خبراء ورجال أعمال: الكثير من الآمال معقودة على افتتاح الطريق البري المباشر –
كتب: ماجد الهطالي –
بعد زيارة «دولة» قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – إلى المملكة العربية السعودية، في يوليو الماضي، وجرى خلالها توقيع مذكرة تفاهم بشأن تأسيس «مجلس التنسيق العُماني – السعودي»، صعدت وتيرة الزيارات الرسمية وغير الرسمية بين السلطنة والسعودية، لمسؤولين ورجال أعمال من الجانبين لتسريع التكامل الاقتصادي بين البلدين.
وفي الأسبوع الماضي على هامش المنتدى الاستثماري العُماني-السعودي التقى عدد من مسؤولي الشركات المملوكة للجهاز الاستثمار العُماني مع نظرائهم في عدد من المؤسسات السعودية، بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في السلطنة والسعودية، ومناقشة المشروعات التي يُمكن أن تحقق التكامل والتعاون بين البلدين الشقيقين.
وأجمع خبراء ورجال أعمال أن الدولتين المحوريتين في المنطقة تمتلكان العديد من مكامن القوة والموارد، والتقارب الكبير بين الرؤيتين «عُمان 2040» و«المملكة 2030»، في الغايات والتوجهات الاستراتيجية، التي يمكن أن تشكل رافعة للتعاون والتكامل لتحقيق الأهداف المشتركة.
فيما يتساءل خبراء اقتصاديون عن موعد افتتاح الطريق البري المباشر بين البلدين، مع شبه جاهزيته، واصفين الطريق بالوريد الرئيسي والأساسي لتنشيط التبادل التجاري، وتحقيق تكامل سلاسل الإمداد والتجارة، والحج والعمرة، والسياحة وغيرها.
دراسة إنشاء شركة
وقال ناصر بن سعيد الهاجري رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال العُماني-السعودي لـ«وكالة الأنباء العمانية»: إن هناك دراسة لإنشاء شركة مشتركة بين رجال الأعمال العمانيين ونظرائهم السعوديين تحت مسمى «الشركة الخليجية» والمتخصصة في مجال البتروكيماويات والكيماويات.
وأوضح أن المستثمر السعودي يرغب في الاستثمار بالسلطنة في مجال الصناعات البتروكيماوية الأساسية والصناعة التحويلية والكيماويات المتخصصة والصناعات التعدينية والصناعات الغذائية والرخام والخدمات اللوجستية والاستزراع السمكي والاستثمار في القطاعات السياحية والعقارية.
وأضاف: إن المستثمر السعودي لديه رغبة صادقة في الاستثمار في السلطنة شريطة أن يكون هناك تطوير وتحسين للتشريعات والأنظمة وإجراءات استثمارية ميسرة وأكثر جاذبية للمستثمر السعودي بحيث يحصل على حوافز وتسهيلات أفضل من التي يحصل عليها بالمملكة العربية السعودية كالدعم والتمويل الحكومي وسهولة الحصول على القروض.
وأوضح أن زيارة الوفد السعودي للسلطنة جاءت في الوقت المناسب للاطلاع عن قرب على الفرص الاستثمارية المتاحة بالمدن الصناعية والمناطق الاقتصادية والحرة.
ووصف الزيارة إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بأنها ممتازة حيث استطاع الوفد السعودي أن يطَّلع على الإنجازات والتطور الكبير الذي شهدته المنطقة عما شاهده في زيارته للدقم عام ٢٠١٨ مشيدا بالجهود التي يبذلها المسؤولون بالمنطقة الاقتصادية التي تسير حسب الخطط والبرامج المدروسة.
وأشار ناصر بن سعيد الهاجري رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال العُماني-السعودي إلى أن المستثمرين السعوديين يبحثون عن استثمارات كبيرة في السلطنة تتعلق بالقطاعات الصناعية والبتروكيماوية وصناعة الكيماويات التحويلية والاستزراع السمكي والتعدين والأغذية والأعلاف الحيوانية وغيرها من الصناعات الأخرى.
الفرص الاستثمارية بالدقم
وتضمن برنامج الوفد السعودي زيارة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لفتح آفاق للمستثمرين السعوديين والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات وتعزيز مبدأ الشراكة والتكامل في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية المشاركة بين الجانبين.
وأوضحت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أنه تم إنشاء المنطقة بهدف استقطاب مجموعة متنوعة مــن الأنشطة الاقتصادية كالمصافي والصناعات البتروكيماوية والأنشطة التجارية والسياحية واللوجستية والصناعات الخفيفة والمتوسطة والصناعات السمكية ومشروعات التطوير العقاري، وتتيح لهــا مساحتها الشاسعة البالغة (2000) كيلومتر مربع مواكبة طلبات المستثمرين الراغبين في الحصول على أراضٍ كبيرة نسبيًا لتنفيذ مشروعاتهم الاستثمارية، كما تفسح المنطقة المجال للمطورين الراغبين في تنفيذ مشروعات متنوعة على مساحات تزيد على (50) هكتارا تنفيذ مشروعاتهم مــع منحهم مزايا إضافيــة، بالإضافة إلى أن المنطقة تهدف لتكون من المناطق الجاذبة للعمل والعيش بها. وتشمل قائمة القطاعات الرئيسية للاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، قطاع المصافي وتخزين النفط والصناعات البتروكيماوية، والصناعات الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وقطاع النقل والخدمات اللوجستية، والاستثمار في قطاع التعدين، والتطوير العقاري، والصناعات السمكية والغذائية، والخدمات الصحية والعلاجية وإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية، والاستثمار السياحي وإنشاء الفنادق والمنتجعات السياحية، وإنشاء الأسواق والمجمعات السكنية والتجارية، وإنشاء المدارس الخاصة والمعاهد التدريبية والكليات الجامعية.
مكامن القوة والموارد
وقال الدكتور يوسف بن حمد البلوشي خبير اقتصادي ورجل أعمال: إن السلطنة والسعودية هما دولتان محوريتان في المنطقة وهناك العديد من مكامن القوة والموارد التي إن تم التعامل معها من منظور استراتيجي ستنتج عنها فوائد اقتصادية واجتماعية جمة تلامس المواطنين في الدولتين، موضحًا أن عمق الترابط الشعبي بين البلدين والعلاقة الأخوية بين القيادتين التي تجمعهما يمثل عوامل الترابط والتكامل فرصة كبيرة للارتقاء بالعلاقات الثنائية، وخاصة الاقتصادية بما يخدم المصالح المشتركة، ويعظم الاستفادة من الروابط الأخوية والتاريخية بين البلدين. وذلك من خلال الدور الكبير الذي يمكن أن يقوم به القطاع الخاص من كلا الجانبين لرفع آفاق التعاون الاقتصادي وتعزيز التجارة البينية وإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة.
وأوضح الدكتور يوسف البلوشي أن القطاع الخاص يمكن أن يلعب دورا مهما في رفع التبادل التجاري والاستثماري في ظل الإمكانات الموارد التي يمتلكها البلدان الشقيقان، وأن هناك العديد من المجالات التي يمكن من خلالها تعزيز فرص التكامل والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في القطاعات المُختلفة.
وأشار البلوشي إلى تقارب الرؤيتين «عُمان 2040» و«المملكة 2030»، في الغايات والتوجهات الاستراتيجية، التي يمكن أن تشكل رافعة للتعاون والتكامل لتحقيق الأهداف المشتركة، حيث تناديان بضرورة تغير النموذج التنموي القائم على النفط والغاز والاستيراد للسلع والخدمات وتعوّل الحكومات في إدارة ملفات الإنتاج والتشغيل إلى نموذج قوامه إطلاق قاطرات النمو المتعددة وتعزيز الإنتاج والقيمة المضافة والمكون المحلي وزيادة الصادرات والشراكة الحقيقية مع شركات القطاع الخاص للقيام بواجباته تجاه ملفات الإنتاج والتشغيل والتصدير.
وأضاف الدكتور يوسف البلوشي: أن البلدين يمتلكان بنية أساسية وموارد بشرية جاهزة لانطلاق والتحول النوعي وفق المعطيات الجديدة كتغيرات في قطاع الطاقة والثورة الصناعية الرابعة وجائحة كورونا، والتغيرات الديموغرافية، موضحًا أن الاقتصاد السعودي يمتلك العديد من القاطرات الإنتاجية التي تحتاج إلى أسواق جديدة ويمكنها من خلال الموقع الجغرافي المتميز الولوج إلى أسواق كبيره كتلك المطلة على المحيط الهندي والقرن الإفريقي والتي تتمتع السلطنة معها بعلاقات تجارية تاريخية.
وترتبط السلطنة باتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة التي تمكن وصول المنتجات والسلع المختلفة إلى السوق الأمريكي. وأشار إلى أن الاقتصاد العُماني يتمتع بالعديد من المزايا التنافسية التي تمكنه من جذب الاستثمار المحلي والإقليمي والدولي وتوفير فرص عمل فريدة للمستثمرين المحليين والأجانب، حيث تعتبر السلطنة واحة من الاستقرار ومركزًا لوجستيًا استراتيجيًا في المنطقة، ويُمكن موقع السلطنة الاستراتيجي المستثمرين من الوصول إلى ثلاث قارات وأكثر من اثنين مليار مستهلك، وهناك الكثير من الآمال معقودة على افتتاح الطريق البري المباشر الذي يربط السعودية بالسلطنة والذي من شأنه أن يختصر المسافات ويخفض التكاليف ويسهل انسيابية السلع والخدمات والأفراد بين الدولتين الشقيقتين.
علاقات راسخة
ووصف الدكتور سالم الجنيبي رئيس مجلس إدارة فرع الغرفة بمحافظة الوسطى العلاقات العمانية-السعودية بأنها راسخة ومتجذرة ووثيقة، موضحًا أن الزيارات الميدانية بين البلدين تعزز التواصل والتعاون الاقتصادي والتجاري في القطاعين العام والخاص في البلدين، وتطوير العلاقات التجارية والاطلاع على التجارب وتبادل الخبرات وتكثيف الجهود نحو إيجاد شراكات تجارية واقتصادية.
وأضاف: أن تقارب الرؤى بين البلدين يدل على أن العلاقات الاقتصادية بين البدلين تتجه نحو التكامل والشراكة الحقيقية خلال المستقبل القريب، مشيرًا إلى ثقل ومكانة المملكة العربية السعودية في المنطقة والعالم اقتصاديًا وسياسيًا، مما يتطلب الاستفادة من الخبرات والأفكار بين رجال الأعمال.
وقال سالم الجنيبي: إن الطريق البري المباشر الذي يربط البلدين سيساهم في رفع وتيرة التبادل التجاري وسيكون له أثر إيجابي كبير في انتعاش اقتصاد البلدين، مشيرًا إلى القطاعات التي تشكل أولوية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين كقطاع النفط والغاز واللوجستيات والأمن الغذائي وقطاع السياحة والصناعات التحويلية، مؤكدًا أن البنية الأساسية التي تمتلكها السلطنة وموقعها الاستراتيجي بالإضافة إلى الاستقرار السياسي وغيرها عوامل أساسية لجذب الاستثمارات.