بالرغم من القرارات التي تتخذها وزارة العمل بحظر بعض المهن على العمالة الأجنبية الوافدة إلى السلطنة، إلّا أنَّ أعداد القادمين منها تزايدت خلال الآونة الأخيرة بعد سنتين من التراجع أدت إلى خروج هذه العمالة من البلاد، بسبب تراجع أسعار النفط والحركة الاقتصادية وتفشي جائحة كوفيد-19؛ الأمر الذي أثر بصورة كبيرة على عدة قطاعات اقتصادية من بينها القطاع العقاري وقطاع البيع بالتجزئة والمطاعم والفنادق بجانب الحركة السياحية عمومًا.
اليوم.. إجمالي عدد السكان في السلطنة بلغ في النصف الأول من العام الجاري نحو 4,728,372 نسمة منهم 2,833,715 نسمة من العمانيين، و1,894,657 نسمة من الوافدين وبنسبة 59.9% و40.1% على التوالي وفق بيانات النشرة الفصلية لشهر يوليو 2022 الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. والغالبية العظمى من السكان يقطنون محافظة مسقط؛ حيث بلغ عددهم 1,392,839 نسمة وبنسبة 29.4% من إجمالي السكان، في حين تتوزع النسبة الباقية وقدرها 70.6% على بقية المحافظات العمانية الأخرى.
وهناك اليوم مجموعات كبيرة من الوافدين تعمل في السلطنة؛ حيث بلغ عددهم في القطاعين العام والخاص نحو 1,553,981 عاملا وافدا في النصف الأول من العام الحالي، منهم 31125 وافدا يعملون في المؤسسات والأجهزة الحكومية، إضافة إلى 1,250,880 وافدًا يعلمون في مؤسسات وشركات القطاع الخاص، و27976 وافدا يعملون في القطاع العائلي نتيجة لاحتياج الأسر العمانية لهم.
أما من حيث جنسيات العمالة الوافدة، فما زال العمانيون يفضلون العمالة الآسيوية على العمالة الأخرى؛ لأسباب عديدة أهمها معرفة هؤلاء الشخاص باللغة الأجنبية المتداولة في مؤسسات القطاع الخاص، بجانب الإخلاص والجودة التي يقدمونها في العمل لساعات طويلة. وتحتل العمالة البنغالية المرتبة الأولى وفق بيانات النشرة بحيث بلغ عدد العاملين منهم في البلاد في النصف الأول من العام الحالي 587917 عاملا وافدا، تليها العمالة الهندية في المرتبة الثانية والتي بلغ عددها 506184 عاملا، فيما تأتي العمالة الباكستانية في المرتبة الثالثة بواقع 228681 عاملا، ثم العمالة الفلبينية بنحو 47512 عاملا في المرتبة الرابعة، في حين تأتي العمالة المصرية في المرتبة الخامسة بواقع 33171 عاملا، تليها العمالة السيرلانكية بنحو 22513 عاملا، ثم العمالة النيبالية بنحو 19812 عاملا، تليها العمالة التنزانية بواقع 11585 عاملا، ثم السودانية بنحو 8807 عُمّال، إضافة إلى 87799 عاملا وافدا يأتون من عدة دول أخرى وبأعداد صغيرة. وقد بينّت الإحصاءات أن 632666 عاملا وبنسبة 40.7% من هذه العمالة تتخذ من محافظة مسقط مقرًا لعملها، فيما تتوزع النسبة الباقية وقدرها 59.3% على بقية المحافظات الأخرى.
ووفق القطاعات الاقتصادية، فإن الغالبية العظمى من العمالة الوافدة التي تعمل في القطاع الخاص العماني تعمل في قطاع التشييد؛ حيث يبلغ عددهم 401016 عاملا بنسبة 26% تقريبا، يليه قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات بواقع 224251 عاملا وبنسبة 14.4%، فيما يعمل 184789 عاملا وبنسبة 11.9% في قطاع الصناعات التحويلية، يليه قطاع الخدمات الغذائية بواقع 115271 عاملا وبنسبة 7.4%، ثم قطاع الزراعة والحراجة وصيد الأسماك بنحو 90595 عاملا وبنسبة 5.8%، يليه قطاع الخدمات الإدارية وخدمات الدعم بعدد 76153 عاملا وبنسبة 4.9%، ثم قطاع النقل والتخزين بعدد 68241 عاملا وبنسبة 4.4%، فيما يعمل الآخرون في بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى؛ حيث تبلغ نسبتهم 25.2% تقريبًا.
وحسب المجموعات المهنية، فإن 32229 وافدًا يعملون بدرجة مديري الإدارة العامة والأعمال في القطاع الخاص العماني، فيما يعمل 51811 وافدًا في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية، ويختص 34629 وافدًا في الأعمال العلمية والفنية، و427 وافدًا في المهن الكتابية، و93866 عاملًا في مهن البيع، و471961 وافدًا في مهن الخدمات، و90404 عمال في مهن الزراعة وتربية الحيوانات والصيد، و104901 عامل في مهن العمليات الصناعية والكيمائية والصناعات الغذائية، فيما يعمل 642628 عاملًا في المهن الهندسية الأساسية والمساعدة.
أمر صحي أن نستعين ونبدأ بدعم التخصصات والمجالات الاقتصادية التي يحتاج إليها القطاع الخاص العماني؛ سواء من العمالة الوطنية أو غير العمانية، بحيث لا تتوقف حركة هذه القطاعات وإنتاجها في إطار التنويع الاقتصادي، في الوقت الذي أصبح فيه اليوم هناك منافسة شديدة في جذب العمالة الأجنبية المتخصصة والمتعلمة إلى دول المنطقة وخارجها. فالمستثمرون الأجانب يبحثون عن هذه القضايا قبل مجئيهم إلى أية دولة لمعرفة إن كانت هناك عمالة وطنية مؤهلة لدى تلك الدول للقيام بالأعمال المطلوبة، أو أن هناك صعوبات في تشغيل العمالة الوافدة خاصة في القطاعات التي يحتاجون إليها.
لا أحد ينكر أن اتخاذ قرارات تشغيل العمالة الوطنية وتوفير فرص العمل لهم يجب الاهتمام بها من قبل القائمين على المؤسسات الحكومية؛ بل يجب أن يُقبل هذا الأمر من قبل أصحاب المصالح والاستثمارات؛ سواءً أكانوا من السلطنة أو خارجها، إذا كانت هناك عمالة مدربة ومؤهلة للعمل لديهم؛ لأن كل دولة تعمل على تحقيق تلك السياسات من أجل تشغيل أبنائها في جميع التخصصات. ولكن علينا ألا نعمل على نفور الاستثمار الأجنبي وفئة الراغبين في المجيء إلى السلطنة من أول لحظة، من خلال التركيز على هذه القضية؛ الأمر الذي يعطي الانطباع السلبي للمستثمرين بأنه من الصعب تحقيق مبتغاهم وفق رغباتهم؛ بل على القائمين على تشغيل العمالة الوطنية العمل على جذب توجهات المستثمرين الأجانب وإعطاء فرصة القدوم لهم لتأسيس مشاريعهم واختيار العناصر الوطنية الكفؤة للعمل لديهم، وكذلك السماح لهم باختيار العمالة الوافدة، وعدم إجبارهم على قبول أي شخص للدخول والعمل في تلك المشاريع القادمة.
حيدر بن عبدالرضا اللواتي