،،،،،،،، العبث بشباب الأمة بذريعة التنوير
حرر عقلك مع عبد العزيز بدر القطان ،،،،،،،،،،،،،،،
صدق الله العظيم حين قال في كتابه الكريم: “قُتِلَ الإنسان ما أكفره”، فالإنسان دائما بطبيعته يجحد نِعَم الله سبحانه وتعالى، إذ أعطاه الإدراك والوعي والحواس والبصيرة، ومع ذلك يجحد، ويتصور أنه متمكن من العلم، وأنّ العلم يهزم الإيمان، وفي الوقت الحالي، هناك صراع “صراع الإيمان والكفر”، بمعنى العناد وهذه مشكلة في العالم العربي والإسلامي.
الغرور العلمي
وصل الإنسان لمرحلة متقدمة بالعلم، الأمر الذي جعله “يلحد”، ويتطاول على الله تبارك وتعالى، ويتكلم عن الظواهر الكونية، لكن المشكلة الكبرى بأن هؤلاء قرأوا كل شيء، فبات هناك خشية على الإسلام منهم في ظل نزعة الغرور العلمي التي باتوا يملكونها، فيتصور البعض عندما يقرأ بالطبيعيات والماورائيات والأنثربولوجي وتاريخ الأديان وغير ذلك، بأنه وصل إلى عنان السماء، فلينتقد ويتكلم فهو قرأ بكل شيء عدا الإسلام، ولم يقرأ القرآن ولا يحسن حتى قراءته والاستشهاد بآية قرآنية.
الدين بوابة الحضارات
هناك ظاهرة لإنسان بشكل عام “التنويريين” إذ معظمهم لديهم مشكلة نفسية ويعانون من اضطرابات نفسية قد يكونون متخصصين بعض الشيء في مجالهم ولكن يعانون بمرض نفسي عن جاز التعبير، وهذا واضح وضوحا جليا، إذ ينكرون وجود الله سبحانه وتعالى، ويتكلمون بكل شيء “الأنثربولوجي وعالم الديانات والماورائيات والاساطير” وغير ذلك، أما حول الدين نجدهم لا يستشهدون بآية قرآنية أو يذكرون عظمة الخالق، فالإنسان بالفطرة يعظم الخالق، لكنهم يحاولون تطبيق نظرياتهم على الحاضرين، فحتى العلم الذي يتحدثون عنه هو مجرد نظريات ولا يرتقي لأن يكون علم، فهناك مئات المؤلفين وأطنان من الكتب كتبت حول ذلك، ولكن لم يذكر أحد أنه وصل إلى حقيقة مطلقة، بل كله يندرج تحت مسمى “نظريات”، إلا أن الطامة أن هؤلاء يحاولون أن يدخلوا على شباب الأمة بما يحملون من ثقافة مغلوطة، ففي قراءة بعض هؤلاء، نجد بداياتهم كانت شيوعية كمثال ، ومن الواضح من مسيرة حياتهم أنهم لم يقرأون الإسلام أو التاريخ، ولم يقرأون القرآن قراءة إنسان موضوعية، فهم دخلاء على الأمة العربية وعلى الشباب العربي والإسلامي وعلى المنطقة عبر الغرب، إذ قرأوا من خلال المخطوطات الروسية والألمانية والإنكليزية والفرنسية والأمريكية واعتمدوها كمراجع لهم، وهذه مشكلتنا بأن الشباب ينبهر ويتصور بأن هذه هي الحداثة وهنا لا بأس فنحن مع الحداثة ومع التنوير لكن لذلك أصول منهجية علمية لا يكون من خلال هذا العبث والهراء.
الأسطورة
فهم يحاولون التأثير على الناس والعامة مثلا في قضية الأسطورة، فالقرآن الكريم ذكر الأساطير وتكلم عن أساطير الأولين، وسبحان الله إن أول من تكلم ولمز في القرآن وتكلم عن النبي (ص) المعاندين من قريش هم الذين قالوا “أساطير الأولين”، واليوم شباب الأمة باسم الحداثة والعلمانية والتنوير يقولون “أساطير الأولين”، إذاً هم سلف للملحدين الذين كانوا في عصر النبوة، في زمن موسى وعيسى وكل الرسل، إذاً ذات الحالة في الغرور العلمي والعقد النفسية تنعكس، فهؤلاء الذين يدعون التنوير يستغلون أن شباب اليوم لم يقرأ قراءة واعية، وحتى بعض رجال الدين المغالين الذين ما أحسنوا عرض الإسلام بطريقة صحيحة، تمدد هذا وغيره من هؤلاء بفراغنا، فالإسلاميين الحقيقيين والعلماء الربانيين الذين يدمجون بين العلم والدين، فالعلم لا ينفصل عن الدين، بل هو يحث على الدين، والتنوير والعقل ويتكلم دائما عن النظريات العلمية والدين يحرض على التخصص بالطب والفلك وعشرات المواضع القرآنية كوثيقة سايكلوجية جميلة تتكلم عن أسرار النفس والطب وغير ذلك، فهؤلاء عندما يتكلم عن الأسطورة هم يذكرون خرافة وموجودة ضمن محرك البحث “غوغل”، وفي كتب كثيرة، إذا هم لم يأتوا بجديد، أو دليل على كلامهم، ويروجون على أن ما يذكرونه حقيقة مطلقة إلا أنها منافية للعقل وغير صحيحة البتة، فالأسطورة هي تفسير خاطئ لظاهرة حقيقية، فعند ذكر الأسطورة وإدخال الدين فيها هذا يعني وكأن الدين أسطورة، فهذا الكلام جحود لمكانة الله سبحانه وتعالى، وهنا تكمن المشكلة فقد يكون الإنسان بارع في طرحه واستعراضه ويتمدد بفراغ الشباب مستغلا ذلك، خاصة وان شباب اليوم لا ولم يقرأ، فنحن نخاف اليوم على شباب الأمة من خلال اعتمادهم لمفهوم الحداثة والعلمانية ، فوقعنا اليوم في فخهم، وحتى علماء الانثر بولوجي في مصر لم يذكروا بأن لديهم شيء قطعي ودلالة بأن الحضارة المصرية كانت مبنية على الديانة كذا أو كذا، فكل ما سبق عبث.
ما ذا تريد
دائما يجب أن نذهب إلى النتائج، فما المراد من هذا الطرح، يريد هؤلاء تلبيس الناس ثقافة الشيوعية القديمة التي لا تؤمن بوجود خالق في الأساس وإن الحياة مادة، يريدون القول بأن هذا العلم وأن الدين أسطورة من خلال الترويج لأنفسهم، فهذه العقد النفسية لدى الفرد تنعكس على العامة، وهنا أحذر الشباب من قضية هؤلاء المعاندين المتعالين حتى على الدين، وسبحان القائل “فإنها لا تعمى الأبصار، بل تعمى القلوب التي في الصدور”، فهؤلاء مساكين ولم يذوقوا حلاوة الإسلام، فهنا لم أتكلم عن إسلام العلماء أو الإسلام السياسي، بل عن إسلام الفطرة الذي يحافظ على كرامة الإنسان ومكانته وعدالته الاجتماعية والتقوى والعفة والفكر واحترام التخصص، هذا هو الإسلام الحقيقي، لكن هذا التخريف والتحريف لكتاب الله وللديانات السماوية والتطاول على مكانة الله بذريعة التنوير فهذا ليس تنويرا بل تخريب للعقول، فاحذروا هؤلاء الناس ومن يدعون أنهم علماء الانثر بولوجي فهؤلاء لم يأتوا إلا ليهدموا الدين وينزعوا إيمان الشباب. واحذروا دعاة الإلحاد والتنوير الذين بدأوا يغزون عالمنا الإسلامي والعربي والخليجي بحجة التنوير، فالحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان والعقل والعلم الحقيقي الذي أرشدنا إليه سبحانه وتعالى بكتابه العزيز بعشرات المواضيع “أفلا يعقلون، أفلا ينظرون”.
إقرأ الإسلام جيدا!
المشكلة عندما يقرأ الإنسان ثقافة من جانب واحد ويريد أن يسقط هذه الثقافة على واقعنا وعلى مجتمع إسلامي وهو لم يقرأ الإسلام، فلذلك من الغبن ومن الخطأ الكبير أن يقرأ الإنسان ثقافة أو فكر معين ويسقطه على الإسلام، لكن نطمئن كل الشباب بأن الإسلام عملاق ولا يستطيع كائنا من كان أن يشكك المؤمنين والمسلمين في إيمانهم، فإسلامنا إسلام علم إسلام ثقة وإسلام تعلق بالله تعالى وإعمار الأرض بالحب والسلام والعدالة الاجتماعية والتقوى والإحسان، هذا هو إسلامنا لا نتكلم اليوم عن إسلام الطوائف والمذاهب بل عن إسلام المحبة فالإسلام ينظم حياة البشر ويصون كراماتهم، على عكس أوروبا اليوم، فمن المؤكد أن الغرب يتمتع بالتطور والحداثة ولا ننكر هذا الشيء لكن في المقابل هل اليوم كرامة الإنسان عندهم مصانة بحجة الحرية، فنقرأ في إحصائية للأمم المتحدة عن نسب معينة لأمور نهى عنها الإسلام “كالزنى”، ونسبة أمراض الإيدز وحالات الانتحار فهي أرقام كبيرة جدا ومرعبة، فالدين يحمي الإنسان وكرامته أيا كانت الديانة فما بالكم بالإسلام، فالحداثة بمفهوم العلمانيين والملحدين تحدث فوضى اجتماعية، فلذلك هنيئا لمن تمسك بالمبدأ وبالقرآن وبهذه الشعائر الجميلة وبعزة الإسلام، فهذا الدين ليس لباس أو لحية بل هو سلوك والمسلم الحقيقي هو من يتمسك بشعائره ويحافظ على نفسه وعلى أمته والمجتمع، فالإسلام مشروع امة ليحمي الناس لا مشروع فردي، دون أن ننسى انه أنصف حتى غير المسلم وحماه، فهو دين القيم والمبادئ وإن انحرف المسلمون اليوم بسلوكهم وأدبياتهم لكن هنا نركز على المبدأ الإسلامي لا على سلوك أفراد، فعلى المثقفين والمفكرين ان يتصدوا لمثل هذه المشاريع فنحتاج اليوم لان نطرح قضايا ترتقي بالأمة من على منابرنا وفي محاضراتنا ونرفع من الإنسان وعن العلوم المعاصرة مستمدين من تاريخنا وديننا لننطلق لنبني أمة كما اجدادنا في الاندلس وعلماءنا كابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم، فلن تنهض الامة حتى تتخلص وبكل جرأة من هذه الخرافات والمخرفين والتمسك بالقرآن الذي هو وثيقة مبدأ وقيم وعهد بين العبد وربه وحفاظ على المجتمع والأرض والسيادة والناس وحقوقهم.