إلهام السيابية
دخل كريم غرفته في الفندق من بعد مؤتمر طويل ومشاورات كثيرة مع أصحاب الشركات الأخرى وهو مكتئب وتعب فلم يحضى اليوم بفرصه ليكلم ابنتيه وزوجته ليستطيع ان يطمئن على أحوالهم…ولكنه أخذ الهاتف مباشرة ليتصل فتهدأ نفسه وهو يستمع لصوت زوجته.. الحنون قائلة ..هلا بالغالي …غلا الكون كله ..
فطابت نفسه وهو يجيبها : هلا بامواج البحر يعتليه شوق ويضمه.. فتجاذبا أطراف الغزل وبعدها سال عن ابنتيه فطمأنته وتركته ليتحدث إليهن ارتاحت نفسه و.تعالت ضحكاته وهو يستمع لكلامهن الغير مفهوم خاصة من ابنته الصغيرة وعد ذات الربيعين.. وتهللت اساريره وانفرج همه وهو يقول لزوجته .. القاكم غدا يا أحب الناس …فتجيب ضاحكة ونحن ننتظرك كالجمر.. انه يحبها بجنون ولكن كيف سيخبرها…لا يعرف ..هو بنفسه لا يصدق انه سيقوم بهذا العمل ولكنه لم يخفي عنها يوما اي شيء حتى وان كان صغيرا . ..وان أراد ذلك لا تطاوعه نفسه فهي اعلم به من نفسه ..ولكن كيف سيخبرها كيف…كيف …وضع رأسه بين يديه وهو يقول في نفسه كيف ساخبرها بانني نويت الزواج باخرى وهي زوجته وحبيبة قلبه وأم لفلذات أكباده . كيف سيقول لها بان أخرى اخذت نصف قلبه ونصف عقله فأصبح هائما بها …لا يستطيع أن يفارقها..ورغم كل شيء يعرف كل ما ينتظره ولكنه قد استخار… وسيتوكل على الله في هذا الأمر…
بينما أمسكت منى بسماعة الهاتف تحتظنها بكل محبة ..تعلم بأنه يخفي أمرا عنها الا انها ارجت ذلك لقرب الاحتفال بعيد ميلادها فربما يستعد ليفاجأها بهدية خاصة لليله خاصة ..ولكن صوت عمتها الصارم اخرجها من تأملاتها ..قائلة : يا ابنتي ..اعلم ان ابني يحبك ولكن مهما كان انتبهي لنفسك…فالرجل مهما كان رجل . يبحث عن الراحة في اي مكان ..
ولكنها طمأنتها قائلة ..مثل كريم لا يوجد ٢
نظرت عمتها إليها وهي ترى الفرحة والحب يشعان في عينيها، فلم تستطيع أن تضيف اي حديث آخر…لقد علمت بنية زواج ابنها رغم حبه الكبير لزوجته وابنتيه…الا انه أصر على الاستمرار في الأمر.
تأملتها عمتها بعين فاحصة..لما يتزوج ..وهي تعلم انه يحبها ويحب التراب الذي تمشي عليه لما يتزوج بأخرى وزوجته من النساء القلائل اللآتى يهتممن بكل صغيرة وكبيرة تخص زوجها ..لما يتزوج وكلام الحب والغرام والهيام يملاء قلبيهما..
من هي تلك المرأة التي استطاعت أن تأخذ بقلب ابنها وعقله ليجابه أهله وزوجته وكل من يحب قد يلومه على هذا الزواج .. ..من تكون ؟؟
تامل كريم زميلته في العمل وهي ترتب اوراقها وملفاتها قائلة :
لا تستعجل وتخبر زوجتك اليوم
ولما اليوم …انه عيد ميلادها لا تحزنها !!
لا…لن أؤجل الحديث ليوم اخر اليوم بالذات عليي ان أخبرها لا اتحمل ان اخفي عنها شيء.
نظر لزميلته الانيقة الجميلة …لما اختارها هي بالذات رغم أنها مطلقة وأم لابنتين في سن البلوغ وزوجته تزوجها بعد قصة حب طويلة ومازال حبها يداعب هواجس قلبه..لما هبة بالذات ..لقد تزوج منى رغم وجودها في مكتبه من سنين عديده لم يفكر فيها يوما كزوجه وإنما كزميله عمل فقط بينهما الاحترام والتقدير ..هادئه الطباع ..استلفت انتباهه صبرها على طليقها الذي كان يحضر لمكان عملها ويتطاول عليها بالكلام والسب واللعن بارغامها للرجوع له وهي تقف شامخة امامه ..وتقول له: نجوم السماء اقرب لك ..استطاعت أن تحتويه بفكرها ورزانتها واهتمامها بنفسها وبابنتيها ..استطاعت أن تشعره انه بحاجة لإمرأة أخرى غير زوجته .رغم حبه الكبير لها … رغم أن زوجته لم تقصر يوما في حقه ولا في الإهتمام بكل ما يحب …
( كان يوما رائعا )..
احتفل كريم بيوم ميلاد زوجته مع أهله وأسرته ثم اخذها معه ليتمشيا معا على شاطئ البحر …احست بانها تملك الدنيا لكل الحب الذي أهداها اياه زوجها …عندما وصلا لغرفتيهما أخذها جانبا.. على كنبته المفضلة وأخذ بتقبيل يدها قائلا :
تعالي اجلسي فأنا لا استطيع ان أخفي عليك أمرا…جلست مسترخية على صدره وهو يلاعب اصابعها ويحتضنها بقوة وهي تقول له : اعرف انك تخفي عني أمرا فما هو ؟؟ تردد لحظتها من البوح عندما نظر لعينيها وفرحتها في تلك الليلة ولكنه قال بصدق : تعلمين اني لا استطيع ان أخفي عنك شيء …منى …ساتزوج؟
نظرت إليه مازحة .. كيف ؟؟ نظرت لعينيه مباشرة.. فهي تعلم متى يمزح زوجها…هذ مزاح ثقيل …
انا لا امزح ،، أردت أن تكوني على علم بما سيكون …
تعرف انه لا يمزح وهل تغفل عن زوجها … لقد احست بتغيير في تصرفات زوجها وسرحانه المستمر وهاتفه الذي يتلقاه بلهفة المشتاق كلما جاءته رسالة او اتصال احست ان هناك امرأة ..ولكن إحساسها بانه يحبها لم يتغير
سؤاله المستمر عنها وعن البنات وحضوره الدائم الأسبوعي ليقض كل الاسبوع في سعادة بعيدا عن ضوضاء العمل.. بكت بحرقة.. فهي تحبه ولا تقبل ان تشاركها أخرى في زوجها ..
لا تبكي ..دموعك تعذبني
انت تريد أن تتزوج غيري ..اتعرف ماذا يعني هذا الشعور …
كانك تغمد سكينا في صدري
ارجوك يامنى ..تفهمي الأمر
اخذت في البكاء والصراخ ..ولم تعرف كيف قضت تلك الليلة ..اما كريم فتركها في الغرفة وجلس في الصالة المفتوحة لغرفتها ..وكان يطمن عليها بين فينة وأخرى ..كان هذا الاسبوع الأطول في حياتها.. وكأنه سبع سنوات من عمرها …لقد خيرته ان يختار بينها وبين المرأة الجديدة … رغم أنها خائفة ان تخسره لأنها رأت تعلق زوجها بالأخرى..اخذها لبيت أبيها لاصرارها على ذلك وأخذ يتصل بها بشكل يومي ليطمئن عليها وعلى بناته .. انتشر الخبر في العائلة بزواجه الجديد ..ومنهم من كان يلومها لتركه مدة اسبوع كامل لتحضى به الأخرى ومنهم من عاب على كريم فعلته فزوجته لم تقصر عليه في شيء. أعادها عمها لبيته قائلا: انت ابنتنا مثلما هو ابننا…وكل ما تريدينه يصلك وعلينا التنفيذ ..
لم تستطيع أن ترفض فهي تحبهم كاهلها…ولم تشعر يوما بأنها غريبة عنهم ..رضخت لواقع الأمر وبقيت في البيت ولكنها طعنت بخنجر اصابها في مكان لا دواء له ولا علاج …كانت تنتظر زوجها ولترى ماذا سيتغير؟ …ازداد حبه لها أكثر .. وبقيت علاقته معها وكانه لم يتزوج بأخرى ..محبا..وكريما كإسمه..طلبت منه يوما الذهاب للعمرة مع أخيها فرفض رفضا قاطعا ..وشعرت بضيق في صدرها ولكن عند عودته لها في نهايه الاسبوع كان يحمل التذاكر لأداء العمرة وكأنه يقول لها انا احق باخذك من أخيك.. . لم تطلب شيئا إلا وقدمه لها على صحن من ذهب …البعض قال انه مسحور بالمرأة الأخرى ولكنه مازال مثلما كان .. بل وأكثر اهتماما بها وببناتها…لما اخذها…سألته مرة .. لما تزوجت..قال لها اوعديني الا تزعلي …لن افعل …
ما زاد على قوله .انت عيني اليمين وهي اليسار ..احست براحه كبيره لم تعرف لما ولكنها احترمت صمت زوجها وعدم حديثه عن زوجته الأخرى…ماذا عليها ان تفعل …هل ترضى بواقع الأمر…هل تعود لبيت أبيها وتصر على الفراق …ماذا سيحدث اذا صار بالفعل الطلاق ..ماذا تفعل بقلبها المحب ..هل ستتزوج باخر وقلبها مع زوجها..حبيبها…توقفت عن التفكير وهي تبتسم لابنتها التي كانت تحتضن اباها بكل حب وتضع في فمه قطعة من الخبز …لن تتركه..فهو حبيبها واذا تركته سيكون الم الفراق اقسى عليها من الطلاق لتفوز به أخرى.
#عاشق_عمان