رفعتُ الغطاء! وأزحتُ الظلام! وأنرتُ المزهرية! بعد أن سمعتُ شهقات بكاءٍ خفي قد تخلله نحيبٌ لم أسمعه إلا لحظة اندفاعي السريع نحو الشرفةِ المحاذية للجدار المجاور لجدار بيتنا! يالها من لحظات متعبة! نعم إنها لحظات معتبه! مالذي ساقني إليها؟! أيها الصمتُ الرهيب :-
أمتَّني مرتين! مرةٌ فتحت باب الغرفةِ المظلمة وظللت واقفاً في حيرة ءأدخل أم لا! والمرة الثانية..عندما دخلتُ الغُرفة وأنا أخطو خطواتي البطيئة وكأنّ أحدٌ يشدُّ ركبتي وساقي محاولاً منعي من التحرك إلى داخل الغُرفة….
يآالله يآالله مالذي يجري؟!مالذي يحدث؟! وفي داخلي صراع هواجسٍ لها حساباتٌ المخافةِ من ظلمة المكان الذي يتكرر فيه همس البكاء وشهقاته التي تحاول أن تكون خافتة، إلا أن وصلت الى مفاتيح الإنارة فتمكنتُ من تنوير المكان! وإضاءته مهلاً أيها الباكي تريّث :- أرجو أن تسمعني بكائك المختلط بشجن المسكنة! التي ترهق الوجدان! نعم أرجو أن تعّلي صوتك ، إن الليل بكل سكونه الممتزج بسقف السماء الأبيض الفضي المتزيّن بأجرامه ومجراته ونجومه البهية الوضاءة بتشكيلاتها الإلهية الربانية الرائعة! يتحالف معك! لأنه سرمد ولأنك تتأَوَّه في بكائك وشهقاتك ماأجملها من لحظاتٍ رغم غُبار الحزن المعتم! ورغم إرهاق نحيبك لمسامعي……
ارجوك فإنني بصدد تأليف معزوفةِ ألحانٍ مليئةٌ بالشجن وصياغةِ نوتةٍ لسُمّارِ الجوى! يالهولِ ماأسمع! نبراتٌ رقيقةٌ زُرينيةٌ رهيبةٌ تنبئ بمسكنتها! وحلاوةُ عويلُها المولول المملوء نداءاً صافياً رطباً تتخلله روح الشوق! وعتاباتِ النوى! وعذابات التمادي في الإفتراق! ماأصعبها من مشاعر! لقد انهكها الظلامُ الدامس! يا وجدي الهامس لقلبي في ديجور ليلي! انني لأحتمل القذى!
أزِح عن جفني الكرى! خفف ثقل مطرفي في هدوءٍ سأنصت لنوح ذلك الصوت الباكي! إنه بوحٌ شاكي من آلآم جرحٍ ليس له إلتئام! في صمت الكون وألتفاف بسط الظلام حول ثكناتُ المشاعر وخيالاتُ الملام
ك/ فاضل بن سالمين الهدابي