إلتقيتها قبل خمس سنوات في بيت الأصهار بحي البيضاء تجرُّ وراءها مائة عام
كانت “ويكيبيديا” لنخل شاذون و”جوجل” تتصفحه الأسرة الشامخة دونما حاجة للإنترنت عن القرن الذي احتوى العمر.
سألتها عن أبيها الشيخ إبراهيم بن سيف الكندي عمامة جبل الشيبة.
وعن كندة المتوزعة بين الصعبتين والغريض.
وعن ميابين وطوي الحضارمة والطبقة والمجد.
سألتها عن القاضي إبن الشهيد.
وعن القاضي ابن الأم الشهيدة.
وعن العالم والمدرس بالسعيدية وبقصر الحصن.
وعن أخيها الشاعر الشيخ مالك بن إبراهيم الكندي.
سألتها عن مائة عام هدر فيه أسطول سيارات والدها بين البندر وشاذون.
وعن إطارات “ميشلان” تكتب البشارات على الدروب الرمادية.
وعن الهرنات التي تستيقظ عليها فرحة “الشُّومات”.
سألتها عن زمن جميل عاشته ، وأمكنة حالمة توزعتْ عليها تفاصيل الحياة بين كندة والمزاريع.
وبين نخل والرستاق.
ورغم أن لقائي بها كان الأول وللأسف الاخير إلا أنها كانت ككل الأمهات تتقدمهن الأنفس الزكية وصفاء السرائر فتسود في اللقاء ألفة الروح ، معها ومع زمنها.
ولقد لحقتْ أم سعيد بأسرتها الشامخة لتضيف لجبل الشيبة شموخا ، وللتراب النخلي المزيد من الأرصدة.
ولعلها من أمارات حسن الخاتمة أنها غابتْ عن الوعي نتيجة جلطة دماغية فألزمتها الفراش لأيام ، وقبل دقائق من رحيلها وكانت أسْرتها حول فراشها تتلو في سمعها سورة “المؤمنون” ، استردَّتْ شيخة كندة وعيها عند منتصف السورة فأكلملتْ هي السورة ثم واصلت إغماضتها الأخيرة عند الآية الأخيرة.
لقد رحلتْ شيخة كندة ، فيا حزن “شاذون” بوجوه لم تعد تبرق في السكيك.
ويا لِيتَيَتُّمِ الدروب وهي تسترد شذى الخطوات.
حمود بن سالم السيابي
الثاني من أغسطس ٢٠٢٢