يدور جدل كبير في جميع دول العالم اليوم حول إلزامية أخذ اللقاح المضاد لفيروس كورونا.. وهل سن قوانين تلزم الجميع بأخذه فيه اعتداء على حرية الناس أم حماية لهم؟ هذا السؤال يدور اليوم في أروقة صناعة القرار في دول العالم في سياق جهود حماية الناس من أخطار الوباء، وبدأت بعض الدول في فرضه على الجميع فيما قامت دول أخرى باستخدام استراتيجية أخرى وهي منع دخول غير المطعمين للمؤسسات العامة والخدمية والترفيهية، وهي استراتيجية إلزامية ولكن بأسلوب آخر.
وفي محاولة لوضع مقاربة يمكن القياس عليها في هذه القضية فإن الناس اعتبروا وضع سرعات محددة للسيارات في الشوارع السريعة تقييدا لحرياتهم ولقدراتهم الفردية في القيادة، والأمر نفسه بالنسبة لإلزامية لبس حزام الأمان. وأثبتت التجارب أن تحديد السرعات وكذلك لبس حزام الأمان يساهم في حماية الناس من الحوادث وفي حالة وقوعها يقلل نسبة خطر الوفاة.
ورغم أن القياس هنا مع الفارق ولكن يمكن أن يوضح المسافة بين ما يعتبره الناس حرية شخصية وبين ما يقدم في الحقيقة حماية لهم كأفراد وحماية للمجتمع الذي يعيشون فيه أو المساحة التي يتحركون فيها.
وأثبتت اللقاحات أنها قادرة على صناعة مناعة مجتمعية ومحليا يمكن أن نعتبر حالة محافظة مسندم نموذجا، كما أن الوضع في محافظة ظفار يمكن أن يكون نموذجا آخر يقدم حالة تستحق الدراسة.. فأعداد السياح في المحافظة كبير جدا ولا يخلو الأمر من اختلاط كبير ولكن جميع السياح قد أخذوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، ولا تكشف الأرقام عن أي حالات تفش للوباء أو زيادة فيها سواء في المحافظة أو عبر التقصي الوبائي لمعرفة سير العدوى، بل إن الأرقام في تراجع مفرح جدا يسمح برفع حالة الطوارئ الصحية.
وأمام هذا الوضع يكون توجه الحكومات نحو إلزامية أخذ اللقاح منطقيا جدا ووراءه مصلحة مجتمعية من شأنها أن تحمي الجميع من خطر الوباء، لأن الخطر هنا ليس فرديا أبدا.
أمّا ما يستند عليه المتحفظون ضد أخذ اللقاح فينقصه الدليل العلمي ويتهاوى أمام تجارب الواقع بعد حوالي 10 أشهر من بدء أخذ اللقاح، وأمام تجارب عشرات اللقاحات التي يأخذها الناس طوال حياتهم.
فلا يمكن الوقوف مع الامتناع عن أخذ اللقاح بوصفه حرية شخصية إذا كانت هذه الحرية من شأنها أن تعرض حياة المئات للخطر وتعيد خطر التفشي في منطقة من المناطق ليس لسبب إلا لأن شخصا يرى أن إلزامه بأخذ اللقاح هو مس بحريته الشخصية.