أطلقت الهيئة العامة للطيران المدني، في سلطنة عُمان، تحذيراً ثالثاً، الثلاثاء، حول الإعصار المداري المسمى (هيكا) وأوصت بعدم ارتياد البحر في هذه الفترة، والابتعاد عن الأمكنة المنخفضة، وفق ما نقلته في بيان من المديرية العامة للأرصاد الجوية.
ويتمركز الإعصار المداري، هيكا، في الساعات الأخيرة، غرب بحر العرب، على خط العرض (20) شمالاً، وخط الطول (59.5) شرقاً، بحسب تحذير هيئة الطيران المدني العُمانية التي أكدت أن سرعة الرياح السطحية حول المركز، حاليا، تتراوح ما بين 120 و130 كيلومتراً في الساعة، وتبعد عن جزيرة (مصيرة) حوالي 80 كيلومتراً.
وكانت هيئة الطيران العمانية، قد أصدرت، الاثنين، تحذيراً من الإعصار (هيكا) محذرة فيه من إمكانية سقوط أمطار غزيرة، تؤدي إلى جريان الأودية، مصحوبة برياح شديدة السرعة. مع تحذير من إمكانية هطل مطري من درجة غزير، إلى غزير جداً.
وأطلق اسم (هيكا) على الإعصار المذكور، وعلمت “العربية.نت” أن مصدر التسمية هو جزر المالديف. الأمر الذي دفع البعض للجزم، بأنه اسم غير عربي، فيما الحقيقة أن لهذا الاسم، بشكله اللفظي الخارجي، أصلاً في العربية القديمة، ويعني شدّة المطر!
مما يولّد شكوكاً قوية بحقيقة الأصل العربي لتلك التسمية، خاصة وأن أغلب معاني الكلمة، في العربية القديمة، تتراوح بين المطر الشديد والسحق والحَفر.
الهكّ شدة المطر لأنه يهكّ الأرض أي يحفرها!
والهَكُّ، شدة المطر، فيما التهيّك، هو الحفر. ويقال إذا حفرَ، هيَّكَ. ويقال هيَّك في الأرض. ويلفت لغويون كبار وأصحاب معجمات، كمعجم مقاييس اللغة والمعجم المحيط وتاج العروس، وغيرهم، إلى أن هيَّكَ أصلها في هوَّكَ، إلا أن الكلمة تلفظ، بتحريف يحوّل الواو، ياءً.
ويورد المحيط في اللغة للصاحب بن عباد، أن تهوّك البناء، تهدَّم، وأن هيّكَ في الأرض، هي ذاتها هوّك في الأرض، أي حفرها حفراً. ويقال للمسرع في مشيته، يهيّك، فيما الساقط بدون أي مقاومة، في “هوّة الردىَ” يسمى الهوّاك، الهيَّاك.
وتجمع أمهات في العربية، على أن الهَكّ هو المطر الشديد، وتعني الهكّ أيضا، الانهدام، فيقال انهكّت البئر، أي تهوّرت. ويوضح ألسني العربية الأشهر، ابن فارس، في مقاييسه، أن كلمة الهكّ تدل على شق في شيء، فيقال هكَّه بالسيف، أي ضربه!
واطلعت “العربية.نت” على مجمل أمهات العربية، في هذا السياق، فوجدت أن منح اسم (هيكا) للعاصفة المدارية التي حذر منها أهل عمان، يمكن الشك بأنه من أصول كلمة في العربية القديمة، فهكّ الشيء، سحقه سحقاً. فضلاً من أن هيّكَ، تعني حفرَ حفراً، فيما الهَكّ هو المطر الشديد، لأنه يهكّ الأرض، كما يقول معجم مقاييس اللغة لابن فارس، أي يحفرها من شدة سيوله التي يحدثها في الأودية والأراضي المنخفضة، وهو الأمر الذي حذّرت منه الأرصاد العُمانية في تحذيرها الرسمي.
المالديف تعرف العربية منذ قرون
وجاء اسم الاعصار المداري (هيكا) من جزر المالديف، كما قالت مصادر في هيئة الأرصاد العُمانية، الثلاثاء، باتصال هاتفي مع “العربية.نت” تبعاً لاتفاقيات دولية في هذا السياق، يجعل تسمية الأعاصير خاضعاً لبروتوكول معين بين الدول، ترشح فيه كل دولة أسماء من عندها للأعاصير أو مجمل الظواهر المناخية الطارئة.
لكن، هل جزر المالديف، بعيدة من اللغة العربية؟
يشار إلى أن جزر المالديف، تعرّفت إلى اللغة العربية، بشكل موسع، منذ القرن الثاني عشر الميلادي، عندما نشر الشيخ الحافظ أبو البركات يوسف البربري، الإسلام في تلك الديار، بعد أن أعلن سلطان المالديف في ذلك الوقت، ويدعى (درمس كالامنجا) اعتناقه الإسلام داعيا أبناء جلدته لاعتناقه أيضا، وفعل جميعهم ذلك، ثم غيّر اسمه إلى (درمس محمد بن عبد الله) بحسب ما نشرته وزارة الأوقاف المغربية على موقعها الرسمي، تحت منشور يحمل اسم: “جزر المالديف، الجزر الآسيوية المسلمة” في العددين 127 و128 من مجلة “دعوة الحق” التي تصدرها وزارة الأوقاف في المملكة المغربية.
وجاء في المصدر المذكور، أن اللغة العربية دخلت لغة أهل المالديف التي هي اللغة السنهالية، وأصبح الناس هناك، بعد اعتناقهم الإسلام، يستعملون الكلمات العربية التي أصبحت جزءا من حياتهم الجديدة، بحسب المجلة التي أكدت أن أهل المالديف اخترعوا حروفاً خاصة من أجل اللفظ العربي، كي يتمكنوا من الكتابة من اليمين إلى اليسار.
فهل إعصار هيكا خبّأ ما بين حروفه، أصلا لغوياً عربياً قديماً منذ قرون خلت؟!
المصدر: العربية.نت – عهد فاضل
#عاشق_عمان