نعيش في مجتمع بعض سكانه فيه من التناقضات الشيء الكثير، فتجد أشخاصاً لديهم شهادات علمية وفكر مستنير ينادون بوجوب أن تكون الانتخابات نزيهة وبعيدة عن التكتلات والقبلية والتحزبات المناطقية، وأن نختار من هو أهلا لتمثيل الولاية في هذا البرلمان، وأن نجعل المصلحة العامة نصب أعيننا عند اختيار من يمثلنا ؛ إلا أنهم وفي المقابل يمارسون تلك المحظورات التي ينادون بالابتعاد عنها بكل صورها ؛ فتجدهم يروجون لقريبهم ولمن هو من قبيلتهم أو لمن أخبرهم بالوقوف معهم قبل باقي المرشحين، أو بأنهم لن يختاروا هذا المرشح ؛لأنه لم يخبرهم ويطلب منهم أن يرشحوه رغم قناعتهم بأنه الأصلح ؛ أو لأنهم يريدون أن يقوموا بعمل تكتل مع قبيلة معينة في هذه الدورة لتقف معهم في الدورة القادمة ،أو لأسباب أخرى بعيدة كل البعد عما كانوا ينادون به، ضاربين عرض الحائط بتلك الشعارات البراقة التي يطلقونها في المجالس وفِي منصات التواصل الاجتماعي .
للأسف هذا مايمارسه بعضٌ من الشريحة المتعلمة ثم ننادي بمزيد من الصلاحيات لأعضاء مجلس الشورى !!
إن كان ذلك ماتمارسه الشريحة المتعلمة فماذا ننتظر ممن هم أقل حظا من التعليم ؟!
أتساءل بعجب وتعجب واستغراب :ألا يدرك هؤلاء حجم الدور المطلوب من أعضاء مجلس الشورى حتى في ظل الصلاحيات المنوطة بهم في التشريع الحالي وأهمها مشاركة الحكومة في سن الأنظمة والقوانين، وأنه لا يسن قانون دون تمريره على هذا المجلس ؟أتدرون وتدركون أيها المتعلمون يا من نطلق عليكم المثقفين ماذا تعني المشاركة في صنع وسن القوانين ؟إنها المشاركة في تنظيم معاملاتكم ، والمشاركة في تنظيم حياتكم بكل تفاصيلها وجزئياتها ؛ فالله الله في أنفسكم ؛ الله الله في مجتمعكم ، الله الله في الأجيال القادمة التي تساهمون في صنع مستقبلها ؛ الله الله في هذا الوطن الذي أغدق علينا بعطائه .
شريحة أخرى من بعض المتعلمين وإن كنت أراها أقل خطرا من الأولى بقليل وهي ما أسميها مجازا بالشريحة السلبية، وهي تلك التي تمتنع عن التصويت بحجج واهية ، فبعضهم يدعي بأنه غير مقتنع بالمجلس ؛لأن الأعضاء ليس لديهم تلك الصلاحيات التي من المفترض أن تكون في أعضاء برلمانات كهذا،والبعض الآخر يدعي بأنه غير مقتنع البتة بالمترشحين من أبناء ولايته ؛ مالكم كيف تحكمون ! كيف تصدرون الأحكام على المجلس أو على المرشحين بأحكام نسجتموها من وحي خيالكم ، المجلس له من الصلاحيات الكثير والكثير ،وسوف تأتي الصلاحيات تباعا ولكن عليكم فقط أن تكونوا إيجابيين وتشاركوا في العملية الانتخابية وأن تختاروا الأصلح لتمثيلكم ؛ وتأكدوا جميعا بأن التغيير للأفضل يبدأ منا ؛ قال الله تعالى { إن الله لا يغيِّر ما بقوّم حتى يغيروا ما بأنفسهم } صدق الله العظيم .
قد يتساءل البعض كيف لي أن أختار الأصلح مبتغيا الصالح العام وماهي المعايير التي على أساسها أرشح فلانا من المترشحين ؛ وأقول له تختلف المعايير والأسس التي على ضوئها يتم الاختيار، فالبعض يرى معيار مدى مشاركة المترشح في المجتمع دون النظر إلى الثقافة والخبرة ، والبعض الآخر يرى معيار ثقافة المترشح وخبرته هي المعيار الذي على ضوءه سيختار مرشحه ، والبعض ينطلق من خلال ما قدمه هذا المترشح للمجتمع قبل أن يترشح ؛ لذا تختلف آراء الناخبين فيمن يرغبون في تمثيلهم في المجلس، فمن أراه أنا هو المناسب قد لاتراه أنت كذلك وترى غيره هو الأنسب ، ما عليك عزيزي الناخب إلا أن تشارك في العملية الانتخابية وأن تختار مرشحك عن قناعة تامة بأنه المرشح الأنسب لتمثيل ولايتك مبتعدا عن أية تحزبات أو أية اعتبارات أخرى كالتكتلات أو القبلية أو المناطقية أو ماشابهها ، وأن تضع نصب عينيك مصلحة عمان وأبناء عمان فوق كل اعتبار .
عيسى بن سليمان الكيومي
#عاشق_عمان