إذا كانت السياسة لها جانبان: ثابت ومتحول، فإن العلاقات العمانية العربية كانت تبنى دومًا فوق أرضية «الثابت» بعيدًا عن المتحول وفق تذبذبات السياسة ومعطياتها المتغيرة. وكان هدف ذلك البناء على الدوام الرسوخ والبقاء، والتطور والنماء في إطار مسيرة إنسانية واجتماعية تنظر دائمًا إلى المستقبل وشواغله وضروراته لا إلى اللحظة الآنية المشغولة بالتفاصيل اليومية التي لا تلبث أن تتلاشى وسط مسيرة المتغيرات.
وبناء على هذه الرؤية ظلت العلاقات العمانية العربية وبشكل خاص العمانية الخليجية تنمو وتتطور، ولا تترك على صفحة يومياتها إلا سياقًا موصولًا من المحبة والصفاء.
وفي العهد المتجدد من الزمن العماني المجيد والممتد في عمق التاريخ كانت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تؤكد على الدوام على متانة العلاقات العمانية الخليجية والرغبة في تطويرها وتدعيمها بما يخدم الشعوب الخليجية المتطلعة إلى مزيد من التقارب والتعاون في مختلف المجالات. وهذه الرؤية السلطانية كانت مدعومة بسياق تاريخي في إدارة عُمان لعلاقاتها مع جميع الدول العربية ودول الجوار، وجميع دول العالم، وكان هذا السياق التاريخي يحظى دائمًا بدعم جماهيري من الأمة العمانية عبر التاريخ التي كانت تسعى لتوثيق عرى العلاقات مع الآخر وترفض رفضًا قاطعًا أسباب الشقاق مع الأخوة العربية والإنسانية.
ويمكن أن نقرأ اجتماع المجلس العماني السعودي وافتتاح أعمال المنتدى الاستثماري العماني السعودي الذي يأتي امتدادًا للنتائج الإيجابية للقمة العمانية السعودية التي عقدت في يوليو الماضي، وشكلت ذروة العلاقات العمانية السعودية والرغبة الصادقة من البلدين في استمرار تدعيم تلك العلاقات التاريخية. كما يمكن أن نقرأ في السياق نفسه اجتماع الدورة السابعة للجنة العمانية البحرينية التي بدأت أمس في المنامة وأكدت على أهمية الاستمرار في تعزيز الروابط الأخوية وكذلك تفعيل جوانب التعاون في المجالات الاقتصادية بشكل خاص إضافة إلى تعزيز العلاقات الاجتماعية الراسخة بين البلدين الشقيقين. وهذه الاجتماعات التي تعكس متانة العلاقات العمانية مع الدول الشقيقة مستمرة لأن الأسس التي قامت عليها باقية في أسس السياسة العمانية ومدعومة من قبل الشعب العماني الذي يرى أن الخليج العربي عمق من أعماقه الاستراتيجية.