في حوار مع المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل –
حوار ـ سهيل بن ناصر النهدي:-
تدور بين أوساط المجتمع منذ مدة، وخصوصا الموظفين «المدنيين» بوحدات الجهاز الإداري للدولة تساؤلات عديدة حول «منظومة قياس الأداء الفردي والإجادة المؤسسية» والتي سيتم تطبيقها على (57) وحدة مدنية من وحدات الجهاز الإداري للدولة ويستفيد منها قرابة (175) ألف موظف في القطاع العام، حيث تمضي وزارة العمل عبر فريق مركزي منبثق منها لتطبيق «المنظومة» التي تعد واحدة من ممكنات رؤية عمان 2040، وتتسارع الخطى إلى الأمام لبدء العمل بها في يناير من العام القادم 2022م.
(عمان) وعبر هذا الحوار تحاول البحث عن إجابة للكثير من التساؤلات حول «منظومة قياس الأداء الفردي والإجادة المؤسسية» ويجيب عليها محمد بن مبارك بن سعيد الكلباني المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل والذي أكد في بداية حديثه أن القائمين على (رؤية عمان 2040) أدركوا أن أهداف الرؤية لن تتحقق في غياب تطبيق بعض الممكنات والتي يأتي على رأسها منظومة قياس الأداء الفردي والإجادة المؤسسية، وهو ما يعد أمرا جوهريا لتطبيق المنظومة على كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة المدنية في هذه المرحلة.
مبينا أن مخرجات منظومة الأداء الفردي سيتم استخدامها كمدخلات لمنظومات أخرى كمبادرات التدريب لتحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين، والترقي الوظيفي والتي تعتبر إحدى الأدوات للحفاظ على الكفاءات في وحدات الجهاز الإداري للدولة، وبالتالي ستتعدد استخدامات المنظومة، وستبرز فوائدها فور البدء في تطبيقها، موضحا أن تطبيق منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية على وحدات الجهاز الإداري للدولة ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة مهمة لاستخدام أفضل الطرق لتطوير أداء العاملين والمؤسسات، ومكافأة المجيدين.
مشيرا إلى أن التطور السريع لسياسات تقييم الأداء الفردي والمؤسسي، واحتياج المرحلة الجديدة من النهضة الحديثة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لنظام تقييم أداء جديد يركز على قياس الأداء من خلال أهداف ومؤشرات واضحة للقياس، يسهم بشكل كبير في تحسين بيئة العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية للموظفين، وتطوير الخدمات الحكومية، وتحسين مستوى جودتها، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسسات الدولة، وصولا لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040، وهو ما يبرز معه أهمية تغيير نظام تقييم الأداء الوظيفي الحالي الذي يركز على السمات والسلوك إلى نظام جديد يركز على الأداء والإنجاز مربوط بالحوافز والترقيات.
175 ألف موظف
وتحدث المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل عن بدء المنظومة والمستفيدين منها: سيبدأ تطبيق المنظومة حسب ما هو مخطط له في بداية يناير من العام القادم 2022م وسيشمل التطبيق (57) سبعة وخمسين وحدة من الوحدات المدنية للجهاز الإداري للدولة، وسيستفيد منها قرابة (175) مائة وخمسة وسبعين ألف موظف في القطاع العام، مشيرا إلى أن هناك مؤسسات أخرى طلبت أن تكون من ضمن الجهات التي يشملها تطبيق المنظومة.
آلية عمل المنظومة
وعن آلية عمل المنظومة وكيف سيكون نظام التقييم قال محمد الكلباني: يبدأ عمل المنظومة من خلال الخطط السنوية التشغيلية للجهات الحكومية، حيث تضع القطاعات وكافة التقسيمات بالجهة أهدافها بناء على الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة والتي تعتبر أهداف رئيس الوحدة، وصولا إلى وضع الموظف لأهدافه التي سيتم تقييم أدائه من خلال إنجازه لها.
موضحا أن ذلك يعني أن كل موظف بغض النظر عن مستواه الوظيفي في بداية دورة التقييم المعتمدة في الوحدة (ربع سنوي ، ثلث سنوي أو نصف سنوي) يقوم بالتنسيق مع مسؤوله المباشر لوضع أهدافه، انطلاقا من الخطة السنوية المعتمدة واختصاصاته الوظيفية، أما بعض الوظائف مثل الوظائف الحرفية والخدمات المعاونة فسيتم وضع أهداف الموظفين فيها من خلال بطاقات الوصف الوظيفي وأعمالهم الروتينية، مؤكدا أن نظام التقييم سيكون شفافا وفق آلية ومعايير معلنة في تقييم نتائج أداء الموظفين.
شمولية التقييم
وعن الفئات الوظيفية التي ستطبق عليها المنظومة أشار الكلباني إلى الشمولية والتي تعد إحدى السمات التي يتمتع بها نظام تقييم الأداء الفردي وبالتالي فإن نطاق تطبيق هذا النظام سيشمل جميع المستويات الوظيفية في كافة الوحدات الحكومية المعنية بالتطبيق على اختلاف طبيعتها وموقعها في الهيكل التنظيمي للوحدة.
معايير التقييم (الفردي)
وتطرق محمد بن مبارك بن سعيد الكلباني المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل في حديثه إلى معايير التقييم ودرجات الأداء الفردي والإجادة المؤسسية وقال: معيار التقييم الأساسي في نظام تقييم الأداء الفردي هو مدى إنجاز الموظف لأهدافه في خطته الفردية التي وضعها، ويقاس مدى الإنجاز على ضوء تحقيق الموظف للنتائج الرئيسية لكل هدف وفق المؤشرات والأوزان الموضوعة، بالإضافة إلى المستهدفات.
الإجادة (المؤسسية)
وعلى مستوى الإجادة المؤسسية بيّن الكلباني أن تقييم الجهات الحكومية سيكون من خلال (7) سبعة معايير رئيسية وهي: (القيادة والتخطيط الاستراتيجي ورأس المال البشري والثقافة المؤسسية والشراكة والموارد والابتكار ورضا الزبائن والحوكمة، والبيئة والمجتمع)، ويندرج تحتها قرابة (21) معيارا فرعيا، كما سيتم الاعتداد ببعض المصادر الداخلية لتقييم المؤسسات مثل التقارير الصادرة عن منظومة الأداء الفردي واستبيان الرضا الوظيفي، ومصادر خارجية مثل تقارير منصة تقييم رضا المستفيدين، وتقارير وحدات حكومية أخرى.
عدالة التقييم
وعن ضمان الموظف والمؤسسة تقييم (عادل) و(منصف) والقاعدة التي سيتم الاستناد عليها أكد المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي على أنه ولضمان تقييم عادل ومنصف لكل الأطراف المعنية سواء كان الموظفون بمختلف مستوياتهم الوظيفية أو المؤسسة بشكل عام، فقد تم وضع أسس لحوكمة المنظومة بدءا من ضرورة التوافق على الأهداف بين الموظف ومسؤوله المباشر، وصولا إلى الاحتكام بالنتائج التي تحققت وفق المستهدفات الموضوعة.
مراجعة التقييم
موضحا أن هناك مراجعة لنتائج التقييم في نهاية العام قبل نشر النتائج تتم من قبل لجنة مختصة (لجنة مراجعة نتائج تقييم الأداء) للتأكد من جودة وعدالة التقييم، مشيرا إلى أن الموظف بإمكانه التظلم من نتائج التقييم إلى لجنة التظلمات والتي يمكن للموظف من خلالها التظلم من نتائج تقييم أدائه، وفق أحكام الفصل الرابع (تقارير تقويم الأداء الوظيفي) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، ويتم البت في هذه التظلمات وفق الأحكام الواردة باللائحة.
حوافز مادية ومعنوية
وأعلن محمد الكلباني عن منظومة للحوافز المادية والمعنوية يتم الإعداد لها حاليا والعمل عليها على أن تكون جاهزة -بإذن الله- مع البدء بتطبيق المنظومة، حيث تتضمن هذه المنظومة الحوافز المادية الواردة في قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، وحوافز معنوية أخرى تزيد في قيمتها وأهميتها عن بعض الحوافز المادية، وسيتم منحها للموظفين المجيدين بناء على نتائج تقييم الأداء الفردي.
المؤسسات المجيدة
وعلى مستوى المؤسسات الحكومية أوضح الكلباني أنه سيتم تكريم الوحدات المجيدة بناء على نتائج تقييمها وفق معايير التقييم المعتمدة في منظومة الإجادة المؤسسية، وسيتم تكريم المؤسسات المجيدة في كل معيار من معايير التقييم السبعة والتي تم اعتمادها كمعايير رئيسية لتقييم الوحدات الحكومية.
رأس المال البشري
وتحدث الكلباني عن تطوير رأس المال البشري وقال: بالإضافة إلى أن المنظومة تركز على تقييم الأداء إلا أنها أيضا تعمل على تطوير رأس المال البشري، وبناء ثقافة الإجادة في الأداء الوظيفي، موضحا أن إحدى فوائد تطبيق منظومة الأداء الفردي تكمن في أنها توفر آلية واضحة لمكافأة المجيدين، وتطوير الأداء المتدني، والتغذية الراجعة من قبل المسؤول المباشر، وبالتالي في حال حصول الموظف على تقييم أداء متدني فإنه يجب الوقوف على أسباب ذلك لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتطوير أدائه أو نقله لوظيفة أخرى.
اعتماد الهياكل التنظيمية
وفي إطار حديثه عن جانب التحديات التي قد تواجه الفريق مع بدء تطبيق المنظومة أشار محمد الكلباني إلى وجود بعض التحديات التي لمسها الفريق في بعض الوحدات الحكومية، مبينا أنها تحديات فرضها الواقع الحالي، وضرب على ذلك مثالا: «عدم اعتماد الهياكل التنظيمية لبعض الوحدات الحكومية»، وكذلك «عدم الانتهاء من تسكين جميع الموظفين في وحدات أخرى»، موضحا: أن ذلك هو ما تبرر معه بعض الوحدات الحكومية صعوبة تحديد الموظف لأهدافه في ظل بقاء هذا الوضع حتى بداية العام القادم.
وأكد الكلباني أن الجهات المعنية تعمل بشكل دؤوب على الانتهاء من اعتماد كافة الهياكل التنظيمية لكافة الوحدات الحكومية قبل نهاية العام الحالي، وهو ما يعني الانتهاء كذلك من تسكين جميع الموظفين.
أبرز التحديات
وواصل المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل حديثه عن التحديات وقال: يرى البعض من الموظفين أن ضعف التواصل بين الموظف والمسؤول أثناء دورة التقييم، والتأخر في تقديم التغذية الراجعة للموظف، وردة فعل المرؤوسين من نتائج تقييم الأداء ستكون من التحديات التي ستظهر مع بدء التطبيق، مؤكدا أن أبرز التحديات على مستوى الوحدات والتي قد تواجه المنظومة هو التطبيق السليم لها من قبل المعنيين والمختصين في مختلف الجهات الحكومية، وكذلك الإيمان بأهميتها، وفوائد تطبيقها في كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة، بالإضافة إلى عدم وجود خطط تشغيلية في بعض الوحدات الحكومية، مشيرا إلى أن الجهات المعنية كوحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 وغيرها من الجهات المختصة تعمل جنبا إلى جنب مع الفريق المركزي بوزارة العمل ومع كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة لتدريب التقسيمات المختصة في هذه الوحدات على آلية وضع الخطط الاستراتيجية والتشغيلية، وهو ما سيسهم في تجاوز هذا التحدي.
خطط الموظف
وعلى مستوى الموظف بين محمد الكلباني أنه قد تبرز بعض التحديات في غياب الفكر التخطيطي لدى بعض الموظفين والمهارات المرتبطة بها في صياغة الأهداف الذكية، إضافة إلى أهمية التزام الموظف بشكل دوري بإدخال البيانات والبراهين الدالة على إنجازه لأهدافه، موضحا أن الفريق المركزي بالوزارة يعمل مع بقية فرق العمل بمختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة على غرس هذا النوع من المهارات من خلال التدريب وحلقات العمل المختلفة التي يتم تنفيذها، للتغلب على هذه التحديات .
معالجة الأداء المتدني
وقال الكلباني: تقارير نتائج تقييم أداء الموظفين وفق منظومة قياس الأداء الفردي ستسهم بشكل كبير في البحث عن أفضل السبل لمعالجة الأداء المتدني ورفع كفاءة العاملين بالوحدة، وهو ما سيقابله تعزيز إجادة المؤسسات من خلال التركيز على مواطن القوة في المؤسسة ومعالجة مواطن الضعف، وكما ذكرت أن تقارير نتائج تقييم الأداء الفردي والمصادر الأخرى التي سيتم الاعتماد عليها في تقييم المؤسسات الحكومية سيتم الاعتداد بها والاستفادة منها لتعزيز وتطوير المؤسسات.
نتائج التقييم
وحول نشر نتائج قياس الأداء الفردي والإجادة المؤسسية ومدى إتاحتها للمجتمع بين أن نشر نتائج تقييم أداء الموظفين لجميع أفراد المجتمع لا يخدمهم في شيء، إلا أن أسماء المجيدين هي من سيتم الإعلان عنها داخل الجهة، وقد يتم إدراجها في الموقع الرسمي لها وذلك لتعزيز مبدأ الشفافية، أما فيما يتعلق بمنظومة الإجادة المؤسسية فسيتم الإعلان عن المؤسسات المجيدة في كل معيار من معايير التقييم الرئيسية المعتمدة في المنظومة وهي سبعة معايير سبقت الإشارة إليها.
إيجابية وتعاون
وتحدث محمد بن مبارك بن سعيد الكلباني المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل عن الجهود المبذولة من قبل فريق العمل المركزي المنبثق من وزارة العمل فيما يتعلق بنشر مفاهيم المنظومة وعملها وقال: يقوم الفريق بزيارات ميدانية لمختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة للتعريف بالمنظومة والإجابة على أي تساؤلات واستفسارات، والاستفادة من المقترحات المقدمة، موضحا أن الفريق لمس خلال الزيارات إدراك رؤساء ومسؤولي هذه الوحدات بالدور والفوائد التي ستقدمها المنظومة في تعزيز مستويات الأداء بوحداتهم، وهو ما تمثل في رغبة بعض رؤساء ومسؤولي الوحدات الحكومية في الإسراع في تطبيق المنظومة لما لها من فوائد عديدة تتمثل في تسهيل إنجاز الخطط التشغيلية، والحفاظ على الكفاءات والفعالية في استغلال الموارد البشرية، مشيرا إلى أن كثيرا من الموظفين لديهم رغبة في تطبيق المنظومة، كون تطبيقها سيؤدي إلى وضوح المهام والمسؤوليات المطلوبة منهم، وتوفير التغذية الراجعة بشكل دوري من قبل المسؤول المباشر وهو ما سيمكنهم من إنجاز أعمالهم بكفاءة، ومكافأة المجيدين منهم.
فرق عمل
وبين أن ما يبرز تجاوب الوحدات الحكومية مع التوجه نحو تطبيق منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية هو قيام هذه الوحدات بتشكيل فرق عمل، مسؤول عنها رؤساء هذه الوحدات، تم تمكينها وتقديم الدعم لها من قبل رئيس الوحدة، تقوم هذه الفرق بالعمل على التطبيق السليم للمنظومة، وتقديم الحلقات التدريبية واللقاءات التعريفية تمهيدا لتطبيق المنظومة في كافة تقسيمات الوحدة.
مؤسسات مستعدة
وأشار محمد بن مبارك بن سعيد الكلباني المدير العام المساعد للتطوير وضمان الجودة للأداء الفردي والمؤسسي بوزارة العمل في ختام حديثه إلى أن بعض المؤسسات قد انتهت من التعريف بالمنظومة لكل موظفيها وتدريبهم بالمهارات الخاصة في إعداد الخطط الفردية، مؤكدا أن ذلك دليل على تفاعل كافة الوحدات الحكومية مع المنظومة، مبينا أن الفريق المركزي للمنظومة بوزارة العمل يعمل جنبا إلى جنب مع كافة فرق العمل بالوحدات الحكومية لتسهيل مهمة هذه الفرق وتقديم الدعم والمعاونة الفنية والتدريب في كل ما يتطلب القيام به لتطبيق المنظومة، مبينا أن هناك إيجابية في الرغبة بتطبيق المنظومة حيث وجد الفريق أن بعض الجهات الحكومية لديها أنظمة لقياس الأداء الفردي موضحا الاستفادة من الكفاءات والخبرات المتخصصة للمساهمة مع الفريق المركزي بوزارة العمل في التطبيق السليم للمنظومة في كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة المدنية.