقسيم الامبراطورية وما صحب مرحلة حكمه من صراعات داخلية وخارجية إضافة إلى علاقاته المتشعبة، ومحاولة البريطانيين في بث الفتنة بينه وبين السعوديين وتحريضهم له بإعلان الحرب ضدهم، كما تطرق إلى ملابسات وفاته على يد ابنه سالم وإلى مواضيع أخرى مثل: الخلافات بين السيد ثويني وأخيه السيد تركي، وحادثة صور وأثرها في العلاقات العمانية السعودية، وعلاقات السيد ثويني مع شيوخ قبائل الساحل العُماني، ومع بريطانيا وفرنسا.
الفصلُ الثالثُ: حدَّدَه الباحثُ في فترة حكم السيد سالم بن ثويني (1866–1886) وما ساده من اضطراب وفوضى هيأت الظروف لإحياء الإمامة وبعثها، كما تتبع الأحداث حتى حكم الإمام عزان بن قيس، وتناول شخصية السيد سالم، وإرهاصات حكمه، وعلاقاته مع الفرس، والسعوديين، والإنجليز، وثورة القبائل الهناوية وانبعاث الإمامة، وانتصارها على يد عزان بن قيس، وفرار السيد سالم إلى بندر عباس”.
والفصلُ الرابعُ تناول فيه المؤلف فترة حكم عزان بن قيس (1868–1871) وما صحبها من أحداث جسام طالت الأوضاع الاقتصادية والسياسية، كما كشف اللثام عن شخصية الإمام عزان بن قيس ودور علماء الاباضية في إحياء الإمامة، وما قامت به هذه المؤسسة السياسية الحاكمة من أدوار في إعادة صياغة التاريخ برؤية عقدية إباضية استلهمت مكاسبها من التاريخ الإسلامي، كما تناول الصراعات حول واحة البريمي واستيلاء الإمام عزان عليها، وانتهى إلى الملابسات التي أدت إلى انهيار الإمامة ومقتل الإمام عزان بن قيس ووصول الحكم إلى السيد تركي بن سعيد، ولم ينس تناول علاقات السعوديين بالإمام عزان في مبحث مستقل.
الفصلُ الخامسُ: عقده الباحث لفترة حكم السيد تركي بن سعيد (1871 – 1875)، مبيناً شخصيته وأدواره في الاستيلاء على مسقط، كما تتبع الأحداث المفصلية التي صاحبت فترة حكمه بدءا من دخوله مسقط إلى اعتزاله عن الحكم ومغادرته إلى (جوادر) وتولي أخيه السيد عبد العزيز إدارة البلاد، يذكر أن هذا الاعتزال سببه استمرار الامامة في الضغط عليه بعد تنامي قوتها وزيادة نفوذها.
الفصلُ السادسُ: يعودُ فيه الباحث إلى الفترة الثانية من فترة حكم السيد تركي ليدرس فيها حكمه لمنطقة (جواذر) إلى حين وفاته، وما جرى فيها من أحداث، خاصة في ظل العلاقة المتوترة بينه وبين أخيه عبد العزيز، والتدخل الصارخ من قبل الإنجليز في الشؤون العمانية، ويتناول كذلك الغارات مثل غارة (حمود الجحافي ) شيخ الوهيبة على الباطنة، وتمرد قبائل الشرقية بزعامة صالح بن علي الحارثي 1877م وهجومه على مسقط، وثورة إبراهيم بن قيس، ولم ينس كذلك علاقات السيد تركي بالإنجليز وبشيوخ قبائل ساحل عُمان، وبإيران ، والدولة العثمانية، ويشير في نهاية فصله إلى وفاة السيد تركي وناهية حكمه.
الفصلُ السابعُ: وهو فصلٌ ختاميٌّ ناقشَ فيه الباحثُ فترة حكم السيد فيصل بن تركي (1891) وركَّز على معاهدة 1891م التي توقف عندها مليًّا وفند بنودها وأبان عن مراميها وما آلت إليه البلاد جراء استشراء القوة الاستعمارية البريطانية وزيادة نفوذها.
كما ابتدأ بشخصية السلطان فيصل وظروف حكمه والأوضاع التي صاحبت ذلك الحكم، خاصة الاضطرابات القبلية والغارات العسكرية التي تشنها بعض الزعامات، والعلاقات السياسية التي ربطته بالقوى السياسية المحيطة.
وأخيراً تبقى هذا الرسالة واحدة من الرسائل العلمية الأكاديمية المتسمة بالضبط المنهجي والإحكام المصطلحي والدقة في تتبع الاحداث، ودراسة تسلسلها، والثبت المصدري والمرجعي لمجمل ما اعتمد عليه من مصادر من خلال الملاحق والفهارس، واعتماد العلامات الأكاديمية الدالة مثل مختصرات المصادر والمراجع وأسماء الأمكنة والأزمنة وغيرها، وقد تناولها بالرصد الدقيق والإحاطة العلمية، وبمساقات منهج التصنيف المعتمدة وصولا إلى نتائجها التي تتخلص فيما يلي:
1 – أن المنطقةَ المدروسة كانت محطَّ أنظار الدول الاستعمارية لموقعها الجغرافي الرابط بين الغرب والشرق، وهذا الموقع الذي تتموضع فيه الامبراطورية العمانية قبل تقسيمها كان يمثل عقبة في وجه المصالح البريطانية الاقتصادية والتجارية فعملت على تقسيمها.
2 – أن المستعمرَ البريطاني وسائر القوى الغربية عَمِلَت على الدوام على إضعاف الامبراطورية العُمانية، وإيجاد الظروف المؤدية إلى انهيار اقتصادها، وتحويلها إلى دولتين لا تعتمد كلّ منهما على الأخرى.
3- أن الأحداثَ المتراتبة التي وقعت في عُمان مهَّدت لبعث الإمامة وإحيائها، وكان الدافع إلى تكوين تاريخ عُماني مميز له خصوصيته بالمقابل مع مثيله التاريخ العربي.
يقيمُ الباحثُ دراسته على عددٍ كبيرٍ من المصادر والمراجع منها ما هو مخطوطٌ ، ومنها ما هو منشورٌ، ومنها ما هو مرويٌّ، وقد قدّمها الباحثُ بإسهاب معتمداً على دأبه في جمعها من مضان مختلفة عسيرة في وقتها، ولعل من أهم مميزات هذه الدراسة في هذا الحشد المرجعي الذي قدَّمته خاصة تلك التي أتى بها من أراشيف الغرب، ومن مخطوطات العرب القديمة القابعة في المكتبات العتيقة، و كذلك من المقابلات الطريفة التي سعى إليها من كلّ قطر، ومنها مقابلتان نادرتان: الأولى مع المؤرخ الشيخ سالم بن حمود السيابي الذي أكد له أن هذه الفترة لم تحظ بالدرس والعناية من الكتاب والمؤرخين، وأوصاه بالرجوع إلى ما كتبه المؤرخون والدارسون العرب والأجانب في هذا الصدد”.
والثانية كانت مع المؤرخ الشيخ محمد بن عبد الله السَّالمي الذي التقى به في ولاية بدية، وأشار إليه في أكثر من موضع باحتفاءٍ شديدٍ وعباراتٍ تبجيلية منها قوله ص 276: “أثناء لقائي مع الشيخ محمد بن عبد الله السَّالمي أكد لي أن البلاد العُمانية منذ عهد الإمام عزان بن قيس لم تخضعْ جميعها لحاكمٍ واحدٍ إلا في وقتنا الحاضر تحت ظل جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، والشيخ محمد حُجة في التاريخ، ولا غرابة في ذلك فهو ابن المؤرخ العُماني الشهير عبدالله بن حميد السالمي”.
وفي موضع آخر يقول (ص هـ): “وبعد مرور سنة ونصف قررت السَّفر إلى عُمان لمقابلة الشيخ محمد بن عبدالله السَّالمي بعدما أثار انتباهي كتابه “نهضة الأعيان” وقد قابلته في بدية التي تبعد عن مسقط مائتين وسبعين كيلومترا، ورحب بي وبالغ في إكرامي، وفتح مكتبته واطلعتُ على كلّ ما حوته من كتب التاريخ، فله مني الدُّعاءُ الخالصُ بأن يمُدَّ الله في عمره.”
ومن المصادر التي لفتت انتباهي في هذه الرسالة وهي مهمة جداُ “وثائق حكومة المملكة العربية السعودية الخاصة بقضية واحة البريمي والتي عرضتها حكومة المملكة في نزاعها مع حكومة مسقط وأبوظبي على لجنة التحكيم في صيف 1374/ 1955، وهي كما يصفها في ثلاثة مجلدات تمثل وجهة النظر السعودية”.
كما أن من مصادره المهمة مخطوطة “عقود الجمان في أيام آل سعود في عُمان” ، وهي مخطوطة تتألف من 210 ورقات وتعالج فكرة العلاقات السعودية العُمانية وركزت على الوجود السعودي في عُمان، وهي ـ في الحقيقة ـ تمثل وجهة النظر السعودية في هذا الوجود، وهناك مصادر أخرى عُمانية كتاريخ “الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين” لابن رزيق، و”تحفة الأعيان” لنورالدين السَّالمي الذي يعدّه الباحث حجة في التاريخ العُماني ومصدراً كبيراً فيه، وأن مؤلفه معاصرٌ لآخر فترة تهم الباحث فهو شاهد على العصر بنفسه، وقد كتبَ عن مرئياته الخاصة، وعمّا شاهده بنفسه، فهو كتابٌ أصيلٌ رجع إلى مادته العلمية من مصادر أصيلة، كذلك في كتاب “عُمان والساحل الجنوبي للخليج “الصادر في القاهرة عام 1952م فهو من الكتب التي أفاد منها واستقى من مادتها ما اسعفه لبيان هذا الموضوع السياسي التاريخي المهم.
أمَّا المصادرُ الأجنبية التي اعتمد عليها في هذه الاطروحة، فهي كثيرة وقد يتطلب جمعها السفر إلى لندن والبحث في أراشيف مكتباتها، خاصة مكتبة وزارة الهند، وقد اسعفته هذه المكتبة بموسوعة الوثائق البريطانية وسهلتْ له كثيراً من مهمته فلولاها كما يقول: “لما استطاع أن يكتبُ هذه الأطروحة كتابة أكاديمية”؛ لأن الوثائق في نظره عماد الدراسات التاريخية، وهي مفتاح الحقيقة ولسان حالها، ومنطق برهانها ودليلها الحي الذي لا يضاهى في الدرس التاريخي.
ومما يعتزُّ به الباحثُ أن هذه الوثائق أوجدت له أرشيفاً خاصا نادراً يحوي يوميات الوكالة السياسية البريطانية في مسقط، و”قد تناولت أحداث هذه الفترة يوما بيوم، وأن وثائقها ومراسلاتها صدرت من مسؤولين إلى رؤسائهم على شكل تقارير حية، فهي تحملُ طابعاً حيُّا رسميا ومن بينها “دليل الخليج” للويمر في قسميه التاريخي والجغرافي”.
إن هذه الرسالةَ تعدُّ من الرسائل المبكرة التي كتبتْ قبيل نُشُوءِ الجامعة الوطنية العُمانية وأسهمت في تفتيح الذهن إلى آفاق المنجز البحثي في التاريخ العُماني، واعتبرت مرجعاً مهماً فيه، ومهما تكن نوايا الباحث في التأكيد على الدور السعودي في صناعة تاريخ المنطقة إلا أن ذلك لا يقلل من جهده في تقصي مادته وتقديمها برؤية الباحث التائق بشغف إلى كشف مكامن التاريخ ووطء أرض لم يطأها أحدٌ قبله داعماً لأفكار وطنه ومرامي سياسته، وهو أمرٌ يحتاجُ إلى دقة وتمحيص في ضوء المستجدات المكتشفة من الوثائق العُمانية، والدراسات التي قام بها العُمانيون أنفسهم كشفاً لتاريخهم وتدويناً للأحداث، فأهل مكة أدرى بشعابها، وما هذه الرسالة إلا نظرة مبكرة من الخارج لها ما لها، وعليها ما عليها.