في نهاية عام مضى وبداية عام جديد أهديكم هذي القصيدة عن الصبر وتحتاج في قراءتها إلى صبر
كل عام وأنتم بخير وسعادة وهناء وسلام
إذا ما سقتكَ لياليك مُرا
وضقتَ يداً وبلادا وصدرا
وضجّ بك اليأسُ في حيرةٍ
وضاقت رحابُك قهرا وعسرا
وألقتكَ دون صديق، فصبرا
فإن مع العسر يسرا ويسرا
فكم شاعرٍ قد برْتُه همومٌ
فيختمر الهم والحزن شعرا
وتنثال حكمته كلَّ عسر
ويفركه كي يسطّرَ فكرا
كذلك تأتي الغيوم إذا ما
تلفعّتِ الأرضُ جدبا وقفرا
وإن الصخور الصلابَ تشظت
بماءٍ، كأنْ لم تكن قبلُ صخرا
ويضحك بعد الدياجي صباح
ويُفرح من قَضِيَ الليلَ سهْرا
سيأتي الصباح ولو بعد حين
فهل من مساء عليك استمرا؟!
أما ذقت رطب الخلاص لذيذا
لقد كان قبلُ خَلالا فبسرا
وألبسه الصيف ثوب اصفرار
ويحلو إذا زاده القيظ حرا
ألم تر أن احتكاك الرمالِ
ببعض يحولها البحرُ درا
وأن الصخور مع الدهر صارت
بفعل الضغوطات ماساً وتبرا
وكم خشبٍ عتّقته الليالي
بجَرْح وخدش ليصبح عطرا
أأعجبك البدر ذات اكتمال؟
فلولا الهلال لما صار بدرا
لقد كتب الدهرُ ألفَ كتابٍ
فقلبْ معانيه سِفْرا فسِفْرا
فلا أجّلتْ صحةٌ أجلاً
ولا مرضٌ منقصٌ منك عمرا
ولا ضاقت الأرض من ضيق حالٍ
ولا سعةُ العيش توسِع قبرا
ولا فقرَ يمنع عنك ثراءً
ولا من غنى مانعٍ عنك فقرا
أما وهبتك الحياة كتابا؟
فقم لكتاب حياتك فاقرا
تفكر بمن جاء يسعى بحزنٍ
فصيره الله بالسعد ذكرى
تأمل وفكر بمن سبقونا
وأمعن لما فات وعظا وزجرا
فيوسف يسكن قصرا منيفا
وقد كان من قبلُ يسكن بئرا
ويسجنه القصرُ بضعَ سنينٍ
وعاد من السجنِ يملك قصرا
بعينَيْ أبيه ابيضاضٌ وحزنٌ
ولكنَّ يعقوب نادى؛ فصبراً
جميلا، فألقى البشير قميصا
وعاد بصيرا، زها الوجه بِشْرا
ويَفلُتُ يونسُ من فمِ حوت
كأنْ لم يكن ذاك حوتا وبحرا
وطارد فرعونُ موسى فشقت
عصاه طريقا على البحر جسرا
وسار، حواليه موج كطود
لينجو بالله، لم يكُ سحرا
وأيوب إذ مسه الضر نادى
فيخلع بعد المناجاة ضرا
ونار الخليل تجلت سلاما
وبردا عليه ولم تكُ جمرا
وحاصرت المصطفى مكةٌ
إلى أن يقود حُنيناً وبدرا
فيفتحها إن ذلكَ فتحٌ
وما ظن إذ ذاك فتحا ونصرا
وفي الطائف انسدت الأرض بابا
ليفتتح الأرض مِصرا فمصرا
( كذلك نُنْجِي ) يقول إلهي
فلا بأس لا يأس ضع عنك وزرا
هنا لْينشرح منك صدر ونفسٌ
فقد أنقض الله للعبد ظهرا
فقم وادعُ وانفض غبار الرزايا
فربك يدعوك فاطْلبه سرا
وثقْ إن كل حياتك خيرٌ
فهل يكتب الله للعبدِ شرا؟!
فرُبّ خسار تحول ربحا
ورُبّ رباحٍ تقلب خسرا
حياتك تمضي كدفتر درس
ويملي القضاءُ عليك ويقرا
تدوّن فيه خطاك حياةً
وتكتب سطرا وتترك سطرا
كما مر سعدٌ على ذي اكتئابٍ
فسعدك يُكتب حتى يمرا
فما البؤسُ إذ يعتريك شقاءٌ
ولكنْ ليقضيَ ربُك أمرا
وكن قرب ربك في كل حالٍ
ورطّب لسانك لله ذكرا
فنادِ وناجِ بكل خشوع
سيأتيك منه انفراج وبشرى
وتنسى زمان الأسى والمآسي
فتسجد لله حمدا وشكرا
بارك الله أيامكم وأعوامكم وأحلامكم
?هلال بن سيف الشيادي?
#عاشق_عمان