فوجئ سكان العديد من المحافظات بعد ظهر الإثنين الماضي، بانقطاع التيار الكهربائي دون سابق إنذار، ودون تنويه من أي جهة بأنَّ ثمّة أعطال حدثت في التيار الكهربائي أو أنه يجري العمل على إصلاح العطل، بينما مرت ساعة عصيبة على كل من انقطعت عنهم الكهرباء، ليقرأوا تصريحًا مقتضبًا للغاية يقول إن هناك انقطاع في التيار الكهربائي وإنه جارٍ العمل على إعادة التيار الكهربائي تدريجيًا.
تلى ذلك جملة من البيانات استمرت حتى قبل فجر يوم الثلاثاء بقليل، حيث أُعلن عن استعادة خدمات الكهرباء بالكامل بعد ما يزيد عن 12 ساعة تقريبًا من الانقطاع الذي يحدث لأول مرة منذ أن اكتملت منظومة البنية الأساسية لقطاع الكهرباء.
الصدمة التي نتحدث عنها أصابت العديد من فئات المجتمع، فهناك الأم التي هرعت إلى منزلها لتطمئن على أولادها الجالسين في البيت مع أحد أفراد الأسرة أو بدون، وهناك صاحب المصنع الذي لم يتمالك نفسه وهو يرى المعدات متوقفة عن العمل وكأن موتًا سريريًا أصابها، وتكبد خسائر كبيرة جراء توقف الإنتاج، وأيضًا المؤسسات الحكومية التي لم تستطع تقديم أي خدمة، والبنوك وأجهزة الصراف الآلي التي تعطلت تمامًا، والأسوأ من ذلك الزحام والفوضى الشديدة في إشارات المرور التي توقفت أيضًا، والطوابير المكدسة أمام محطات الوقود في انتظار تعبئة الخزان بالبترول، وغيرها الكثير من المشاهد التي عكست حالة الصدمة المفاجأة والشلل الذي أصاب الحياة العامة في تلك الساعات.
ولعل هذه الأزمة تقدم لنا دروسًا وعبرا، نستطيع من خلالها تجويد أداء المؤسسات في التعامل مع الأزمات؛ إذ لا ننكر أن الانقطاع المفاجئ كان خارجًا عن السيطرة، لكن في الوقت نفسه على الجهات المعنية أن تسرع في إجراءات التحقيق الفني واستخلاص النتائج واتخاذ ما يلزم من إجراءات بعد ذلك لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث، وحتى إذا تكررت- لا قدَّر الله- نكون على أتم الاستعداد لها.
أيضًا هذه الحادثة تؤكد لنا مدى الحاجة لتوفير بدائل للطاقة، وخاصة في المؤسسات العامة والخاصة؛ حيث إن وجود مولدات طاقة قادرة على تعويض انقطاع الكهرباء لساعات طويلة بات أمرًا ضروريًا ومهمًا، لأنه سيضمن ديمومة تقديم الخدمات وقيام مختلف الجهات بدورها على أكمل وجه. والحقيقة أن هناك العديد من البدائل في هذا الصدد، منها شراء مولدات طاقة تعمل بالطاقة الشمسية، يمكنها تخزين الطاقة أثناء النهار، علاوة على المولدات التقليدية التي تعمل بالوقود. أيضًا يمكن للمنازل تبني حلول الطاقة الشمسية لتكون مصدرًا احتياطيًا للطاقة في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وهناك مؤسسات صغيرة ومتوسطة تقدم مثل هذه الحلول وبأسعار معقولة، وفي حالة زيادة الطلب على هذه الحلول وارتفاع أعداد الشركات التي توفرها فإن السعر سيشهد تراجعًا بلا شك.
وختامًا.. إنَّ ما حدث يوم الإثنين نأمل ألا يتكرر، وأن تكون هناك بدائل متاحة دائمًا وأن تعمل المؤسسات المعنية على إدارة الأزمات بكفاءة واقتدار؛ لأنَّ هذا ما يستحقه وطننا العزيز الغالي.. وأودُ هنا قبل أن أختم مقالي أن أوجّه الشكر إلى الكفاءات الوطنية الذين لم يعودوا إلى بيوتهم إلا بعد إعادة الكهرباء.
علي بن بدر البوسعيدي