إعادة تصميم المنتجات العقارية والتركيز على العقارات ذات الامتيازات الخدمية أبرز دروس جائحة كوفيد-19
(عمان): استبشر العقاريون بعودة الحياة تدريجيا بدءا من الشهر الجاري والتي تمنح القطاع العقاري بصيص أمل نحو التعافي من انعكاسات جائحة كوفيد-19 التي تقترب من عامها الثاني، إذ أكدوا في استطلاع لـ«عمان» أن القطاع العقاري استفاد الكثير من الدروس في فترة الجائحة وأهمها إعادة تصميم المنتجات العقارية والتركيز على العقارات ذات الامتيازات الخدمية .. متوقعين أن يعاود القطاع العقاري تدريجياً النمو بدءاً من العام المقبل 2022 مع التأكيد على أهمية دعمه بالتشريعات والقوانين التي تصب في صالح تعزيز وتمكين القطاع من مواكبة التطورات العالمية في التطوير العقاري والوساطة العقارية.
تباطؤ المطورين
وقال المهندس عاصم بن محمد الزدجالي رئيس مجلس إدارة الجمعية العقارية العمانية: لقد ساهمت التأثيرات المصاحبة لجائحة كوفيد-19 واضطرابات سوق النفط خلال عام 2020 في انخفاض الإيرادات المالية للدولة مما أثر على النشاط الاقتصادي بصفة عامة ومن ضمنه القطاع العقاري، وقد ألقت هذه الـتأثيرات بظلالها على القرارات التي اتخذتها الحكومة بزيادة مصادر الإيرادات غير النفطية من خلال تطبيق الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة ورفع رسوم التراخيص والخدمات إذ يتفق الكثير من المحللين والمشتغلين بالقطاع العقاري سواء من المستثمرين أو المستهلكين بأن الرسوم والضرائب التي فرضت على القطاع والنشاط العقاري ساهمت سلباً في تأثر هذا القطاع الاقتصادي الهام وخاصة مع تقليص نسبة الوافدين العاملين في مؤسسات العامة والخاصة بالإضافة إلى انكماش السياحة الخارجية، كل ذلك صب في انكماش التداول العقاري وتريث المستثمرين في عمليات الشراء وتباطؤ المطورين في تدشين مشاريع جديدة وخاصة مع ضعف التمويل العقاري من قبل البنوك في السلطنة، لذلك لجأ العديد من المطورين إلى طرح منتجات بمزايا تمويلية متوسطة المدى من 3 إلى 5 سنوات.
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالتأجير السكني فقد تأثرت نسب الإشغال في كل المناطق نتيجة انخفاض أعداد الوافدين بما يزيد عن 220 ألفاً حسب الإحصائيات الأخيرة وخاصة مع محدودية السفر وتشديد الاحترازات، فقد تأثرت القيمة الإيجارية في المناطق غير المخدومة بانخفاض حاد تجاوز 25% بينما المناطق في مراكز المدن وذات الخدمات الجيدة كان الانخفاض محدوداً، فيما يتعلق بالمساحات المكتبية فقد شهدت شبه توقف في الطلب مع تغير ممارسات العمل المكتبي إلى العمل عن بعد بالإضافة إلى تصفية عدد من الشركات وقلة تأسيس شركات جديدة.
استمرار الطلب
وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية العقارية العمانية أن الطلب لا يزال موجوداً سواء للتملك أو التأجير في المناطق الخدمية مع تغير النمط المعيشي، وهناك الكثير من الدروس المستفادة خلال فترة الجائحة وأهمها إعادة تصميم المنتجات العقارية والتركيز على العقارات ذات الامتيازات الخدمية بالمبنى مثل المسابح والمواقف والصالات الرياضية والحدائق، بالإضافة إلى أهمية توفر مساحات للعمل أو الدراسة عن بعد .. مؤكداً أن تعافي القطاع العقاري رهين بالسياسات التي ستنتهجها الحكومة المتعلقة بتشجيع الاستثمار وتسهيل الإجراءات والتوظيف وقيود جلب الأيدي العاملة الوافدة وفرض الرسوم والخدمات وغيرها من السياسات التي تؤثر على النمو السكاني من جهة وتأسيس الشركات وجذب رؤوس الأموال من جهة أخرى.
وأضاف: لا يزال القطاع العقاري بِكراً ويحتاج الكثير من الدعم والتنظيم والتسهيل من أجل تقديم تحسن نوعي في الخدمات والمنتجات من قبل المشتغلين في القطاع، إذ أن أهم ما يحتاجه القطاع العقاري هو تطبيق التشريعات المناسبة التي تخدم المطورين وتحمي المستثمرين مع وضوح الإجراءات وسرعة إنجاز المعاملات، كل ذلك بالإضافة إلى التوازن في فرض الرسوم والضرائب وسهولة التمويل وسرعة استيعاب الأعداد المرصودة للتوظيف وتشجيع الاستثمار مما سيسرع من وتيرة العمل ويساعد على تحسين جودة الخدمات والمنتجات العقارية وبالتالي زيادة الطلب على العقار.
العودة التدريجية
وقال حسن بن خميس الرقيشي، رئيس لجنة التطوير العقاري والإنشاءات بغرفة تجارة وصناعة عمان: إن القطاع العقاري هو قطاع مرتبط بكل القطاعات الاقتصادية ويتأثر بما تتأثر به القطاعات الأخرى وكان ذلك واضحاً خلال جائحة كوفيد-19 التي مضى عليها ما يقارب العامين بالإضافة إلى التشريعات الجديدة التي صدرت خلال الفترة الماضية أضف إلى ذلك إغلاق مجموعة من الشركات في القطاع العقاري بسبب تراكم الخسائر وخروجها من الوحدات العقارية سواء أكانت سكنية أم تجارية ومغادرة مجموعة كبيرة من الأيدي العاملة الوافدة للسلطنة إذ بلغ تأثير الجائحة ما يقارب 40% من إجمالي المؤثرات الأخرى على القطاع العقاري التي تزامنت مع جائحة فيروس كورونا.
وأشار إلى أن العودة التدريجية للحياة منذ الأول من الشهر الجاري يصب في التعافي للعديد من القطاعات الاقتصادية وبينها القطاع العقاري الذي ربما يحتاج إلى مدة طويلة للتعافي بالإضافة إلى القوانين والتشريعات التي تسهم في عودة القطاع العقاري إلى وضعه الطبيعي .. وثمة شقان إذا ما تحدثنا عن القطاع العقاري وهما العاملون في القطاع العقاري والتطور العقاري بشكل عام، إذ خرج العديد من العاملين في القطاع العقاري بسبب عدم وجود بعض التشريعات التي تعزز تنظيم هذا القطاع بشكل أفضل لجذب الاستثمارات بالإضافة إلى الضرائب وارتفاع رسوم التراخيص مما أدى إلى عدم استقطاب هذا القطاع للكثير من العاملين بالإضافة إلى محدودة الوظائف للباحثين وعدم وجود ترقيات ومغادرة مجموعة من الأيدي العاملة الوافدة كلها انعكست على تراجع القطاع العقاري في السلطنة.
صدور اللوائح
وأضاف: إن ممكنات القطاع العقاري في السلطنة عديدة وكثيرة؛ منها وجود تشريعات حقيقية تلامس احتياجات السوق العقاري للشقين العاملين في القطاع والتطوير العقاري، وكذلك التسهيلات والمرونة إذ صدرت العديد من المراسيم السلطانية ولكن لم تصدر اللوائح المنظمة لهذه القوانين والتشريعات من ضمنها التملك لغير العمانيين في المناطق السكنية التي لم تطبق إلى الآن، بالإضافة إلى ضرورة الأخذ بمرئيات القطاع العقاري في القرارات التي تتعلق بالسوق العقاري، ومن الممكنات للقطاع تعزيز التوعية لموظفي القطاع العقاري وتدريبهم وتأهيلهم، والاهتمام بمرتادي القطاع العقاري كونه يخدم كافة القطاعات، وتمكينه لتوليد فرص عمل للباحثين عن عمل ودعم التطوير العقاري بما يتواكب مع دول العالم عبر وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة الشؤون القانونية كجهات معنية بتعزيز التشريعات والقوانين للنهوض بالقطاع العقاري في السلطنة.
تحسن القطاع العقاري
وقال فهد بن سلطان الإسماعيلي، الرئيس التنفيذي لشركة تبيان العقارية: مع تدني الإصابات بفيروس كورونا وارتفاع نسبة التطعيم وبعد القرارات الأخيرة للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا والسماح بمواطني العالم بالدخول إلى السلطنة شريطة تلبية الاشتراطات التي أقرتها اللجنة العليا، نستطيع القول إن القطاع العقاري مرتبط بالكثافة السكانية وبعدد السكان فكلما زاد عدد السكان ارتفع الطلب على العقار، إذ يرتفع التملك من قبل المواطنين وكذلك الأجانب في المناطق المخصصة لهم، بالإضافة إلى الاستئجار، ففي الفترة الماضية بسبب ضعف الطلب سواء على الشراء أو الاستئجار حدث تذبذب في الأسعار بالإضافة إلى عدم تمكن المستأجرين التجاريين من دفع الإيجار نظراً لارتباطهم بالناس، وأتوقع مع عودة الحياة الطبيعية سوف يتحسن القطاع العقاري في السلطنة العام القادم 2022 وما تبقى من العام الجاري هو لإعادة أولويات القطاع وترتيب الأوضاع.
وأشار إلى أن من بين ما حصل العام الجاري وأثر إيجابياً على القطاع العقاري محفزات القطاع العقاري في خطة التوازن المالي متوسطة المدى والتي اشتملت على أربع ممكنات والتي هي خفض رسوم تسجيل عقود البيع في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من 5% إلى 3%، وكذلك السماح بالتملك للأجنبي بنظام في بعض المناطق، واعتماد بيع التقسيط ويتم تسجيله في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والسماح ببيع الأمتار الهوائية، ودخلت بعض المحفزات حيز التنفيذ كما أن هناك البعض منها لم يتم تنفيذها بسبب عدم اعتماد لوائحها في آلية التنفيذ، وبالتالي ربما الوزارة لديها رؤية قبل الإعلان عن اللائحة .. مشيرا إلى أن خفض رسوم تسجيل عقود البيع بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني أسهم في تحريك السوق العقاري في السلطنة .. كما تم خلال العام الجاري في شهر أبريل المنصرم فرض ضريبة القيمة المضافة والتي شملت الوحدات التجارية كلها بغض النظر عن البيع الأول أو البيع الثاني وبالنسبة للسكن لا تنطبق عليه الضريبة إلا في البيع الأول فقط، وهذه الضريبة في القطاع العقاري وخاصة في الشق السكني رغم أنها محصورة في البيع الأول إلا أنها بيع المطورين يحدث في البيع الأول وأثر ذلك على مبيعات المطورين لأن المشتري يدفع للإسكان فقط والطرف يتحمل قيمة ضريبة القيمة المضافة الـ5%.
وأضاف: إن ممكنات التعافي في القطاع العقاري في السلطنة تكمن في ضبط التشريعات والقوانين المتعلقة بالوساطة العقارية والتطوير العقاري وأعتقد أن وجود هيئة للتنظيم العقاري أصبح أمرا لابد منه وهذا سوف يكون أكبر وأقوى ممكن للقطاع العقاري في السلطنة.
توقعات إيجابية
وقال سامي بن سعيد النبهاني، مدير تطوير الأعمال بشركة المدينة العقارية: إن هناك الكثير من التكهنات حول مدى إمكانية تأثير انتشار فيروس كورونا على الكثير من الجوانب والقطاعات الاستثمارية ومنها القطاع العقاري كما أن هذه الأزمة أضرت بقطاعات أخرى غير عقارية مثل قطاع خدمات النقل والطيران والسياحة وأتوقع في حال استمرت هذه الأزمة وامتدت للربع الرابع من العام الجاري فسنشهد انخفاضات أكبر في قيمة الأصول وبالتالي انخفاضا في قيمة العقار إلا أنني أعتقد أن التوقعات لا تزال إيجابية.
أما عند الحديث عن حجم التأثير المتوقع على القطاع العقاري في السلطنة أو في أي دولة أخرى أكد مدير تطوير الأعمال بـ»المدينة العقارية» أن الأمر مختلف فأسعار الشراء والبيع وإيجاراتها مرتبطة بحركة العرض والطلب على العقارات لذلك سيواجه المستثمرون تحدياً بخصوص انخفاض متوقع على بعض العقارات وخاصة تلك التي مرت عليها سنوات منذ إنشائها، كما أن هناك أيضاً انخفاضاً قادماً بالإيجارات خلال الأشهر القادمة في العقارات المتميزة لكثرة العروض في السوق، والقطاع العقاري سيعاني خلال الفترة المقبلة من ارتفاع في نسبة الشواغر في الشقق السكنية أي أن العرض سيكون أكثر من الطلب وبالتالي ستنخفض القيمة الإيجارية وسينتج عن ذلك في نهاية المطاف انخفاض أسعار العقارات نفسها والذي بدوره سيصب في انخفاض العائد السنوي بشكل ملحوظ، وأتوقع أن تواجه الشركات العقارية في الفترة الراهنة صعوبات في عملية التسويق وتحقيق مبيعات جديدة لعدة أسباب أولها عدم الطلب على العقارات لا سيما بأن إنجاز المعاملات العقارية بقاعة تقديم الخدمات بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني مغلق وأيضاً عدم مقدرة عمل وكالات البيع والشراء بدائرة الكاتب بالعدل كما أن بقاء ارتفاع الأسعار في الأراضي وبعض العقارات في بعض من المناطق المكتملة الخدمات يلعب دوراً مهماً في عدم الطلب لتلك العقارات كما أن توقف المعارض العقارية وتأجيلها كما حدث بإلغاء بعض المعارض العقارية الدولية يحد من قدرة الشركات على تسويق مشروعاتها وجذب الزبائن بشكل مباشر داخل وخارج السلطنة في ظل ضعف الطلب.
وأشار إلى أنه فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها وتنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) فإن هناك العديد من العوامل الإيجابية التي ستساهم في استقرار القطاع العقاري في السلطنة وأهمها الخطوات المتخذة من قبل الحكومة بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذها ملاك العقار لدعم المستفيدين من المستثمرين ورجال الأعمال وخاصة في قطاع التجزئة والقطاع العقاري التجاري بالإضافة إلى العروض المقدمة للمستأجرين في القطاع السكني من قبل ملاك العقار حيث قامت الحكومة بتنفيذ العديد من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية، و منها إغلاق جميع المحلات في المجمعات التجارية وتعليق جميع التجمعات والفعاليات والمؤتمرات في السلطنة والإعفاء من الإيجارات المستحقة على المصانع في المدن الصناعية لمدة 3 أشهر والقرار بدعوة أصحاب المراكز التجارية وملاك العقارات التجارية للعمل على مراعاة الأوضاع الحالية للمحلات المستأجرة لديهم والمتأثرة بالإجراءات الاحترازية سواء عبر إعفاء أو تخفيض أو تأجيل الإيجارات خلال الفترة الحالية وذلك بالتنسيق مع جهات الاختصاص ووضع آليات من قبل البنك المركزي العماني لتأجيل أقساط القروض والتزامات القطاع الخاص المتأثرة بالجائحة، وقد عززت هذه المبادرات بعلاقات قوية ومتينة بين كل من المستثمرين والمستفيدين مع الملاك بما يدعم تحقيق المصلحة المشتركة وبالتالي يبين مدى مسؤولية الجميع في دعم الاقتصاد الوطني.
وأضاف: إن هناك عدة محفزات قامت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بطرحها من أجل إنعاش السوق العقاري وهي السماح للأجانب بالتملك في بعض المناطق كحق انتفاع، وأيضاً تخفيض الرسوم العقارية الأمر الذي ساعد على حركة البيع والشراء في العقارات بالإضافة إلى ترسيخ التشريعات والقوانين والأنظمة الخاصة لشركات التطوير العقاري.