وصل إلى السلطنة جياني انفنتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” مؤخرا، وبتكليف سامٍ من مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- استقبل صاحب السمو السيّد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان، رئيس الفيفا، وحضر هذا اللقاء المهم كبار الشخصيات المعنية بالملف الرياضي في السلطنة وهما وزير الشؤون الرياضية ورئيس الاتحاد العماني لكرة القدم.
وبدأ الاهتمام بهذا اللقاء بعد أن تداولت وكالات الأنباء العالمية خبر تبني رئيس “الفيفا” فكرة زيادة المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم مونديال ٢٠٢٢ من ٣٢ منتخبًا إلى ٤٨ منتخبًا بزيادة ١٦ منتخبًا عن البطولات العالمية السابقة، علما بأنّ هذا القرار تم إقراره، على أن يطبق رسميًا في بطولة كأس العالم في مونديال ٢٠٢٦ وفي ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، غير أنّ رئيس الفيفا أراد تبني هذا المشروع مبكرًا وفي عام ٢٠٢٢م، ودراسة “إشراك” دول خليجية أخرى لتنظيم البطولة الكروية الأهم على مستوى العالم. وتمّ اقتراح السلطنة ودولة الكويت، بالإضافة إلى دولة قطر الفائزة باستضافة بطولة كأس العالم في نسختها الثانية والعشرين منذ ٩ أعوام وتحديدا في ٢ ديسمبر ٢٠١٠م.
أجزم أنّ أكثر تداول لاسم “عمان” في مواقع البحث الإلكترونية والوكالات الإعلامية العالمية كان في الأسبوع الماضي بسبب تداول خبر “تدارس أو دراسة” إمكانية إشراك جيران قطر الذين يحظون بقبول عالمي وليس لديهم خلافات سياسية معها، وهما عمان ودولة الكويت. علينا أن نتصوّر كيف سيكون انتشار اسم السلطنة بين أكثر من مليارين من سكان العالم وأن تتم الموافقة على مقترح رئيس الفيفا من حيث المبدأ في اجتماع مرتقب يومي ١٤ و١٥ مارس الجاري في مجلس الفيفا المكون من ٣٧ عضوا ممثلا للقارات، وأن يتم إقراره لاحقا في كونجرس الفيفا خلال اجتماعه في باريس الفرنسية في ٣ يونيو ٢٠١٩م من قبل ٢١١ عضوا أو بأغلبية أعضائه المنتسبين إلى عضوية الفيفا شريطة عدم إيفاء دولة قطر ببناء ٤ ملاعب جديدة في دولة مساحتها الجغرافية محدودة جدًا، فإن مرّت سلسلة هذه الاجتماعات بيسر ودون مفاجآت غير محسوبة أو تدخلات سياسية كبرى، حينها يمكن أن نقول إنّ عمان يمكن أن تكون جزءًا من هذا العرس الكروي العالمي وأغلى وأهم بطولة في العالم.
وعلى الرغم من المسؤولية الكبيرة لتنظيم بطولة كأس العالم، إلا أنّه علينا أن نتفق على أنّ الظروف وحدها قد تقودها إلى السلطنة في مونديال ٢٠٢٢، مما يعني أنّ الظروف تقدم هذا الملف إلى السلطنة كهدية وعلى طبق من ذهب دون عناء وصبر أكثر من ١٢عامًا من تجهيز الملف وتقديمه إلى كأس العالم كما هو حاصل مع دولة قطر، فهذه ميزة محورية دون جهد، فبجانب المزايا الأخرى التي ستحصل عليها السلطنة في حصولها على حقوق تنظيم جزء من البطولة من سمعة وسياحة وشهرة عالمية وخبرات تنظيمية، فإنّ هناك مزايا أخرى تتمثل في توظيف آلاف المواطنين وتدريبهم وإنعاش الاقتصاد المحلي بجانب الراحة النفسية لمواطنيها والسرعة الصاروخية في وتيرة تجهيز بنى أساسية بمواصفات عالمية لم تكن متضمنة في خطط السلطنة الخمسية التاسعة أو حتى العاشرة، وهي فرص جديدة لم تكن في البال ولا الحسبان، فضلا عن سرعة تبني قرارات تتناسب مع متغيرات المرحلة وتطوير أنظمة وهياكل إدارية لم تكن لتحصل لولا هذه المفاجأة السارة للجميع والتي يمكن أن تحدث. وبالطبع هناك تحديات لوجستية ومالية وأمنية إلا أننا وبتكاتفنا جميعا قادرون على تجاوزها.
قرار منح السلطنة تنظيم جزء من أغلى بطولة في العالم سيمر بمراحل أولها في ميامي الأمريكية في مارس وبعدها في باريس الفرنسية في يونيو ٢٠١٩م، وعدم استطاعة دولة قطر بناء ٤ ملاعب أو عدم موافقة المجلس التنفيذي على هذه المخاطرة إلا بإشراك جيران قطر؛ أن تمّ هذا كله حسب ما نتمنى ولكي نكون سباقين في تفكيرنا قبل قراراتنا، علينا أن نستعد لجملة هامة وسؤال هام؛ وهذا السؤال هام لعمان لأنه يتطلب الموافقة من السلطنة أيضا، والجملة التي سيتبعها بسؤال التي سيأتي بها المتبني لهذه الفكرة أو هذا المشروع وهو رئيس الفيفا، والجملة هي: نبارك لكم موافقة المجلس التنفيذي والجمعية العمومية للفيفا على مقترح توسعة رقعة المشاركة من ٣٢ منتخبا إلى ٤٨ منتخبا، وبهذه المناسبة السعيدة نزف لكم خبر اختيار سلطنة عمان لتستضيف جزءا من هذا العرس العالمي وهذه الأمنية التي تتمناها بل وتتقاتل على هذه البطولة العالمية معظم دول العالم التي سيتابعها أكثر من ملياري شخص حول العالم والمساهمة في تنظيم هذا العرس الكروي العالمي وأكثر الرياضات شعبية حول العالم، فما رأيكم؟
في هذه المرحلة من هذه الرحلة المفاجئة وإن تمت حسب مراحلها المشروحة أعلاه نتمنى وهذه أمنية معظم العمانيين إن لم يكن جميعهم أو أغلبهم تحويل هذا الحلم إلى حقيقة؛ لأن مثل هذه الفرص العالمية لا تأتي إلا نادرا، وندعو هنا كل مسؤول حكومي يمر عليه هذا الملف أو المشروع أو الحلم أن يستحضر الفرص التي ستعم على الجميع بدلا من التركيز على المحبطات والسلبيات التي يمكننا وبتكاتف الجميع تجاوزها، وندعو كل المواطنين والمواطنات أن يقفوا وقفة وطنية واحدة، ليقولوا وبأعلى صوت أنّ عمان عمليا قادرة على استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم إن عُرض عليها ذلك..
وإلى ذلك الحين، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يحول هذا الحلم والأمنية الغالية إلى واقع أجمل وأن يكون “كأس العالم في عمان”.
خلفان الطوقي