- بعض نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تغريهم الشهرة فيتجاوزون الحدود القانونية فيدخلون في دائرة المحظور
إن ما نعيشه اليوم من تطور في التقنية واتساع نطاقها وتعدد مجالاتها جعلها جزءاً لا يتجزأ من حياة البعض، حيث ساهم ذلك في تسريع وتيرة إنجاز مختلف المعاملات والتواصل مع الآخرين بكل سهولة ويسر، وفي المقابل أدى ذلك إلى ظهور أساليب احتيالية مختلفة تستقطب الضحايا وتسعى إلى خداعهم والاستيلاء على أموالهم أو ابتزازهم أو تحقيق غايات أخرى يسعى لها الجناة، كما أن رغبة بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة شهرتهم وعدد متابعيهم جعلهم يقعون في دائرة المحظور، لذلك كان للقانون دور مهم في أن يكفل لنا الاستخدام الآمن ليحمينا من الوقوع كضحايا في كثير من الجرائم الإلكترونية أو الاصطدام بالأفكار السلبية أو السلوكيات الخاطئة والترويج لها والتي يرفضها المجتمع.
حول هذا الموضوع تحدث العميد جمال بن حبيب القريشي مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية بشرطة عمان السلطانية قائلاً: إن الاستخدام الآمن للتقنية وما تحويه من برامج وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التطبيقات يُقصد به الاستخدام الأمثل بما يخدم مصلحة المواطن والمجتمع ولا يضر أي منهما، والمؤطّر بحدود قانونية يراعى فيها عدم التجاوز وعدم إنتاج أو توزيع أو عرض أو إتاحة برامج وأدوات وأجهزة أو أية وسيلة من وسائل برامج التواصل الاجتماعي في ارتكاب جرائم تقنية المعلومات نتيجة تجاوز الأطر والحدود المرسومة بموجب القوانين المحلية النافذة، ويعد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (12/2011م) والمتضّمن (35) مادة منظماً لهذه التعاملات بجانب القوانين الوطنية الأخرى .
وقائع جرمية احتيالية
أشار مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية إلى أن الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية تعاملت مؤخرًا مع وقائع جرمية احتيالية عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي صاحبتها الثقة المفرطة والرغبة في الكسب المالي السريع من قبل الضحايا المستخدمين لتلك التطبيقات، وقد تمثّل أحد الأساليب الجرمية في قيام الجناة بتقديم خدمات وإغراءات تحمل في طياتها إيحاءات وأساليب شائقة لجذب الضحايا ومن ثم الاستيلاء على أموالهم، والغريب في الأمر أن هذا الأسلوب لازال يتكرر منذ سنوات بالرغم من التحذيرات والتنبيهات السابقة من قبل شرطة عمان السلطانية ومن الجهات المختصة ذات العلاقة، عليه نؤكد بأن العروض المغرية التي يقابلها إجراء بسيط من قبل الشخص ما هي إلا مقدمة لعملية احتيال يجب الانتباه إليها وأخذ الحيطة والحذر منها.
كما رُصدت في الآونة الأخيرة حالات عن قيام بعض المحتالين باستخدام تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي لارتكاب بعض جرائم الابتزاز والتي في الغالب ترتكب من قبل جناة من خارج السلطنة، حيث يستغل هؤلاء المحتالون بعض الأشخاص بناء على علاقة تنشأ بينهم سواء كانت عاطفية أو مادية أو غيرها من الثغرات الأمر الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يسمحون لهم بالاطلاع على معلوماتهم وصورهم الخاصة بعد أن أصبحوا يثقون فيهم، ومن ثم يتم ابتزاز الشخص وتهديده إما بدفع المال أو بالتشهير به وفضحه، مما يجعل من بعض الضحايا الاستجابة ويقوم بالتحويل والدفع أملاً في أن يتوقف الجناة عن ابتزازه، لذا فإن شرطة عمان السلطانية تنصح بعدم التجاوب مع طلبات الجناة نهائياً، لأن الاستجابة الأولى لطلباتهم لن تكون الأخيرة بالرغم من وعودهم بذلك، حيث إن عصابات الإجرام المتخصصة في الابتزاز الإلكتروني تجعل الشخص الذي تجاوب مع طلباتهم مصدرا مستمرا للمال، ويجب على من يقع ضحية ً لهذا الأسلوب الجرمي أن يفصح عن مشكلته لطرف يثق به ولا تكون حبيسة تفكيره فقط، ومن الأولويات التي يجب أن يقوم بها هي إبلاغ السلطات بلا تردد وسيتم التعامل مع الأمر بسرعة وسرية تامة، كما ننصح بأن يقوم المجني عليه بإغلاق التطبيقات التي استخدمها للتواصل مع الجناة فوراً بهدف قطع التواصل معهم ووقف مصدر التأثير عليه .
أما فيما يخص أولياء الأمور فإنه من واقع تعاملنا مع هذا النوع من الجرائم فإننا ندعو إلى إزالة الحواجز أمام الأبناء بمختلف أعمارهم للحديث عن كل ما يدور في حياتهم وتشجيعهم على تجاوز كل ما يمنعهم من مصارحة والديهم، كما أن على أولياء الأمور أن يكونوا خير رقيب لأبنائهم والجلوس معهم وعدم تركهم في عزلة حتى لا يكون الجاني أقرب إليهم ويتمكن من السيطرة عليهم والتحكم بهم، فالاحتواء الأسري لابد أن يكون مبدأً أساسياً وسائداً داخل الأسرة قبل وصف سلوك الطفل بالعيب والخطأ، ونؤكد كذلك على وجوب مراقبة استخدام الأطفال لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي وتفعيل تطبيقات الحماية وعدم تركهم ساعات طويلة بصحبة أجهزتهم.
نشطاء التواصل الاجتماعي
أما بشأن تصرفات بعض الأشخاص الذين ينشطون في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر محتوى يخالف الأعراف المجتمعية والقوانين النافذة ولا يستقيم مع النظام والآداب العامة، فقد وضحّ القريشي بأن الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية تقوم بمتابعة ورصد هذه الحسابات في تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، فبعض التصرفات يستنكرها المجتمع ويطالب السلطات المختصة بمعاقبة مرتكبيها، حيث ترتكب هذه الجرائم تحت ذريعة زيادة عدد المتابعين والبحث عن الشهرة والرغبة في الظهور دون الاكتراث لخصوصية المجتمع العماني، لذا فإن شرطة عمان السلطانية تقوم بالتعامل مع هذه الفئة وفق القوانين النافذة في السلطنة، وقد تمثلت هذه الأساليب في الظهور بمظهر يخدش النظام والآداب العامة أو التلفظ بكلمات نابية أو تقليد أفكار وبرامج تخدش العادات والتقاليد أو ازدراء العملة الوطنية، و، وقد قامت شرطة عمان السلطانية بالتوعية من تلك الأنشطة سابقاً داعية إلى أهمية التفكير قبل الإقدام على هذا النوع من الاستثمار وتحرّي المصداقية في البيانات التي تقدمها هذه الجهات والتأكد من مدى واقعية تلك العروض حفاظاً على سلامة أقوالهم وأنفسهم من براثن المحتالين.
وفي هذا الصدد أشار العميد مدير عام التحريات والتحقيقات الجنائية إلى أن التنامي المطرد في استخدام الشبكة المعلوماتية بما تحويه من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، قابلته ضرورة ماسة لوجود تشريع يعنى بتنظيم وإيجاد المعالجات القانونية التي تكون رادعاً لكل من يخالف استخدام وسائل تقنية المعلومات، فقد تطرق المشرع العماني في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في بعض مواده منها المادة (14) إلى جوانب مهمة جاءت مواكبة لاستخدام وسائل تقنية المعلومات منها جرائم المحتوى والتي أشارت إلى التبعات القانونية المترتبة في حال قام مستخدم تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بإنشاء مواد مخالفة للنظام العام أو مواد إباحية، وقد جاءت هذه المادة منظمة لذلك وموضّحة للعقوبة المقررة في هذا الشأن، وذلك إلى جانب المادة (17) والتي جاءت موضّحة للعقوبة المترتبة على مستخدم الشبكة المعلوماتية أو تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل تقنية المعلومات في المقامرة أو إنتاج أو توزيع أو نشر أو الترويج لبرامج أو أفكار أو أنشطة من شأنها المساس أو الإخلال بالآداب العامة.
ختاما أكد العميد بأن شرطة عمان السلطانية مستمرة في التوعية المجتمعية عبر مختلف وسائل الإعلام وتقديم المحاضرات التوعوية بالتنسيق مع المعنيين في الجهات المختصة، كما تدعو الجميع إلى الاستخدام الآمن للتقنية بما تحويه من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، والابتعاد عن السلوكيات الخاطئة التي يرفضها المجتمع والعادات والتقاليد المجتمعية، والتقيد بالقوانين المنظمة لذلك وعدم الانجراف خلف الأفكار الشاذة الهدامة التي تسيء للفرد والمجتمع ولن يتحقق ذلك إلا بتعاون المجتمع من أجل حفظ أمن المجتمع وسلامته، وضرورة الاطلاع المستمر على المواد القانونية المنظمة للاستخدام الأمثل لوسائل تقنية المعلومات تجنبا للمساءلة القانونية.