تحسن نسب الإشغال الفندقي منذ بداية العام لكنها مازالت دون معدلات ما قبل الجائحة
قطاع السياحة يجذب استثمارات مهمة واستعداد لاستكمال المخططات السياحية في كافة المحافظات خلال الفترة المقبلة
4992 عمانيا يعملون بأنشطة المطاعم والمقاهي التي تستحوذ على أعلى معدل توظيف في القطاع لكنها تتسم بنسبة تعمين منخفضة للغاية وكذلك الأمر بالنسبة للتعمين في أنشطة الإرشاد السياحي
خطط التنويع الاقتصادي ضمن رؤية عُمان المستقبلية تعزز نمو القطاع خلال السنوات المقبلة
رصدت مؤشرات اقتصادية استمرار التعافي في قطاع السياحة بعد تبعات حادة أثرت على أنشطة السياحة والسفر منذ تفشي الجائحة في عام 2020. وأشارت الإحصائيات إلى زيادة ملموسة في معدلات الإشغال الفندقي وعدد الوظائف الجديدة في القطاع خلال العام الجاري، وكذلك ارتفاع مساهمة أنشطة الإقامة والخدمات الغذائية في الناتج المحلي الإجمالي، وتشمل الفنادق والمطاعم والمقاهي.
وسجلت هذه الأنشطة نموا بنسبة 23.1 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت مساهمة هذه الأنشطة خلال النصف الأول من 2022 نحو 288 مليون ريال مقارنة مع 234 مليون ريال في الفترة نفسها من العام الماضي الذي شهد مساهمة لأنشطة الإقامة والخدمات الغذائية في الناتج المحلي بنحو 522 مليون ريال وفق إحصائيات المركز الوطني للإحصائيات والمعلومات.
ومن المؤمل أن يشهد قطاع السياحة مزيدا من النمو هذا العام والأعوام المقبلة بدعم من خطط التنويع الاقتصادي التي تضع السياحة كأحد مرتكزات النمو، ونجح القطاع هذا العام في جذب استثمارات نوعية مهمة تمهد لإقامة عدد من أكبر مشروعات السياحة في سلطنة عمان، وتأكيدا على أهمية القطاع في النمو والتنمية الاقتصادية خاصة في المحافظات، أعلن جهاز الاستثمار العماني خلال الأيام الماضية أن الفترة المقبلة ستشهد حزمة جديدة من المشروعات في كافة القطاعات، وتبدأ بمشروعات السياحة ويليها قطاعات اقتصادية أخرى، كما تعطي وزارة التراث والسياحة أولوية لمخططات التنمية السياحية في المحافظات وتنفيذ مخرجات هذه المخططات في محافظات مسقط والداخلية وجنوب الشرقية وظفار ومسندم مع استكمال إعداد المخططات في بقية المحافظات.
وحسب ما أعلنته وزارة التراث والسياحة، من المستهدف جذب حجم استثمارات بنحو 3 مليارات ريال عماني للفترة من 2021 حتى 2023، ضمن البرنامج الوطني لجلب الاستثمارات، وقد تم بالفعل جذب استثمارات مؤكدة ومخطط لها بقيمة 1.7 مليارات ريال عماني.
ومن جانب آخر، أوضحت الإحصائيات أن نسب الإشغال الفندقي تظهر تحسنا جيدا منذ بداية العام لكنها مازالت دون معدلاتها قبل تفشي الجائحة، وارتفعت نسب الإشغال في الفنادق تصنيف 3-5 نجمات من 35 بالمائة في نهاية سبتمبر 2021 إلى 42.7 بالمائة بنهاية سبتمبر 2022، كما زاد عدد النزلاء من 849 ألف نزيل إلى 1.1 مليون نزيل خلال نفس الفترة المشار إليها.
كما تشير الإحصائيات إلى انتعاش عمليات التوظيف في أنشطة الإقامة والخدمات الغذائية خلال العام الجاري، حيث يعمل بها ما يزيد عن 131 ألف مواطن ووافد حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، ارتفاعا من 113 ألف مواطن ووافد في نهاية العام الماضي، مما يعني وجود تطور إيجابي في القطاع من خلال 18 ألف وظيفة جديدة بأنشطة الفنادق والمطاعم والخدمات الغذائية منذ بداية هذه العام حتى نهاية الربع الثالث، لكن في الوقت نفسه تكشف الإحصائيات عن استمرار التحديات التي تواجه التعمين وتوظيف المواطنين في قطاع السياحة حيث شغل العمانيون نحو 800 وظيفة فقط من ضمن الوظائف الجديدة هذا العام، ومن جانب آخر ارتفع عدد القوى العاملة الوافدة في أنشطة الإقامة والخدمات الغذائية من 103 آلاف بنهاية العام الماضي إلى 121 ألف بنهاية سبتمبر الماضي، في حين ارتفع عدد القوى العاملة بشكل محدود من نحو 10 آلاف بنهاية 2021 إلى 10 آلاف و853 مواطن بنهاية سبتمبر الماضي.
وحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة العمل، فحتى نهاية العام الماضي بلغ إجمالي العمانيين العاملين في الأنشطة الفندقية 3198، ويعمل في أنشطة النقل الجوي والبري والبحري 3989 عمانيا، وفي أنشطة وكالات السفر والسياحة 672 عمانيا، ويبلغ عدد العاملين كمشغلين للجولات السياحية 125 عمانيا، وفي أنشطة المطاعم والمقاهي 4992 عمانيا، وتستحوذ هذه الأنشطة على العدد الأكبر من العاملين في قطاع السياحة لكنها تتسم بنسبة تعمين منخفضة للغاية وكذلك الأمر بالنسبة لأنشطة الإرشاد السياحي.
ويعد رفع معدلات التعمين في القطاع هدفا رئيسيا لسياسات التشغيل من قبل كافة الجهات المعنية، وتعمل خطة التنمية الشاملة لقطاع السياحة الجاري تنفيذها حاليا على تعزيز نمو القطاع وزيادة معدلات التوظيف من خلال التنسيق والتكامل مع عدد من البرامج الوطنية من بينها “تشغيل” لتعزيز التوظيف في قطاع السياحة وتطبيق خطط إحلال وتوطين القوى العاملة الوطنية، كما يتم حاليا تطبيق البرنامج التنفيذي لتعزيز سوق العمل في القطاع السياحي والذي يستهدف بناء نظام مؤسسي واضح وتحسين الإحصائيات والبيانات المتعلقة بعدد العاملين في قطاع السياحة، وبناء الشراكات والتنسيق بين الجهات المعنية وبين الشركاء في القطاع, وتغيير منهجيات التوظيف وتبني حزم توظيف بالتعاون مع شركاء القطاع وتعزيز وتوسيع جهود التدريب وإعداد نظام المعايير المهنية وتنظيم الإرشاد السياحي.
وخلال العام الجاري، كشفت وزارة التراث والسياحة عن تفاصيل الخطة الشاملة لتنمية القطاع، وتتضمن إنشاء نظام للحوكمة وتحديث الإطار القانوني المنظم عبر مراجعة وتحديث قانون السياحة ولائحته التنفيذية ومراجعة وتحديث قانون التراث الثقافي وإصدار لائحة تنفيذية للقانون، ومراجعة وتحديث الأطر المتعلقة بالمجمعات السياحية المتكاملة وعقود حق الانتفاع واتفاقية التطوير مع بحث منح حوافز وتسهيلات للمشروعات الاستثمارية، وتنطلق الخطة من عدة محاور وتدمج ما بين الاستراتيجية العمانية للسياحة، التي يمتد تنفيذها حتى عام 2040، ومشروعات وبرامج التنويع الاقتصادي وعدد من المبادرات التي تم تعديلها أو إضافتها بما يتماشى مع المستجدات الراهنة وبما يتوافق مع رؤية عمان المستقبلية 2040، ويستهدف مسار الخطة تحقيق مكاسب سريعة في القطاع من خلال المشروعات ذات الأولوية التي يحتاجها سوق السياحة حاليا، مع استمرار تنفيذ خطة تعافي قطاع السياحة من الجائحة ودعم المشروعات التي تأثر تنفيذها بسبب تبعات الجائحة، كما يتواصل العمل في برامج الترويج السياحي، وتعزيز نمو القطاع بالتكامل مع عدد من البرامج الوطنية ومنها نزدهر وتنويع وتوازن والتحول الرقمي والتشغيل.
وكانت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” قد توقعت تحقيق قطاع السياحة في سلطنة عُمان تعافيا في العامين الحالي والمقبل مع توقع نمو قوي على المدى المتوسط، مشيرة إلى توجه القطاع للتعافي من تبعات الجائحة بدءا من نهاية العام الماضي، وتوقعات استمرار النمو على مدى السنوات القادمة مستفيدا من خطط التنويع الاقتصادي ضمن رؤية عُمان المستقبلية 2040 وخطة التنمية السياحية والإعلان عن استثمارات جديدة مهمة في القطاع.
ومحليا وإقليميا وعالميا، تواصل السياحة الدولية إظهار علامات قوية على التعافي، إذ وصل عدد السياح الدوليين إلى 57 بالمائة من مستويات ما قبل جائحة “كوفيد-19” في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، وتتوقع منظمة السياحة العالمية أن يرتفع عدد السياح الدوليين بنهاية العام الجاري إلى ما يتراوح بين 55 بالمائة و 70 بالمائة من مستويات عام 2019 أي ما قبل تفشي الجائحة، وهو ما يعادل تحسنا في حركة السياحة العالمية بنسبة تتراوح بين 90 بالمائة و 140 بالمائة مقارنة مع حركة السياحة الدولية في عام 2021. وبينما تتعافي السياحة تدريجيا مازالت هذه الصناعة بعيدة عن معدلات النمو التي سجلتها قبل الجائحة ومازالت بعض التطورات تحد من نمو السياحة مثل بعض تحورات كوفيد والحرب في أوكرانيا والتضخم والظروف الاقتصادية العالمية.
وكانت صناعة السياحة قد تلقت ضربة قاسية بسبب الجائحة تفوق تأثيرات أي أزمة أخرى سبق أن تعرض لها العالم، حيث انخفضت معدلات السفر والتنقل بشكل حاد أثناء الجائحة مما سبب فقدان ملايين الوظائف وتأثر الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول التي تعتمد على تدفق حركة السياحة.