شاهدته يدخل جامع السلطان قابوس الأكبر في يوم الافتتاح يتقدم كوكبة من العلماء الذين يكسوهم الوقار فكان مشهد الدخول يليق بآخر الأزهريين الكبار الكبار الكبار.
وتتبعتُ عمامته تقترب من القبَّة المضاءة فأصبح للجامع الأكبر أكثر من قبة يزدان بها الأفق.
وأخذ العلامة القرضاوي موقعه في الصف الأول بجلبابه وجبته فنهضت زخرفة السجادة مآذن ومنابر ومحاريب.
وكلما أطلَّ الشيخ العلامة الدكتور يوسف عبر الشاشات رأيت فيه وجوه أبي وخالي سعيد بن خلف والشيخ محمد بن شامس البطاشي وكل الوجوه التي أعرفها فيزداد شعوري بالاطمئنان.
وكلَّما تصفحتُ سيرته شمختْ عمائمُ المشايخ محمد الخرشي ومحمود شلتوت وجاد الحق علي جاد الحق ومحمد عبد الرحمن بيصار وإبراهيم الباجوري ومحمد الفحام وعبد الحليم محمود فأشعر بالعزة.
تقاطع العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي مع توجهات مصر فداس على مشاعره ليخرج من أحب أرض الله إلى قلبه فيخسره الوطن.
وحلّ بدولة قطر التي آوته فكان شيخها ومرجعها ومنبر جمعتها فأضاف لها الكثير.
اجمعَ الكثيرون على أعلميته بامتداد رقعة الإسلام من أول مئذنة في أقاصي الصين في الشرق لآخر محراب في تطوان وإن اختلف بعضهم مع مشاريعه.
واعترف المسلمون بمكانته وإنْ عارض البعض البرامج السياسية والأجندات.
وساعة نعاه الناعي كان هناك من يبكيه كأب وكعالم وكقيمة وقامة ، وهناك من تنفس الصعداء بسقوط آخر القلاع رغم أن الخاسر الأكبر هو الإسلام سواء اختلفوا معه أو اتفقوا.
وبعودة صمصامة العرب إلى غمده يخسر المسلمون منافحاً عن الحوزة ومقاتلا عن بيضة الإسلام.
وتخسر قطر منصة كبيرة ارتفعت عليها ، وسارية عالية لعلمها.
إلا أن للفارس شوطه ، وقد ركضه بكامل عنفوانه حتى النفس الأخير.
إنَّ موت العلماء ثلمة في الإسلام ، فرحيل الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ثلمة للإسلامة وأية ثلمة.
————————-
حمود بن سالم السيابي
مسقط في السادس والعشرين من سبتمبر ٢٠٢٢م.