تعد الأسواق الشعبية من السمات التي يحرص عليها أبناء الشعب العماني في جميع ولايات السلطنة وللأسواق العمانية التقليدية خاصية متميزة في البيع والشراء خاصة في المناسبات التي اعتاد العمانيون على ارتيادها ومنها سوق الحمراء الذي كان مركزا تجاريا يقصده الباعة والمشترون من ثلاث محافظات الداخلية والظاهرة والباطنة جنوب بحكم مناطقها الجبلية الأقرب لهذه الولاية وتنتعش فيها الحركة التجارية تبعا لنشاط السوق التقليدي «عمان» استطلعت مدى تأثير جائحة كورونا (كوفيد-19) على سوق الحمراء وقد يكون نموذجا للأسواق التقليدية الأخرى في بقية الولايات وأيضا تأثر العاملين بها والذين كانوا يعتمدون في كسب معيشتهم من هذه الأسواق إلى جانب مرتادي السوق من الباعة والمشترين ومن خلال لقاءاتنا في سوق الحمراء يقول علي بن عبيد العبري: نحن اعتمدنا على الله عز وجل وعلى هذا السوق في كسب معيشتنا وبنينا عليها أسرا ونشأنا أبناءنا مما نكسبه من هذا السوق حيث وجنا آباءنا يعملون فيه وسطاء عن طريق المناداة إلا ان جائحة كورونا أثرت على حركة السوق بمنع المناداة مما أفقد السوق نشاطه وشل حركة البيع والشراء بداخله مما اضطر أصحاب المنتجات الزراعية والحيوانية ومربو نحل العسل الى اللجوء الى طرق أخرى لتسويق منتجاتهم حيث كانت المناداة الفيصل في تحديد قيمة المنتج أو السلعة المعروضة في السوق بين البائع والمشتري وإننا نناشد اللجنة العليا للتعامل مع جائحة كورونا (كوفيد-19) والجهات المختصة النظر في إعادة نمط الأسواق التقليدية إلى طبيعتها والسماح بإقامة المناداة مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية.
دورها في المواسم
ويضيف سعيد بن مسعود بن زيد العبري حول الأسواق التقليدية قائلا: يعد سوق الحمراء من الأسواق التقليدية الذي اشتهر بنشاطه التجاري وقوة حركة البيع والشراء خاصة في المواسم المختلفة مثل الاستعداد للأعياد الدينية ومواسم الحصاد حيث يقصد السوق الباعة من المزارعين محملين بمحاصيلهم لبيعها في السوق وتكون المناداة هي الفيصل إلى جانب الكثير من العاملين بالسوق يكسبون رزقهم من خلال عملهم فنجد من يقوم بتحميل وتنزيل المنتجات ومن يقوم على النداء والكتاب الذين يقومون بكتابة ما يتم بيعه عبر المناداة في عرصات السوق المختلفة مثل عرصة مناداة الأغنام والأبقار وعرصة بيع التمور وعرصة الفواكه والخضروات وعرصة بيع عسل النحل الذي تميز به سوق الحمراء في تلك المواسم ومع توقف المناداة في السوق توقف كل شي وأصبح السوق خال من تلك الحركة وانقطعت أرزاق من يعملون فيه والذين كان الاعتماد الوحيد في كسب الرزق منذ القدم وعاش عليه الأجداد والآباء ونأمل أن تعود الأسواق التقليدية الى ما كانت عليه قبل الجائحة.
طعم البساطة
ويقول سعيد بن عبدالله الخياري: للأسواق التقليدية طعم البساطة وتعد أحد الموروثات التاريخية التي تميزت بها بلادنا ويجب المحافظة عليها واستمرارها لكي تبقى نموذجا للأجيال القادمة وحتى لا تندثر هذه العادات والتقاليد في التعامل مع البيع والشراء من خلال هذه الأسواق والتي تختلف في طبيعتها عن الأسواق العصرية والمولات الحديثة فتكون أمام الأجيال مقارنة بما يتم بيعه في الأسواق التقليدية والمتاجر الحديثة التي تعمل على تحديد السعر كيفما تشاء وقد حرصت حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- على تطوير وتحديث الأسواق التقليدية وبناء القاعات ( العرص) لإقامة المناداة والبيع والشراء بالطريقة التقليدية التي تريح البائع والمشتري فكل الإجراءات واضحة أمام الباعة والمشترين حيث يستفتح عامل السوق ويبدأ النداء بكلمة كم قسم الله فيرسم له أحد الحضور بسعر يقدر فيه قيمة المعروض وتتم بعدها المزايدة حتى تصل إلى قيمتها السوقية فيكون التراضي بين البائع والمشتري وكانت الأسوق في الماضي وحتى وقتنا قبل الجائحة تستقبل كافة المنتجات الزراعية والحيوانية ولها طابعها المميز في مواسم الأعياد عندما يتم جلب قطعان المواشي من المناطق الجبلية الرعوية التي تتميز بها ولاية الحمراء.
تعطيل الأسواق التقليدية وضعتنا في حيرة
ويقول عيسى بن سعيد الهنائي أحد مرتادي سوق الحمراء: يعتبر السوق الوجهة الوحيدة التي نقصدها لبيع منتجاتنا الزراعية والحيوانية الى جانب اعتماد الرعاة في المناطق الجبلية الذين يجلبون قطعان المواشي لسوق الحمراء في مواسم الأعياد حيث نحرص على جمع محاصيلنا الزراعية وتربية المواشي لهذه المواسم المتعارف عليها وتشهد الأسواق الشعبية حركة استثنائية في البيع والشراء تكون مفتوحة أمام جميع الباعة والمشترين ويكون هناك تبادل تجاري بين الأسواق حيث تتاح الفرصة أمام طالبي الرزق بأن يشتري المنتج الزراعي والحيواني من سوق ولاية ما ويذهب به الى سوق ولاية أخرى ويكسب رزقه من ذلك المنتج الى جانب استفادة القائمين على تلك الأسواق من كسب رزقهم عن طريق هذا البائع فتتداول السلع ويعم الرزق ويسود الرضا بين البائع والمشتري الى جانب المداعبات والتعارف عند ارتياد الأسواق التقليدية من جميع الولايات فتقوى العلاقات بين الناس ويزيد التواصل وينتج عنه أيضا تقوية الترابط الأسري والمجتمعي وبسبب جائحة كورونا والتي أثرت على الاقتصاد العالمي فلم تسلم الأسواق التقليدية من وقعها عليها ففشلت الحركة وتلاشى بريقها وأصبحنا في حيرة كيف نبيع محاصيلنا التي بذلنا فيها جهدنا من العمل ودفع المال للعاملين في هذه الحقول وعند عرضنا لبيعها فالشاري يقول السعر مرتفع جدا ونحن نقول السعر الذي حددناه مناسب أو منخفض وقلما يتم التوافق لكن الأسواق التقليدية والمناداة هي الفيصل وتحقق الرضا بين البائع والمشتري ونأمل أن تعود الأسواق التقليدية الى عهدها السابق والمعهود عنها بطبيعتها.