أصدرت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء «3» إصدارات أدبية حديثة وبالتعاون مع الآن ناشرون وموزعون، والتي تضاف إلى رصيد المكتبة الثقافية العمانية، مع الإصدارات السابقة الـ26، التي صدرت عن الجمعية هذا العام ليصبح مجموع الإصدارات الخاصة بها 29 إصدارا.
تأتي هذه الإصدارات لتشكل واقع الجهود الثقافية التي تعمل عليها الجمعية للنهوض بالشأن الثقافي في السلطنة، والتواصل المباشر مع الكاتب المنتمي لها، وذلك لتفعيل دورها في إيحاد حراك معرفي ثقافي متنوع.
من بين هذه الإصدارات إصدار «في حبك تزهر الروح» الذي ضم مجموعة من القصائد الشعرية في المجالين، الفصيح والشعبي، لعدد من شعراء عمان، من مسندم إلى ظفار، الذي تغنوا بمنجزات السلطان قابوس – طيب الله ثراه – ومجد عمان التليد المتجدد، وساهم في إعداده الشاعران يونس البوسعيدي وخميس الصلتي. وفي افتتاحيته أهدت الجمعية عباراتها الخاصة إلى باني عمان الحديثة وراعي نهضتها، ومجدد مجدها، وفخر عزتها، وسمو شموخها، وراية سلامها، وصراحة موقفها، وعلو نجمها، ورمز إبائها وكرامتها، وباعث تاريخها وأصالة ثقافتها، ومعزز تواصلها وحضارتها، ومثبت إخلاص غاياتها، إلى أعز الرجال وأنقاهم، وأغلى مثال وأصفاهم، المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه -.
وتحت عنوان «بشارة بين زمنين»، سطر المكرم المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي رئيس مجلس إدارة الجمعية عباراته الأدبية وهو يقول: «بالرغم من اشتعال حريق الحرب العالمية الثانية التي شبت في ١٩٣٦م وخبت نارها في عام ١٩٤٥م، دمرت فيها بلدان وأنظمة وشعوب في أنحاء العالم، واكتوت بآثارها عمان وبلدان الخليج، إلا أن البشارة الزهراء أطلقت فرحها في قلب السلطان سعيد بن تيمور /١٩٣٢-١٩٧٠م/، بمولد ابنه السلطان قابوس بن سعيد في ١٨ نوفمبر ١٩٤٠م بظفار. كما نشرت هذه البشارة بهجتها على أسرته، وأسعدت عموم الأرض العمانية سواحلها وصحاريها، سهولها وجبالها، حضرها وبدوها، مدنها وقراها، فتوالت التهاني والتبريكات بقدوم البشارة الميمونة، وانبرت طائفة من الشعراء من العمانيين والعرب تدبج القصائد وترسل الأشعار إلى السلطان سعيد تعبيرا عن سرورها وحبورها، ناثرة ورود الدعوات وجميل البركات.
وكانت قصيدة الشاعر قاسم بن محمد الباروني المصري ، واحدة من أهم القصائد التي رفعت التهنئة البارونية بمولد السلطان قابوس إلى والده السلطان سعيد بن تيمور تملؤها المودة جياشة، والإجلال تعظيما، والدعاء خيرا مباركا، والأمنيات استهلالا تجسد معاني البشرى وتفتح أزهارها.
وأضاف الصقلاوي: لقد ظل العمانيون يتطلعون بشغف كبير إلى وعد المستقبل، ويتشوفون ببصر حالم إلى بشارة واعدة تحمل آمال العمانيين إلى آفاق التحضر والنهضة الجديدة، وتشرق فجرا جديدا يليق بعمان وحضارتها وأبنائها وتاريخها المجيد. لقد كان إعلان البشارة الثانية في ٢٣ يوليو ١٩٧٠م بتولي السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله وغفر له قيادة البلاد فتحا جديدا لمستقبل منتظر في كل قلب وعين وشجر وحجر. كانت عبارة السلطان قابوس «شعبي العزيز» سلسلا عذبا نهل منه العمانيون الحب والفرح، ورباط قوة اعتصموا بثقته، وحصن أمان التجؤوا إليه، ولباس سكينة اطمأنوا به، وكان عهده لأبناء عمان «إننا نعاهدكم بأننا سنقوم بواجبنا تجاه شعب وطننا العزيز كما أننا نأمل أن يقوم كل فرد منكم بواجبه لمساعدتنا على بناء المستقبل المزدهر السعيد المنشود لهذا الوطن العزيز»، فهرعوا إليه مسرعين مبايعين صادقين متعاونين، وعبروا عن مشاعرهم العظيمة المحبة بأغانيهم وأهازيجهم ودعواتهم واستجاباتهم لنداء الوطن والسلطان والواجب وركاب النهضة والحداثة، فكتب الشعراء، وخطب الواعظون، ولهجت المنابر بالدعوات وصدح المغنون.
وفي السياق ذاته قال الصقلاوي: يؤمن العمانيون ببلدهم، ويترسخ حبهم لوطنهم في أي حال كان، وفي أي زمان ومكان، ويورثون دوام هذه المحبة أبناءهم جيلا عن جيل انتماء واعتزازا، ويتمسكون بهويتهم وتقاليدهم.
ولقد عمق السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله هذه المشاعر، والتمسك بالثوابت العمانية في التقاليد والعادات الحميدة، وسعى إلى تأكيدها وترسيخها عبر كثير من المرتكزات والقيم الحضارية والثيمات المتنوعة، كأصالة السمت العماني والفنون الشعبية الغنية التنوع، والأزياء الباهرة، والعمران الزاخر التي أخذت طابعها الجديد المستمد من تراثها الأصيل.
وبين الصقلاوي في كلمته أن الثقافة كانت محدودة الأطر، محدودة الرعاية، محددة التواصل، محدودة التنوع، محدودة النشر والطباعة، محدودة المصادر والمظان، محدودة التعلم والتعليم والتلقي والتثقيف في المسجد والسبلة والكتاب، ومع النهضة العمانية المباركة وبرعاية رسمية ودعم مالي سخي منها انتقلت إلى مساحات أوسع وآفاق أرحب بدخول المطبعة الحكومية والمطابع الخاصة الأخرى التي نشرت الكتاب والجرائد (جريدة عمان والوطن والشبيبة والرؤية) والمجلات المتنوعة (العقيدة والسراج والنهضة والأسرة والأضواء ونزوى ومجلة الدراسات العمانية والواحة ومرشد وغيرها من المجلات التخصصية والأكاديمية)، ثم الصحافة الإلكترونية التي تثري الساحة الثقافية بما تنشره من مقالات ودراسات وبحوث وإبداعات، وشاركتها هذه الأدوار الثقافية المهمة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التي أيضا حظيت برعاية ودعم النهضة المباركة.
أما إصدار «خيال» وهو خاص بالأطفال، ويضم 15 قصة في مغامرة مسلية ومدهشة عبر (خيال) مجنّح لكتّابها العمانيين الواعدين، فهو نتاج حلقة العمل التي أقامتها الجمعية بعنوان (أكتب حكايتك) والتي شكلت لتكون مسابقة إبداعية للأطفال، وجاءت حيث تلك الفترة التي غيّر فيها (فيروس كورونا كوفيد-19)، حياة الأطفال والناشئة في العالم صعبة عليهم؛ حيث قيّد حركتهم ونشاطهم الواسع، الذي كان يشمل المدرسة والمسجد والملعب والمكتبة والحديقة والتسالي والرحلات والسفر إلى حياة وحركة محدودة يحتويها البيت والسكن، لذا حرصا من الجمعية العمانية للكتاّب والأدباء ممثلة في لجنة أدب الطفل على استثمار مواهب وقدرات هؤلاء الأطفال والناشئة، أطلقت مسابقة (أكتب حكايتك)؛ لكون الكتابة وسيلة وأداة من أدوات التأهيل النفسي والذهني لخيال الأطفال.
شارك في المسابقة ما يقارب من ( 372 ) طفلا وناشئا من مختلف ولايات السلطنة، تتراوح أعمارهم بين السابعة والسادسة عشرة حسب الشروط المعلنة، وقد بذلت لجنة التحكيم ممثلة في كاتب قصص الأطفال مهند العاقوص وكاتبة قصص الأطفال بسمة الخاطرية جهدا مشكورا في فرز تلك المشاركات وتصنيفها عبر ثلاث فئات عمرية، وقد ترشحت عشرة نصوص للفوز دون ترتيب، ركزت لجنة التحكيم في تقييمها على جدة الفكرة القصصية، وتوفّر العناصر الفنية المكونة للعمل القصصي ومدى قدرة الطفل أو الناشئ على إبرازها جماليا وبلغة طفولية عفوية رشيقة دون تكلف. وحرصا من الجمعية العمانية للكتّاب على تشجيع المواهب الكتابية الواعدة فقد انتقت لجنة التحكيم خمس قصص إضافية من العشرين قصة التي وصلت القائمة الطويلة، وضمّتها في هذا الكتّاب وهي (السمكة، ورحلات إلى القمر والقارورة المضيئة، وهل حلّ القفّار اللغز؟، وهل فعلها شرشور؟)؛ ليتحقق الهدف الأسمى من المسابقة ومن نشر هذه القصص في كتاب وهو تشجيع وتأهيل وتنمية جيل يعبّر بالكتابة الفنية عن حبه لوطنه عبر خيال ممتلئ بجمالية عمان الحضارة والسلام والتسامح والصداقة. أما الإصدار الثالث فكان بعنوان »أناشيد الحياة» للشاعر العماني أحمد بن هلال العبري، الذي ضم مجموعة كبيرة من قصائده الشعرية، بعد علاقة مع الشعر والكلمة، فالشاعر العبري يأتي ليسجل حضوره الشعري لتوثيق تجربته التي امتدت لسنوات طويلة، وبيانها الفعلي في حضوره الأدبي الفاعل في المحافل والمناسبات الوطنية والخاصة.