معاناة أبناء القرية في ذهابهم للمدرسة –
كتب ـ سهيل بن ناصر النهدي –
منذ سنوات يراود الأمل أهالي منطقة عمق الرباخ بولاية قريات برصف الطريق الرابط بين قريتهم وأقرب طريق مرصوف يؤدي إلى بقية مناطق الولاية، ومع قرب عودة الطلبة إلى مدارسهم، كان راشد بن حامد الربخي يأمل كبقية أهالي القرية أن تذهب ابنته (ميمونة) البالغة من العمر 10 سنوات إلى مدرستها بحافلة مدرسية تسير بطريق مرصوف وآمن ، إلا أن حلم رصف الطريق لم يتحقق بعد.. ولكن الآمال باقية في النظر من قبل الجهات المعنية لرصف الطريق وإنهاء معاناة الأهالي بعمق الرباخ لرصف الطريق الذي طال انتظاره.
والد الطالبة ميمونة الربخية واحد من بين عدد كبير من أهالي منطقة عمق الرباخ الذين يأملون بتغيير واقع حياتهم اليومية ومعاناتهم من الطريق الجبلي الوعر الذي يستخدمونه للتنقل من قريتهم إلى بقية مناطق الولاية ومحافظة مسقط، فهم يحلمون بطريق مرصوف وآمن يسيرون عليه ويتنقلون ويصلون بسرعة إلى المناطق الأخرى للتعليم أو العلاج وغيرها من شؤون الحياة الطبيعية. «عمان» تنقل مطالب الأهالي مرة أخرى بعد أن نقلتها منذ سنوات وتعيد مطالبهم بضرورة رصف الطريق.
18 كلم
يروي راشد معاناة أبناء القرية وخصوصا طلبة المدارس قائلا: كنت آمل أن يرصف الطريق منذ سنوات وأن تذهب ابنتي وبقية أبناء القرية إلى مدرستها عبر حافلة أو مركبة ولكن بطريق مرصوف، فرحلة طلبة قرية عمق الرباخ اليومية أثناء توجههم إلى المدرسة شاقة، حيث تبدأ الاستعدادات للتوجه للمدرسة مع صلاة الفجر عند الساعة الرابعة ليبدأ المسير عبر الطريق الجبلي الترابي من قرية عمق الرباخ إلى قرية ضباب التي توجد بها مدرسة البنات، وعبر سيارات للدفع الرباعي يُنقل طلبة القرية لمسافة 26 كلم منها 18 كلم غير مرصوفة.
إنهاك وإعياء
وعبّر الربخي عن مخاوفه ومخاوف غيره من أبناء القرية من هذه الرحلة اليومية التي تبدأ من الفجر ويعود فيها الأبناء إلى منازلهم عند الساعة الثانية ظهرا ، في رحلة ساعة كاملة في الذهاب وساعة أخرى عند العودة وقال: لدينا مخاوف على سلامة أبنائنا فالطريق وعر والمسافة يومية خصوصا وأن الذهاب والعودة من وإلى المدرسة يستغرق ساعة عند الذهاب وساعة عند العودة، بطريق جبلي وعر، مضيفا أن طلبة المدارس وخصوصا صغار السن منهم يتكبدون مشقة كبيرة من طول المسافة ووعورة الطريق والمدة الزمنية التي تبدأ عند الفجر وتنتهي عند الظهر أو العصر في بعض الأحيان، مشيرا إلى الإنهاك والإعياء الذي يصيب الطلبة من هذه الرحلة.
وبين الربخي أن الطريق فيها الكثير من العقبات للصعود والمنحدرات وتطاير الغبار، مؤكدا أن كل هذه العوامل تسهم في تكبد الأبناء مشقة كبيرة أثناء توجههم للمدرسة بشكل يومي، مشيرا إلى أن المشقة تتضاعف عند هطول الأمطار حيث ينقطع الطريق بشكل كامل الأمر الذي تتوقف معه حركة المركبات مما يجبر الطلبة لاستخدام المشي على الأقدام للوصول إلى منازلهم.
تحصيل متدن
وأضاف راشد الربخي: التحصيل الدراسي لمعظم أبناء قرية عمق الرباخ متدنٍ، معربا عن اعتقاده في أن المشقة التي يتكبدها الطلبة للذهاب من وإلى المدرسة واحده من الأسباب التي أدت لذلك، وقال: عندما نتخيل مشهد توجه طلبة عمق الرباخ إلى مدارسهم وبدء الاستعداد لذلك منذ الفجر ومن ثم التوجه عبر طريق جبلي وعر بمركبات دفع رباعي، ومدى تأثير ذلك على مستوى الطلبة التحصيلي والدراسي، فمن غير المعقول أن يتحمل طلبة صغار في السن كل هذه المشقة، مؤكدًا بأن رصف الطريق سوف ينهي معاناة الأهالي وأبنائهم ويحل الكثير من الجوانب ويحقق آمال أبناء القرية.
الحالات الطارئة
الطريق الجبلي الرابط بين قرية عمق الرباخ والقرى الأخرى بولاية قريات أثَّر على واقع الحياة العامة للأهالي خصوصا في تنقلهم، ولم يقتصر على معاناة طلبة المدارس فقط ، هذا ما أكده يونس بن خميس الربخي الذي أوضح أن تأثير الطريق ووعورته شمل جميع مناحي الحياة، مشيرا إلى الكثير من الحالات المرضية التي يتطلب نقلها إلى مستشفى قريات أو مستشفى خولة بمحافظة مسقط وقال : تبرز حاجتنا لرصف الطريق عند وجود حالات مرضية فنحن نقطع مسافات طويلة بطريق وعر في الحالات المرضية الطارئة، وكما هو معروف أن الحالات المرضية كلما وصلت باكرا للمستشفى فإن ذلك يسهم بشكل أفضل في العلاج وكلما تأخرت الحالة تضاءلت آمال الشفاء.
وأضاف يونس الربخي: مناشدات الأهالي لرصف الطريق منذ سنوات، وتقوم بلدية مسقط بين فترة وأخرى مشكورة بمعالجة للطريق ولكن هذه المعالجة تحل مشكلة وعورة الطريق مؤقتًا، وبعد مرور أيام بسيطة يعود الطريق للحالة نفسها، مشيرا إلى أن الأهالي قاموا منذ مدة بجهود ذاتية لوضع معالجة سطحية لبعض أجزاء الطريق خصوصا عند المنحدرات الخطرة و العقبات الصاعدة، ولكن بعد الأمطار التي هطلت مؤخرا (منخفض الحج) تأثرت هذه المعالجات كلها وعاد الطريق مرة أخرى بالوعورة والمشقة نفسها، مجدِدًا مطالبته بضرورة رصف الطريق.
انقطاع الطريق
من جانبه قال ناصر بن سعيد الربخي: ينقطع بنا الطريق كليا عند نزول الأمطار وانحدار المياه من على سفوح الجبال، حيث يختفي الطريق في بعض الأماكن بشكل نهائي، وعند انقطاع الطريق يتوقف تواصل الأهالي ببقية مناطق الولاية ولا يستطيع أحد التنقل.
وبيّن ناصر الربخي: رصف الطريق سوف يسعد أبناء قرية عمق الرباخ، ويغيّر من واقع حياتهم، وأيضا يسهم في إنعاش الحركة السياحية بالقرية، موضحا بأن رصف الطريق سوف يسهل من حركة الموظفين من أبناء الولاية ويسهم في التسهيل عليهم في التنقل من قريتهم إلى أماكن عملهم .
من جانبه أكد أحمد بن خميس الربخي أن أهالي قرية عمق الرباخ يأملون منذ سنوات في رصف الطريق الواصل بين قريتهم والقرى الأخرى، وقال : بلدية مسقط قامت بجهود لمعالجة بعض الأجزاء من الطريق، ولكن هذه المعالجات غير كافية وتتآكل باستمرار مع مرور المركبات وأيضا هطول الأمطار، موضحا أن هذه المعالجات مكلفة لأنها غير ثابتة فيما لو رُصف الطريق فإن ذلك سيحل المشكلة تمامًا.
واقع الحياة
و أشار أحمد إلى أن واقع حياة أهالي قرية عمق الرباخ سوف يتغير مع رصف الطريق، حيث ستتحسن ظروف الحياة ويمارس المواطنون حياتهم بشكل طبيعي ويأمن أولياء الأمور على سلامة أبنائهم وهم يتوجهون إلى المدرسة وكذلك يسهّل تنقل المرضى ووصولهم إلى المستشفيات في الوقت المناسب، إضافة إلى غيرها من أوجه الحياة اليومية التي تستدعي رصف الطريق، وعلى الرغم من أن هناك جهودًا من قبل بلدية مسقط في التعاقد مع إحدى الشركات لصيانة الطريق بين فترة وأخرى، إلا أن الصيانة لا تكفي حيث تعود المعاناة خلال أيام والطريق يحتاج إلى رصف لينهي هذه المعاناة نهائيًا.