يصور لنا هذا النوع دولة مترابطة الأجزاء وموحدة السيادة وتتمتع بدستور واحد وحكومة موحدة تدير كافة الشؤون الداخلية والخارجية ودونمشاركة أي هيئة أو شكل إداري آخر.
ويُعتبر هذا الشكل الموحد شخصاً من أشخاص القانون الدولي تمثل فيه الدولة بشكل كامل نيابة عن جميع مكوناتها الجغرافية والبشرية كمافي إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبولندا ورومانيا وسوريا ولبنان والأردن ومصر وتونس والجزائر وغيرهم، وقد أصبح من الواضح أن هذا النوعيظهر في العلاقات الدولية كشخص موحد ذي دستور واحد وحكومة مركزية واحدة وتخضع لسلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة تسريعلى كافة المكونات من سكان وأقاليم.
بالتالي هذا النوع لا يجيز منع أية حقوق دولية لأية اجزاء إدارية من أرض الدولة تلك، وذلك على اعتبار أنها تمتلك وبشكل موحد جميعالحقوق والالتزامات المناطة بها، أما الأهلية الدولية فهي تبقى شأناً يخصها بشكل كامل، ولا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال، الحديث عنالأهلية لأي من المكونات الإدارية الأخرى ضمنها، وهذا من جهة، من جهة أخرى، فإن الواقع العملي للحياة الدولية كان منذ فترة غير قصيرةقد بدأ يتجه نحو الابتعاد عن هذه النظرة الكلاسيكية النظرية، فنجد على سبيل المثال أن العديد من هذه الدول كان قد بدأ يمنح بعضالحقوق الدولية لبعض الأجزاء الجغرافية الإدارية من حدوده وجسمه نفسه.
وقد كان القصد من بعض هذه الأجزاء الإدارية من مركب الدولة الموحدة البسيطة بعض الحقوق الدولية والسماح بإقامة بعض العلاقات معالخارج إضافة إلى العلاقات مع المنظمات، حيث يعتبر أمراً مهماً يهدف إلى تطوير الحياة الاقتصادية والثقافية للأجزاء الإدارية الممنوحةتلك الحقوق، وغالباً ما تكون مثل هذه الأجزاء بعيدة عن المركز وتقع على حدود بلاد أجنبية.
والجدير بالذكر هنا، أن التفويض بتوقيع اتفاقيات دولية اقتصادية وثقافية يعتبر نشاطاً من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على الحياةالاقتصادية والثقافية ليس فقط بالنسبة للأجزاء الإدارية إنما لجميع أجزاء البلاد الأخرى، حيث أن التعاون الإداري بين دولة وأخرى ينقلهذه التجارب إلى البلاد الأخرى ويسهم إلى حد كبير في عملية تعزيز الثقة المتبادلة والتأثير الإيجابي المتبادل، (وثيقة هلنسكي 1992).
عبدالعزيز بن بدر القطان