لم يعد البعض يدرك المفاهيم والمصطلحات وحقيقة ما أُسست من أجله الشورى في البلاد ، كانت صوتا يتحدث بإسم المجتمع والشعب ويشاطر الحكومة رسم السياسات القادمة في البحث عن المعوقات وتصحيحها وتذليلها ومن غير ذلك من الأمور التي قامت على البناء الواحد بين مجلس الشورى والحكومة الرشيدة ، أما الآن لم يعد هناك كما نشهده على أرض الواقع من تلك التي مضت سوى التحزب وبث السموم بين بعض المترشحين على بعضهم البعض أو من أوكلوا إليهم التحدث عنهم بأسماء مستعارة في مواقع التواصل الإجتماعي في الترويج عنهم والإطاحة بمنافسيهم ، وفق سياسة الهدم لا البناء ، فلم تعد هناك مبادئ ولا قيم مع البعض ليحملها على الأخر ، المنافسة على كرسي الشورى أصبح وأمسى الهاجس والغريزة المتوحشة القائمة على مبدئ .. أكون أولا أكون ، كما يقول المثل علي ولا على أعدائي ، هنا من البداية غابت منهجية شرف المهنة ، فكيف سوف يقوم المجلس على من أمثال هؤلاء ، ناهيك عن من يترشح فقط لسبب تافهة وهو وضع ملصق صورته على الشوارع والأسواق والدواوير حتى يقال فلان أبن فلان الفلاني مترشح !! .
على الدنيا السلام إن كان من يتقدم إلى حجز كرسيه في الشورى من أجل نفسه أو جماعته أو فخيضته ، فمن سوف يكون لعمان وأهلها من ينتظرون الإصلاح والتعمير ، كثيرين هم من يشترون الأصوات كانت بالمبالغ أو بالوعود الكاذبة في تحسين مستوى فرد أو خدمة في المجتمع ، وهناك ايضا كثير من المطبلون لبعض المترشحين ليس لأنهم مقتنعين بالشخص الذي سوف يحمل كل أصواتهم ومطالبهم إلى الشورى ..لا ، ولكن من أجل ما تحت السطور من علامات إستفهام وتعجب ، لقد أصبح اليوم بيع النفس وشراء الذمم أرخص ما يكون ، فعندما تتهاوى القيم وتسقط المبادئ يبقى الأرذلون من البشر في ساحة المعركة ليجمعوا الغنائم من الفرائس والجيف ، لم نعد نحن الشعب ندرك المغزى الحقيقي للشورى اليوم ، هذا المنبر البرلماني الذي عولت عليه الحكومة الرشيدة في أن يقاسمها همومها في حمل وتكملة مسيرة بناء الوطن ، أصبح اليوم يدخله البعض من النطيحة والمتردية .. وأرجع وأقول البعض وأعز الله الشرفاء والصادقين والأوفياء من أبناء هذا الوطن .
لقد أصبحت الشورى وجاهة وواجهة لبروز الفرد من مستنقع الظلام إلى النور الواسع ، فيرى البعض أن دخول عالم البرلمان اليوم يصنع منه شخصية صاحبة قرار وصولات وجولات ومعارف ينول من وراءها ما لذ وطاب من أصناف رغد العيش في الحياة لشخصه طبعا وليس لغيره ، فهو في الأصل لم يصعد برلمان الشورى من أجل غيره إنما من أجله هو ، حتى يقال له الشيخ فلان حتى وإن لم يكن شيخا .. أو سعادتك ، فالبعض يرى فيها نوع من الكبر وفرد عضلات الجسد واللسان ، وقد لا تسعه دشداشته التي يلبسها ، وقد ينفجر كرشة من قوة ما ربط على خاصرته وشد على بزيم سير الخنجر ، ناهيك عن مشيه الخيلاء للبعض منهم ، وإذا أردت التحدث معه يتلفت يمين ويسار ويحرك جسده في كل اتجاه ليوحي لك إنه مستعجل ولا يقدر أن يتأخر فهو مرتبط جدا ومشغول ، وهذا فقط حتى يتملص من الموضوع الذي قدمت أنت من أجل أن تحدثه عنه ، لكن عندما كان يحتاج إلى صوتك في انتخابه جاءك إلى بيتك متذللا متوسلا أو أرسل غيره بالمفاتيح المطلوبة لترشيحه ، أما الآن ليس لديه وقت لأجلك ، فمصالحة أولى أن ينجزها ، فهو لا يعلم هل سوف يبقى في المجلس بالدورة القادمة أم لا ، حقائق مرة تتلون حسب الصورة والشكل والمخطط .
لابد على الجهاز الرقابي للدولة أن يفرز جميع المترشحين لمجلس الشورى ويدرس تفاصيل شؤونهم الخاصة والعامة ، ومدى قابليتهم ليمثلوا المجتمع والشعب من عدمه ، الشورى تحتاج إلى رجال يعون المسؤولية ويتعاملون مع من حولهم من شعب وحكومة بمصداقية وأدب وحشمة ، ثم على الجهاز الرقابي للدولة أن يمنح في حال قبول المترشحين ، أن يقوم الجهاز بجرد جميع أملاكة وما له وما عليه ، وينظر في مستوى دخله ومن أين وكيف ولماذا ، حتى يعلم الجميع بان الشورى ليست مغنم ومكسب إنما هناك رقابة وحساب وعقاب ، وقبل كل شيء سؤال .. من أين لك هذا ؟ ، كان قبل أو أثناء الشورى أو بعد ، فيكون هناك مشخل يخرج منه الطالح ويبقى فيه الصالح .
يعقوب بن راشد بن سالم السعدي
#عاشق_عمان