جاءت قراءة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة للمستقبل القادم للعالم الذي استهلها بقوله :
( إن مؤشرات الأحوال تدل -بما لا يدع مجالا للشك- أن أحداث العالم تتدافع بسرعة إلى تحول أوضاعه بسبب فساد الأنظمة التي تسوده،فهو إن لم تتداركه عناية من الله سيهوي في دمار شامل ومحن لا مخرج له منها..)
لقد شخّص سماحته باختصار وبنظرته الفاحصة الحكيمة واقع العالم ومستقبله وفقاً
للأحداث العالمية التي أصبحت في هذه الآونة أكثر ضراوة وخطورة، بل وأمسى وقوع حرب عالمية أخرى قاب قوسين أو أدنى، وهنا لا أقولحرب ثالثة أو رابعة أو أكثر، فالحروب العالمية متواصلة لا حصر لها أكانت باردة أم حامية الوطيس، وذلك بسبب فساد الأنظمة التي تسودهولهاثها المسعور إلى تسيّد زعامة العالم، والاستحواذ على ثرواته ظلماً وعدواناً، وبدون مثقال ذرة من أخلاق أو مبادئ وقيم ..
ونتيجة لضعف الأمة الإسلامية وخنوعها وتخليها عن مصادر دينها الذي هو عصمتها وعزها أصبحت تتبع هذه الدول المتغطرسة، فأذلتهاوداست على كرامتها فتردت إلى أسفل سافلين، بعد إن كانت تحكم العالم بالحق المبين، ولو أنها استمسكت بحبل الله المتين لما وصلت إلىهذا الذل المهين..
ولما أن عماننا العزيزة جزء لا يتجزأ من هذا العالم المضطرب، تتأثر كغيرها بما يدور في هذا الكون من أزمات ومحن وخطوب، فهي ليستبمعزلٍ أو مأمنٍ عن ذلكم الخطر المدلهم الذي ينتظره العالم من أقصاه إلى أقصاه إن لم تتداركه رحمة من الله..
وهنا لا أريد بطرحي هذا تأجيج مشاعر الخوف والرعب وشحن الأجواء بالقلق والاضطراب، فقدرُ الله واقع لا محالة ومشيئته في تدبير الكونوخلقه قائمة إلى أن يرث الأرض ومن عليها، لكن الحذر والاحتياط والأخذ بالأسباب من الأمور الواجب اتباعها عملاً بأمر الله القائل فيمحكم كتابه العزيز :
( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍفِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) صدق الله العظيم (سورة الأنفال الآية 60)
فيا ترى ما هي الآليات التي نعمل بها، والاستعدادات التي أعددناها لمجابهة الأخطار والأزمات والنوائب المحتمل وقوعها وهي واضحة لكلذي بصيرة..
فما أحوجنا إلى الرجوع إلى الله قولاً وعملا، من خلال مراجعة نهجنا الحالي وتقويمه أكان ذلك في التشريعات والقوانين المعمول بها، أم فيمناهجنا التربوية والتعليمية، ومحاربة الربا والمخدرات والخمور وسائر الموبقات، وتأمين فرص العمل لشبابنا الذين هم عماد الدولة وصناعمستقبلها، وذلك من خلال حمايتهم وتشجيعهم على مزاولة الأعمال والمهن التي يحتاجها الوطن، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدةوالاستثمار الاجنبي الذي أشبهه باستعمار بدون جيش أو سلاح، فكم من مصدر رزق فُقِدَ أو عُطَّلَ بسبب المستثمر الأجنبي الذي استحوذعلى الأخضر واليابس، وعلينا التقليل من الاهتمام ببناء الجدران، والتركيز على تنمية فكر ومواهب الإنسان فهو صانع التنمية ومحركهاووقودها..
كما بات من الأهمية بمكان توعية المجتمع وتهيئته وتبصيره بأساليب التعايش مع هكذا أزمات،وأن يقوم بهذا الدور الخبراء والمحللين منأصحاب الكفاءة والاختصاص..
وبزيادة الاهتمام بما ذكر في هذا السياق وبما لم يذكر من الضرورات نكون قد أعددنا العدة والعتاد وأخذنا بأسباب القوة والمنعة والثباتللإبحار بسفينة الوطن نحو شواطئ الأمن والأمان والاستقرار بعون الله الواحد القهار، ومسك الختام الصلاة والسلام على سيدنا محمدوعلى آله وصحبه الأخيار، وآخر دعوانا اللهم احفظ بلادنا عمان وسائر الأمصار.
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي
الخميس ٨ ربيع الآخر ١٤٤٤ هجري
الموافق ٣ نوفمبر المجيد ٢٠٢٢م