المعاناة مستمرة ومتكررة كل عام رغم اعتماد العديد من الحلول المؤقتة التي لم تؤتِ أُكلها –
كتب ـ يوسف الحبسي:
تتكدس الرمال على مدخل ميناء الصيد البحري في نيابة الأشخرة خلال موسم الخريف من كل عام إذ تتسبب في إغلاق مدخله وتحول دون دخول أو خروج السفن والقوارب خلال تأثر النيابة بالرياح الموسمية التي تؤدي إلى ارتفاع أمواج البحر التي تصل في بعض الأيام إلى 5 أمتار، وقامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بتقديم العديد من الحلول إلا أن الظاهرة تتكرر خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر سنويًا. «عمان» استمعت إلى معاناة الصيادين بنيابة الأشجرة وتواصلت مع المديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بجنوب الشرقية التي أكدت البدء بمشروع إزالة الرمال من مدخل الميناء وحوضه خلال الأشهر المقبلة.
وقال حمد بن ثابت بن حمد الجعفري، أحد الصيادين المستفيدين من ميناء الأشخرة: إن معاناة الصيادين وأصحاب السفن من انسداد مدخل ميناء الصيد البحري بناية الأشخرة خلال موسم الخريف وارتفاع أمواج البحر بالرمال هي مجازفة محفوفة بالمخاطر إذ تعرض العديد من الصيادين إلى حوادث نتج عن بعضها إصابات استدعت دخولهم المستشفيات، كما أن أصحاب السفن «اللنجات» ليس باستطاعتهم في هذه الفترة من العام دخول المياه لذات الأسباب رغم احتياجاتهم إلى التزود بالوقود والثلج ومياه الشرب وغيرها من الاحتياجات، إذ في هذه الفترة من العام لا يستفيد الصياد بتاتًا من الميناء إذ أصبح الملاذ لأصحاب السفن الرسو في المواقع القديمة والمجازفة في التزود باحتياجاتهم قبل الانطلاق لرحلة الصيد.
وأشار إلى أن انسداد مدخل ميناء الصيد البحري في نيابة الأشخرة في هذه الفترة من العام مشكلة متكررة منذ افتتاح الميناء عام 2003 ورغم جهود وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بإزالة الرمال من مدخل الميناء إلا أن هذه الحلول مؤقتة، ولن ترقى إلى الحل النهائي للمشكلة، إذ كلف الحفر خلال الفترة الماضية ما يقارب مليوني ريال عماني في هذا الميناء الذي بلغت تكلفته إنشاءه 5.5 مليون ريال عماني إلا أن الحل النهائي لهذا المشكلة المتكررة إنشاء كاسر أمواج في الجهة الشرقية من الميناء.
فترة التغيرات المناخية
وقال ناصر الغنبوصي عضو شبكة صيد الأسماك وشبكة الصياد العماني وأحد الصيادين الحرفيين بجعلان بني بوعلي: إن فترة الخريف في بحر العرب التي تبدأ من مايو إلى نهاية سبتمبر الجاري من كل عام هي فترة التغيرات المناخية التي تصاحبها الأعاصير والعواصف المدارية والمنخفضات الجوية وتساهم تلك العوامل الطبيعية في زيادة هيجان وارتفاع الأمواج على طول سواحل بحر العرب مصحوبةً بالرياح الموسمية المعتادة التي يطلق عليها «الكوس» وكانت تلك الفترة هي فترة استراحة لكافة الصيادين في جنوب الشرقية، حيث يقوم الأهالي القاطنين على طول تلك السواحل برحلة الصيف إلى الولاية بعدما قاموا بحفظ ممتلكاتهم وسفنهم وقواربهم بعيدة عن الشاطئ وأماكن وجود دخول مياه البحر في تلك الفترة وتسمى تلك العملية بـ«الميحب» وهي عملية تنظيف ودهن وصيانة السفن الخشبية الشراعية «البدن» و«الهوارية» وذات المحركات «اللنجات» قديمًا، ومع بداية النهضة المباركة والتطور والاستمرار في زيادة الإنتاج والطلب المتزايد على الأسماك والرخويات وغيرها وتوفر النقل والخدمات اللوجستية ومع استبدال السفن الخشبية بسفن وقوارب صيد أكثر قوة من نوع فيبرجلاس مع محركات سهلة الاستخدام باشر الصيادون الصيد في فترة الخريف رغم مخاطرها ولكن الوفرة والتنوع في الأصناف من الأسماك وغيرها من الثروات البحرية أعطتهم حافزًا للربح والدخل الوفير بسبب ارتفاع الأسعار والطلب والتصدير.. ولكن مع تلك الوفرة والدخل والربح وزيادة في الإنتاج السمكي عانى الصيادون في جنوب الشرقية من تلك الأحوال لفترة طويلة من الزمن حتى أتى خبر إنشاء ميناء صيد بحري في نيابة الأشخرة بولاية جعلان بني بوعلي وكان خبرًا مفرحًا لكافة العاملين في هذا القطاع الحيوي والذي سيوفر كثيرًا من الخدمات لسفن الصيد الساحلي والقوارب وسيكون بر الأمان للجميع في فترة الخريف وغيرها.
وأشار إلى أنه بإنشاء الميناء وافتتاحه في عام 2003 أصبح القطاع السمكي أكثر نشاطًا وإنتاجًا وإذ أضحى الميناء مركزًا للتفريغ والإنزال والتعبئة على مدار العام وأكثر أمانًا وسلامة حتى بدأت ظاهرة الدفن وتراكم الرمال على مدخله وعاما بعد عام، وبسبب تلك الرمال تعرضت السفن والقوارب والأرواح والممتلكات للكثير من الحوادث الخطيرة، وبعد مناشدات تم طرح مناقصة لحفر الميناء بعد استحالة الإبحار منه وبالفعل أتت شركة وقامت بحفر الميناء، وتمت إزالة كافة تلك الرمال وعاد الميناء إلى طبيعته، وما هي إلا فترة بسيطة حتى عادت تلك الرمال وتراكمت على مدخله من جديد كأنه لم تكن بالأمس هناك مناقصة أو حفر، ومن تلك الفترة التي طرحت فيها المناقصة استمر الحال على ما هو ينتظر الصيادون حالة المد حتى يبحروا بسفنهم وفي حالة الجزر يتجنبون الإبحار والذهاب لصيد مخافة الخسائر في الأرواح أو الممتلكات.
وأكد أن المناشدات من الأهالي وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى وأعضاء المجلس البلدي والعاملين في مهنة الصيد بالولاية ظلت مستمرة ومتواصلة إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وبالفعل استجابت الوزارة لتلك المناشدات وقامت بطرح مناقصة حفر للميناء ولكنها لم تحل مشكلة التراكم المستمر بل استمرت المشكلة، وأصبحت تمثل قلقًا لدى كل صياد وصاحب سفينة، وتم طرح حلول من الأهالي والصيادين منها إعادة هيكلة الميناء رغم تكلفته ماديًا إلا أنه سيكون حلًا نهائيًا تجنبًا للمناقصات المتكررة التي ستساهم في هدر المال العام دون حل جذري للمشكلة.
وأضاف: نود إفادة المسؤولين بالوزارة أن تلك الظاهرة هي ظاهرة طبيعية تحدث في بحر العرب وهي تسمى ظاهرة الدفن والحفر وخاصة من شهر مايو إلى سبتمبر من كل عام، حيث تساهم التيارات البحرية القريبة من الشاطئ بتحريك رمال كثيرة تغطى بها الحيود الصخرية والأخوار والرؤوس وتنقلها من مكان إلى مكان وبسبب وجود الكاسر الشرقي للميناء فإنه يسهم في الحفاظ على تلك الرمال ويمنعها من الانتقال، ويكون دوران التيارات الساحلية المحملة بالرمال بسبب المدخل إلى داخل الميناء وتتراكم على مدخله، ومهما حاولنا أن نقوم بحفر الميناء عن طريق طرح المناقصات لن يجدي نفعًا وستعود الرمال إلى مكانها من جديد، وكلنا ثقة في خبراء الوزارة من أجل التوصل إلى حل نهائي ينهي هذه المعاناة ويعود هذا الميناء إلى عهده مزدهرًا بنشاطه الاقتصادي والسياحي ويكون رافدًا من روافد الدخل الوطني.
معاناة متكررة
وقال سالم بن غنام الجعفري، أحد الصيادين الحرفيين بنيابة الأشخرة: إن فترة الخريف تضع نيابة الأشخرة ضمن أفضل مناطق صيد أسماك التونة بالإضافة إلى الحبار ويعتمد ما يقارب 80% من سكان النيابة على مهنة الصيد الحرفي، إذ يعد مصدر الدخل الوحيد لهم لذا يتعرض ميناء الصيد البحري في الأشخرة خلال هذه الفترة من العام إلى غزو الرمال لمدخل الميناء مما يتسبب في انسداده وهي معاناة متكررة منذ افتتاح هذا المشروع في عام 2003 إذ لابد من دراسة هذه المشكلة وقت حدوثها لتكون المعالجة ناجعة.
وأشار إلى أن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه قدمت العديد من الحلول أو يصح أن نسميها أسرع الحلول التي للأسف تقع في خانة الحلول المؤقتة بتكاليف عالية لمشكلة انسداد مدخل ميناء الصيد البحري في الأشخرة ثم تعود المشكلة مرة أخرى للمربع الأول.. مشيرًا إلى أنه لدينا كصيادين العديد من المقترحات مستفيدين من هذا المشروع المطل على بحر العرب، من بينها توسعة حوض الميناء وإيجاد كاسر أمواج آخر لحماية الميناء من تكدس الرمال، إذ توجد في نيابة الأشخرة ما يقارب من 150 سفينة حرفية وسفينة ساحلية بالإضافة إلى نحو 500 قارب صيد حرفي، كما يوجد بها نحو 100 يخت لصيد الأسماك وهذه الأرقام تظهر أن حوض الميناء لا يكفي لكل هذه السفن، لذلك تجد معظم السفن راسية خارج الميناء بالإضافة إلى المشكلة المتكررة سنويًا في مثل هذه الفترة من العام وهي انسداد مدخل الميناء بالرمال.
وأضاف: إن الميناء يحتاج اليوم إلى مراجعة دراسة واسعة بمشاركة الأهالي في النيابة لإيجاد حل دائم لهذه المعاناة، إذ إن الكثير من الأهالي العارفين بموقع نيابة الأشخرة البحري واتجاه الرياح والتربة كان لهم رأي مخالف لموقع الميناء من الناحيتين الفنية والهندسية.. مضيفًا: إن النواخذة في الأشخرة اقترحوا توسعة الميناء باتجاه الشرق وإيجاد كاسر يمنع الرمال من سداد مدخل الميناء وتعميق حوض الميناء وحمايته من جهة الجنوب بحاجر يمنع دخول الرمال على أن يخصص مدخل صغير للقوارب لا يتأثر بتراكم الأتربة.
وأكد أن نيابة الأشخرة خلال موسم الخريف تشهد أمواجًا عاليةً جدًا، وتعتبر النيابة مصدرة للثروة السمكية للأسواق المحلية والخليجية إذ تجتمع في الأشخرة كل مواسم الصيد طوال العام لذا معظم سكان النيابة يعملون طوال العام بينها موسم الخريف الذي للأسف خلال هذه الفترة يعاني الصيادون معاناة شديدة من حوض الميناء إذ إن سد الرمال لمدخل ميناء الأشخرة تؤدي إلى تكون أمواج عاتية وتتسبب في الكثير من حوادث السفن والقوارب حتى وصل الأمر إلى إصابات في الصيادين نتيجة هذه الأمواج العاتية.
وقال محمد بن خميس بن محمد الجعفري من الصيادين الحرفيين بنيابة الأشخرة: استبشرنا خيرًا بافتتاح ميناء الصيد البحري في الأشخرة عام 2003 لكن بعد مرور عامين ظهرت مشكلة غزو الرمال وردمها لمدخل الميناء التي أسهمت في تأثر الصيادين خلال هذا الفترة من كل عام سواء أصحاب السفن «اللنجات» أو قوارب الصيد الحرفي.. منوهًا إلى أن الوزارة لم تستشر الأهالي العارفين بالبحر وأغواره حول موقع مدخل الميناء الذي منذ الأزل تتجمع في هذا الموقع بذات الرمال في هذه الفترة من العام.
وأشار إلى أن الوضع في مدخل الميناء شبه كارثي نتيجة سد الرمال لمدخل الميناء مع وجود أمواج عاتية خلال هذه الفترة من العام وحال ذلك دون دخول أصحاب السفن إلى الميناء.. مشيرًا إلى أنه رغم زيارة معالي الدكتور وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لميناء الصيد البحري في الأشخرة والاطلاع على ما يكابده الصيادون من معاناة إلا أنه لم يستجد جديد للآن رغم وجود الحلول بينها استحداث كاسر أمواج بطول 900 متر باتجاه الشرق والجنوب الشرقي وإضافة كاسر أمواج آخر في جنوب الميناء ونحن على يقين أن هذا الحل سيعالج المعاناة السنوية للصيادين إذ تعد الفترة الحالية أكثر الفترات إنزالا للثروة السمكية خلال العام.
تعقيب الوزارة
وقال المهندس حمد بن راشد البريكي، مدير عام الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بجنوب الشرقية: إن موانئ الصيد البحري من المرافق المهمة التي أنشأتها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لخدمة الصيادين والمرتادين من الذين يتعاملون مع القطاع السمكي، وحرصت الوزارة على توفر جميع الأنشطة والخدمات التي يحتاجها الصيادون، وكذلك تحرص في ذات الوقت على سلامة المرافق ومن ضمنها حوض ميناء الصيد البحري بنيابة الأشخرة، لضمان استمرار الصيادين في مزاولة عملهم والمحافظة على مصدر رزقهم، لذا فإن الوزارة تولي ميناء الصيد البحري بنيابة الأشخرة عناية خاصة بسبب تأثر الميناء بالرياح الموسمية التي تؤدي إلى تراكم الرمال على المدخل وداخل الحوض، حيث يحظى بمتابعة مستمرة من قبل المختصين بالمديرية.
وأضاف: ولإيجاد الحل الجذري لهذه المشكلة فقد تم إجراء عدة دراسات، وكانت النتائج دائمًا تأتي بحلول مكلفة من جانب، ولها تأثير سلبي على البيئة من جانب آخر، حيث ستؤدي إلى تجمع الرمال على الشاطئ من الجهة الجنوبية للميناء، لذلك فإنه يتم العمل على إزالة الرمال كلما تطلب الأمر ذلك، وخلال هذه الفترة فإن الوزارة تعمل على الإعداد لمشروع يهدف إلى إزالة الرمال المترسبة على مدخل وحوض الميناء، مدته سنتين يتم من خلاله تنفيذ مسح هيدروجرافي لقياس الأعماق في المنطقة التي سيتم تنفيذ هذه الأعمال بها، وإزالة الرمال من حوض الميناء بمقدار 80000 متر مكعب، ونقلها إلى خارج الميناء، والمشروع الآن في مرحلة إنهاء إجراءات التناقص، على أمل أن يتم البدء بالعمل خلال الأشهر القادمة من هذا العام.