فؤاد آلبوسعيدي
هنا وهناك طيفك،
رُغماً عني أراه..
فما عاد ينفّك عن زيارتي،
بقايا سكينتنا في هذه الزّاوية..
وكلّ تلك الزّوايا التي كنّا نعبر إليها..
الكثير من الأحلام بيننا،
وهنا وهناك..
ملأنا الأركان حبّاً وجنوناً..
ففي هذا المسار أبحرنا..
سفينتنا حملت مشاعرنا،
بحثنا عن ميناءٍ للحبّ والسّلام..
دون نهايةٍ لرحلتنا..
هنا خطواتنا في هذا الطريق..
هنا بعضاً من حوافرِ أقدامنا..
هنا في هذا المكان ملكنا ذكرى..
وفي عقولنا غربة أحلامنا،
فلم نرى نهاياتنا هناك..
مضينا معاً هنا وهناك،
وأنفاسُك الخالدة عشّشت معي،
وبَقِِيَت تصاحبني هنا وهناك..
.
وتحت وبين ظلال الأشجار..
كنّا أنا وأنت والأحلام ثالِـثُنا..
ودون كذبٍ أقولها،
رابعنا هي إبتسامتك الجميلة..
كنت أراها فتُـغازلك كلماتي..
وهمستُ لك بوحي وحروفي،
كانت تخرج عنّي تُنشِدك قصيداً..
كنّا هنا في هذا الطريق وهناك..
وتشهد تلك الأزهار الحمراء،
قطفتها لك ونحن نعبر من هنا..
حتّى إذا وصلنا إلى النهاية هناك،
كنت أقبّل يداك..
قيبقى عبيرك في أنفاسي..
ولا زلتُ أنا هنا وهناك،
أحتفظ بشيٍ من عطرك..
لأنّك معي هنا إلى نهاياتنا هناك..
.
أيّاما وسنيناً هنا وهناك،
تمرّر يدك على صدري..
تتأكد من نبض فؤادي..
أعجبتك حرارة زفير أنفاسي..
لحظات عشناها وتمسك يداي..
قهقهات سكنت مع أحلامي..
همسات مني باتت في أذناك..
وهنا وهناك..
في نفس الطريق الآن وحيداً،
صورتك تسير معي..
كأنّك موجود..
خطوة بخطوة معاً،
تخطو معي بين هذه اللحظة وتلك،
من البداية إلى النّهاية..
عبرنا من هناك إلى هنا..
.
وفجأة لم تعد هنا،
بلا وداع لم نعد معاً..
ذهبت بعيداً ولم تَـعُدْ هناك
فأعطني سبباً لعدم وجودنا معاً..
جئت إليك لألقاك،
جئت لأجد سبباً لتبقى معي..
جئت إلى النهاية،
إليها كنّا نمضي ونعود إلى البداية..
أين أنت لتمسك بيداي؟
أين هي أنفاسك يا كلّ النّساء؟
هل سرقَتْها نسمات الشّجر في هذا المساء..
لا أراك هنا في النهاية،
أم كنت توهمني في كلّ بداية..
.
لم أجِدُك هناك،
ولستُ أشتمّ عطرك هنا..
والأزهارَ الحمراء حزينةً هناك..
هنا كنت تعطّر قلبي كجُرعة دواء..
لم تعد تضمّ يداي كما كنّا هناك..
وهنا لن تكون حاضراً معي..
لن تسهر معي في ليلي حتّى الصبّاح..
وصلتَ وحيداً إلى الطريق هناك،
أنت ذهبت دوني بلا وداع..
هي عُد ولو للحظاتٍ قليلة..
عد وقل لي وداعاً،
فما زلتُ أنا هنا وأنت هناك..
عُدْ إليّ من هناك،
فأنفاسك تنتظرك معي هُنا،
وأعِد لي قلبي مِنْ هُـناك..