محمد علي الدروشي ، هذا الإسم الذي بدأ يحجز له مقعدا في الأوساط الفنية السينمائية بكل ثقه وإقتدار من خلال عدة أعمال محلية لاقت إستحسان وتشجيع الجميع ، ها هو اليوم يقف بكل فخر وكأنه طاؤوس فاردا جناحية في الدار البيضاء بالمغرب ، ليتوج كأفضل مخرج سينمائي متفوق بذلك على من سبقه من مخرجين عرب وغرب مشاركين في مهرجان الدار البيضاء للأفلام الوثائقية والروائية لهم باع طويل في السينما الوثائقية ، وأضعً بصمة تشرف وطنة عمان في المحافل الخارجية ، منذ ما عرفته لا يهدأ أبدا ولا يستكين ، تراه منتشرا كنحلة تبحث عن مرعى لتغرق الخلية بعسلها الشهد ، لا يتوقف عن التعليم والتعلم والمتابعة حول كل جديد في عالم السينما ، فهو رحالة بين الدول يطلع ويكتشف ويستنبط كل جديد ومفيد يغذي نهمه الجائع في مجال السينما الوثائقية التي تعلق بها بشغف بالغ كما يتعلق الطفل الرضيع بأمه .
محمد الدروشي شعلة من النشاط ، تراه يعمل في كثير من المجالات الفنية والتصوير ، فنشاطه اليومي كله منصب بهذا الجانب الذي أستطاع في مدة قصيرة بأن يطور من أمكانياته كمصور ومخرج في آن واحد ، الأمر الذي بلور معه مفهوم الفن عامة ومفهوم السينما خاصة ، الحماس الذي بداخله خلق لديه تصورات كثيرة لأعمال عديدة كان دائما ينتقي منها الأفضل ، يجالس من سبقه من عباقرة السينما الوثائقيين من مخرجين وكتاب وباحثين ومصورين ، كما سعى إلى دخول عدة برامج تعليمية في عملية تطوير إمكانياته في البرامج المتعلقة بالمونتاج وتعديل الألوان ، الأمر الذي أضاف له بعدا أخر في تصور الأحداث وبلورتها إلى واقع ملموس في الصورة المرئية السينمائية ، أخذ يقتني المعدات الأدوات التي تأهله من إنتاج فيلم وثائقي من جيبه الخاص ، ليصنع لنفسه أستوديو مصغر هو مملكته السينمائية التي منها حقق هذا النجاح والنجاحات السابقة .
يخرج من بيته في الصباح ويعود بالمساء وقد خلد أهل بيته إلى النوم ، يفتش عن أبسط المفاهيم في بحثه عن المادة الوثائقية ، ليقدم ما هو جديد ومفيد وفق حقيقة صادقة مبنية على أسس ثابته من التاريخ والحضارة والجغرافيا الحية التي صنعها الخالق في الطبيعة البكر ، فيلم الأفيولايت لم يخرج للعامة ولم يحصد هذه الجائزة من فرغ ، بل وراء هذا النجاح وغيره أعمال شاقة ومضنيه واجهته والفريق في البحث والتقصي لمصادر وأماكن تواجد حجر الأفيولايت ، وحصوله على هذه المادة الخصبة في الفيلم كان أيضا إصراره والشركة المنتجة على البحث عن الأفضل من الأشخاص المهندسين والباحثين في مجال حجر الأفيولايت المشع ، دخول الكهوف وتسلقها والنزول فيها لاقى معاناة كبيرة وشاقة من كل الفريق ، فهناك جحور ضيقه بالكاد تتسع إلى مرور فردا واحدا بها وهو يسحك بفتحتها حتى يدخل أو يخرج من حلق الضيق إلى أوسع الطريق ، بالنسبة لي فقد شاهدت بعض المشاهد قبل بدأ التصوير وعشت معهم قيمة المعاناة ومدى التعب الذي لاقاه المخرج محمد الدروشي والفريق من شركة رواق للإنتاج الفني بقيادة الدكتور عبدالله الرئيسي والمهندس محمد الكندي الرجل البيولوجي الفذ الذي أمطر الفيلم بمعلوماته الدسمة حول حجر الأفيولايت .
رفع علم عمان خفاقا في المحافل الدولية السينمائية الخارجية ليس بالأمر الهين ولا البسيط ، ولا يصنعه إلا المحترفون ، وبعد هذه الجائزة أجزم بأن هناك مخرج قادم وبقوة إلى الساحة الوثائقية وهو محمد الدروشي ، وحصوله على هذا الجائزة لهو دليل حي وصادق على ما أقول ، أول مرة كتبت عن فيلم الأفيولايت الوثائقي كان يوم تم تدشينه في الجامعة الألمانية ، وكان مقالاي الأول عنه بتاريخ 8/ ديسمبر 2018 م على شبكة نبض عمان ، يومها كان الإحتفاء بعرس الأفيولايت في الساحة الرومانية بالجامعة الألمانية ، هذا المولد لهذا الفيلم الرائع الذي أشاد به الجميع كان شرارة البدء والإنطلاقة للمخرج محمد الدروشي ولمؤسسة رواق للإنتاج السينمائي بحق ، نفخر بك يامحمد وكلنا سعداء بهذا الإنجاز الذي جعلنا نفخر بك
يعقوب بن راشد بن سالم السعدي
#عاشق_عمان