العمانية: توثق الكاتبة جواهر بنت محمد الزعابية جانبًا من حياة أهل الساحل في ولاية صحم بمحافظة شمال الباطنة، من خلال كتابها الذي يحمل عنوان “الأرضُ خَزنَةُ ذَهَب”، تناولت فيه النشاط التاريخي الممتد لسنوات طويلة والمليء بالذكريات الجميلة للبحّارة و”النواخذة” ورحلاتهم ومغامراتهم البحرية، وارتباطهم بالبحر والسُفن التقليدية على اختلاف أنواعها والتي كل نوع منها يحمل قصة متكاملة. واستندت الكاتبة في هذا الكتاب إلى مذكرات الحياة والرحلات البحرية لوالدها “النوخذة” محمد بن سالم الزعابي الذي بدأ قصة كفاحه وارتباطه بالبحر والسُفن منذ أنْ كان عمره 7 سنوات وإلى أنْ توفاه الله في عمر ٧٨ عامًا، كما عززت ذلك بجمع بعض المعلومات التاريخية من خلال مقابلة أشخاص عاصروا تلك الحقبة الزمنية وأيضًا تحدثت عن الرحلات البحرية والأمجاد التي سطرها العُمانيون منذ أنْ عرفوا البحر.
تقول الكاتبة في تقديمها للكتاب: “تحمل هذه السيرة بين سطورها معانٍ كثيرة، منها الأمجاد التي سطرها آباؤنا وأجدادنا العُمانيون منذ القِدم وعلاقتهم الوطيدة بالبحر.. لنشم رائحة الليمون المجفف وسمك القاشع على شواطئ سلطنة عُمان، إلى أن نصل لشواطئ الهند فنشم رائحة البهارات والتوابل، فنشاهد عن قُرب الشواطئ الهادئة تارة وقوارب الماشوة وتحليق النوارس في سماء الوطن، مرورًا بمشاهدة السُفن العملاقة بكامل أناقتها تتحدى أمواج البحر الهائجة وتقف شامخة أمام العواصف العاتية لتصل بسلام إلى شواطئ السلطنة”.
وتُشير جواهر الزعابية في هذا الكتاب كذلك إلى أنواع السُفن العُمانية التي كانت تُستخدم في الرحلات البحرية خاصة منها التي كان يستخدمها أهالي ولاية صحم في رحلات تصدير الليمون المجفف، وطريقة صنع هذه السُفن وأنواع الحبال والأخشاب المُستخدمة في ذلك، كما تُشير إلى أبرز التحديات والمحن التي كان يعيشها البحّارة في رحلاتهم قبل ظهور عصر التطوُّر والتكنولوجيا.
وتبدأ الكاتبة كتابها في توثيق أدق تفاصيل الحياة قديمًا في قرية مطلّة على شاطئ البحر، يسكنها الأهالي ببساطة وهدوء وصفاء نفس، وكيفية تعلُّم الصغار من الكبار سنن البحر وضوابط الرحلات البحرية والصبر في مواجهة المخاطر والتحديات والتكافل والتعاون الجماعي خاصة في الغربة وسير الرحلات التي تمتد لعدة أشهر. كما أوردت جواهر الزعابية في كتاب “الأرض خزنة ذهب”، توثيقًا لحياة والدها محمد بن سالم الزعابي الذي عُرف في ولاية صحم كواحد من أبرز “النواخذة” وصُنَّاع السُفن وصُنَّاع الفضيّات، كما ارتبط اسمه بسفينة “البوم” التي اشتراها من ولاية صور وأطلق عليها اسم “طيبات صحم”، لتكون مخصَّصة لكل المناسبات الوطنية في ولاية صحم وبعض الولايات الأخرى، حيث يتم نقل هذه السفينة من مكان إلى آخر عبر قاعدة بأربع عجلات تجرها السيارة وقد عرفت وهي محمّلة بالفرقة البحرية الشعبية وبها الشراع المطبوعة عليه صورة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- ولا تزال “طيبات صحم” حاضرة بكل ذكرياتها وصورها الجميلة رغم رحيل ربانها قبل نحو 10 سنوات.