كتبت : رحمة الكلبانية –
على الرغم من الوعود التي تقطعها أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتوفير احتياجات الكوكب من الطاقة دون الإضرار به وإطالة عمر احتياطات الوقود الأحفوري. إلا أنها ذات طبيعة متقطعة ومتذبذبة لاعتمادها على العوامل الطبيعية المتغيرة كزيادة درجة الحرارة، وترسب الغبار والمخلفات، والظل، الأمر الذي يؤثر على عمليات تشغيل الشبكات الكهربائية ويعرض استقرارها وموثوقيتها للخطر.
وقد سلط الباحثان ا.د. عبدالله بن حمد البادي، وا.د. محمد بن حمدان البادي من جامعة السلطان قابوس في كتاب مشترك بينهما على تأثير التذبذب في الطاقة الشمسية على أنظمة الطاقة الكهربائية، حمل الكتاب عنوان: Solar Photovoltaic Power Intermittency and Implications on Power Systems يضم تسعة فصول، ومبني على دراسة حالات في السلطنة أهمها محطتي عبري ومنح، وبيت جامعة السلطان قابوس الصديق للبيئة.
وحول دراسه تأثير كل من محطة عبري 500 MW ومحطة منح 1000 MW، التي من المتوقع افتتاحها في 2023 على استقرار شبكه الكهرباء في السلطنة، خلصت الدراسة أن الشبكة لن تتأثر فنيا بوجود محطتي عبري ومنح.
تقليل الآثار المحتملة
وقدم الكتاب مجموعة من الحلول لتقليل الآثار السلبية المحتملة بسبب الزيادة المتوقعة لمساهمة الطاقة المتجددة المتذبذبة في خليط الطاقة على عمليات تشغيل نظم الطاقة الكهربائية ولتمكين الشبكات الكهربائية حول العالم من استيعاب كميات كبيرة من هذه الطاقات المتذبذبة من أهمها: تشجيع الاستهلاك المرن للكهرباء عن طريق تحفيز المستهلكين لتغيير نمط وتوقيت الاستهلاك حسب الإنتاج المتوقع من محطات الطاقة وبناء صناعات تعتمد على الاستهلاك المرن (Demand Response).
ويتمثل الخيار الثاني في ربط الشبكات الكهربائية المختلفة بخطوط النقل ذات الجهد العالي (التيار المتردد أو المستمر) مثل ربط الشبكة الرئيسية في السلطنة بالشبكات المحلية الأخرى كشبكة الدقم وشبكة ظفار أو شبكة تنمية نفط عمان أو شبكات تنوير أو بالشبكات الإقليمية كشبكة الربط الخليجي. ويتضمن الخيار الثالث زيادة استخدام وحدات الإنتاج المرنة مثل التوربينات الغازية وتقليل أو تجنب استخدام وحدات الإنتاج غير المرنة مثل الوحدات المعتمدة على الطاقة النووية أو الوحدات الكبيرة المعتمدة على الفحم. فيما يناقش الخيار الرابع استخدام تخزين الطاقة بأشكالها المختلفة (الكهربائية أو غير الكهربائية). ومن أفضل الطرق الحالية والمعتمدة لتخزين الطاقة الكهربائية لشبكات الكهرباء الرئيسية هي استخدامها لرفع المياه وتخزينها في السدود المائية أثناء وفرة الإنتاج أو تدني الأسعار ثم إنتاج الكهرباء عند ارتفاع الطلب وزيادة الأسعار.وهنا يقترح الباحثان استغلال السد الحالي في منطقة وادي ضيقة كخزان سفلي وبناء خزان علوي على سطح أحد الجبال المحيطة. أو استخدام مياه البحر كخزان سفلي في منطقة قريات. لكون المنطقتين جبليتين وقريبتين من نظام النقل ثنائي الدائرة 400 كيلو فولت الحالي الذي يربط محطة صور لتوليد الكهرباء.
عوامل التأثير
ولفت الكتاب انتباه القراء إلى أربعة عوامل رئيسية من شأنها أن تؤثر على إنتاج الطاقة الكهربائية من الخلايا الكهروضوئية سواء في الأنظمة المنزلية البسيطة أو التجارية وهي زيادة درجة الحرارة، وترسب الغبار والرمل والمخلفات، والظل واتجاه الخلايا.
حيث تقلل زيادة درجة الحرارة إنتاج الطاقة الكهربائية من الخلايا، حيث يقل إنتاج الطاقة في بعضها بمقدار 0.4 % لكل زيادة درجة سيليزية واحدة. ولكن لأن أشعة الشمس في فترة الصيف تستمر لساعات طويلة فإن محصلة إنتاج الطاقة لكهربائية لا يقل على إنتاج الأشهر الباردة.
وتمنع ترسبات الغبار والرمل ومخلفات الطيور على سطح الخلايا مرور الأشعة الشمسية للخلايا وبالتالي ينخفض إنتاج الطاقة الكهربائية. ويمكن لمن يضعوها على أسطح منازلهم مسحها بقطعة قماش مبللة بالماء كل أسبوعين للحفاظ الإنتاج.
ويمكن لتواجد الخلايا تحت الظل أو تساقط أوراق الأشجار عليها أن يمنع إنتاج الطاقة الكهربائية، فمن الضروري عند التصميم التأكد من أن الخلايا لن تؤثر على بعضها ومن عدم وجود أجسام خارجية تشكل ظلال عليها. ويأثر الاتجاه التي توضع به الخلايا على إنتاج الكهرباء، إذ يجب تركيبها بالاتجاه الذي يضمن سقوط الأشعة عليها أطول فترة ممكن. ففي المناطق الواقعة شمال خط الاستواء يفضل تركيب الخلايا باتجاه الجنوب، فمثلا في محافظة مسقط توضع الخلايا بزاوية إمالة قدرها 23 جنوبًا.
نمو متسارع
وأشار الكتاب إلى أنه المتوقع أن يستمر هذا النمو السريع لنشر أنظمة الطاقة الشمسية بسبب عدة عوامل منها التحسينات المستمرة للتكنولوجيا الكهروضوئية، وخفض التكاليف فضلاً عن السياسات واللوائح التي تعزز استخدام موارد الطاقة المتجددة.
وكشفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» في بيانات حديثة أصدرتها، أن القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة التي أضيفت على مستوى العالم خلال عام 2020 تخطت جميع القيم المسجلة، حيث تمت إضافة أكثر من 260 جيجاواط من الطاقة المتجددة عالميًا خلال العام الماضي، مما شكل زيادة بنسبة 50% عن الإضافة المسجلة في عام 2019. وقد أشارت «إحصاءات القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة 2021» إلى أن حصة الطاقة المتجددة ارتفعت بشكل كبير للسنة الثانية على التوالي لتشكل أكثر من 80% من إجمالي القدرة الإنتاجية الجديدة للطاقة في العام الماضي، وساهمت طاقتا الشمس والرياح بنسبة 91% من هذا النمو.
مشاريع السلطنة
وتمضي السلطنة بخطوات متسارعة لتحقيق هدفها في أن تساهم مشروعات الطاقة المتجددة في إنتاج ٣٠% من إجمالي توليد الكهرباء في السلطنة بحلول عام ٢٠٣٠، وقد شهدت في أواخر الشهر المنصرم بدء التشغيل التجاري لمحطة عبري للطاقة الشمسية الكهروضوئية بتكلفة تقدر بحوالي 150 مليون ريال، وتتألف من حوالي 1.4 مليون لوح شمسي ثنائي الوجه وتمتد على مساحة 13 مليون متر مربع بولاية عبري بمحافظة الظاهرة.
وتعتبر محطة عبري 2 للطاقة الشمسية الكهروضوئية أكبر محطة من نوعها بالسلطنة، وسيكون إنتاجها كافياً لتزويد ما يقدر بحوالي 50 ألف منزل بالكهرباء وسيعوض 340 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، والمحطة مؤتمتة بالكامل ومن بين المشاريع الأولى بهذا الحجم التي تستخدم التنظيف الآلي على أجهزة التتبع أحادية المحور وسوف تستخدم مواد تعزيز الأشعة المنعكسة عن سطح الأرض لزيادة مقدار المحصلة النهائية من الطاقة المنتجة بالإضافة إلى توفير الطاقة النظيفة بكفاءة للشبكة الوطنية.
كما أعلنت الشركة العمانية لشراء الطاقة والمياه عن تدشين مشروعين للطاقة الشمسية في السلطنة تحت مسمى محطة منح المستقلة للطاقة 1 و2، وسيتم بناء وتملك وتشغيل هذين المشروعين من قبل القطاع الخاص. وسيتم بناء المحطتين بموقعين متجاورين في محافظة الداخلية يبعدان عن محافظة مسقط بنحو 150 كم، وستبلغ طاقة التوليد لكل مشروع 500 ميجاواط. ويتوقع التشغيل التجاري في الربع الرابع من عام 2023 والربع الأول من عام 2024 على التوالي.
وخلال منتصف العام المنصرم، دخلت محطة أمين لتوليد الطاقة الكهروضوئية في شركة تنمية نفط عُمان مرحلة التشغيل التجاري بطاقة 100 ميجاواط، وهي تعد أحد أول مشروعات الطاقة الشمسية في العالم الذي تشتري جميع إنتاجه من الكهرباء شركة نفط وغاز. ويغطي هذا المرفق مساحة تصل إلى 4 كيلومترات مربعة، ويكفي لتزويد 15 ألف منزل بالطاقة.