كنت في العاشرة من عمري وكنت كأي طفلة بهذا السن أن يكون اهتمامها باللعب أو تتعلم وتمارس بعض الأعمال سواء المنزلية أو داخل المدرسة، ولكنني كنت أسترق النظر لبعض مشاهدات المسلسلات العربية وكنت لا أفهم كلمة سيناريو وتأليف وغيرها ولم أركز في أسماء الممثلين ولا الكادر العملي ومن يجتهدون وراء الكواليس لإنجاح العمل .
فأصبح كل تفكيري كيف تكون نهاية كل مسلسل اشاهده فمن ضمن هذه المسلسلات مسلسل جريمة في الذاكرة هو اسم لمسلسل سوري إذا لم تخوني الذاكرة قصته جدا أثرت بي وما زالت باقية في ذاكرتي، واحببت أن احكيها لكم ! وكانت نهاية لم اتوقعها أبدا وسط انبهار لهذا المؤلف الذي جعل المشاهد يشير بإصبع الإتهام لعدة شخصيات وكنت بعمر صغير كان كل تركيزي على نهاية هذا المسلسل حتى افهم عنوانه .
جريمة في الذاكرة تتمركز محور القصة في ذاكرة فتاة حيث انتقلت من بلادها إلى بلاد أجنبية عندما سافر والدها وذهبت مع عمتها لتسكن وكان عمر هذه الفتاة خمس سنوات بعمر صغير جدا وبعد مرور عشرين سنة تقريبا عادت الفتاة إلى بلادها هي وزوجها بحكم العمل في وطنها حاملة معها شهادة الدكتوراه
فخورة والفرح الأكبر هو عودتها لوطنها بعد غياب طويل .
وبعد وصولها أرادت أن تستاجر منزل في أحد الضواحي في البلدة، إلى أن أخبرها أحدهم بمكان قريب من عملها فاستعدت هي وزوجها للذهاب ومشاهدة المنزل، وعند وصولها لباب المنزل أحست بشي غريب وكأنها تعرف هذا المنزل فكانت هناك حديقة خلف المنزل، وكانت خطواتها متثاقلة وترددها كان واضحا حتى شاهدها زوجها وجلس يسألها مابك ؟فقالت :لا شي لنكمل الطريق ونشاهد المنزل من الداخل وكان الخوف ظاهرا على ملامحها.
وحين دخولها للمنزل أحست بأن رأسها يولمها ودقات قلبها تتسارع فتحسست كل زاوية في هذا المنزل وتقول في نفسها أين شاهدت هذا المنزل سابقا وأرادت أن تتذكر ولم تستطع للأسف، وكنت انا ايضا اندمجت معها وكنت اتابع حلقات المسلسل وكنت حريصة الا افوت حلقة منه بعد توبيخ والدتي ربي يحفظها لي .
بعد اسبوع وافقت على استأجر المنزل بعد أن راودتها أحلام وكوابيس فكانت تاتيها امرأه وتقول لها انقذيني وكانت تمد يدها لمساعدتها فكانت الفتاة تنزعج لهذا الحلم المزعج وظل الحلم يتكرر معها لدرجة اصطحبها زوجها لطبيب نفساني لعل وعسى تجد العلاج معه .
وبعد استقرارها في المنزل أصبحت حالة الفتاة سيئة، ولكنها كانت قوية جدا وفي أحد الليالي كانت تجلس في حديقة المنزل المزينة بالورود والأشجار والنباتات المرتبة بشكل جميل، غفت قليلا وسمعت صوت صراخ، وعند إستيقاضها من غفوتها توجهت راكضة إلى داخل المنزل، وفي اليوم التالي كان هناك بستاني كبير في السن قريب من بيتها يعمل في حديقة جيرانها فنادته، وقالت له : كيف حالك يا عم ؟فقال:بخير ولله الحمد،
أخذت تساله يا عم هل تعرف من كان يسكن في هذا المنزل فرد العم وكان مترددا في الإجابة قائلا :نعم يا إبنتي كان هناك رجل عمره يقارب الخمسين ومعه طفلة صغيرة عمرها خمس سنوات ولديه زوجة شابة جميلة تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى، ولكن بعد فترة رحلوا من المنزل، ولا أعلم عنهم شيئا منذ ذلك الوقت، فشكرت الفتاة العم، وانصرفت عنه والأسئلة المتكررة أصبحت تترنم في عقلها .
وظلت الفتاة تبحث عن سر هذا البيت الحلم والصراخ أصبح شغلها الشاغل لهذا المنزل وارادت معرفة الحقيقة أو لربما هناك روحا ميتة في هذا البيت وتريد الراحة أو جريمة ارتكبت ولم يعلم عنها أحد، نعم هكذا كانت توقعاتها الى أن أتى اليوم، وكانت هناك غرفة في الطابق العلوي وارادت معرفة ماذا يوجد بها ،وفعلا صعدت إلى الغرفة وكانت مترددة وخائفة .
وكنت أنا ايضا خائفة يا تري ماذا ستجد وكنت أريد معرفة الحقيقة مثلها، وجدت الغرفة فارغة لا يوجد بها شيئا وكأنه تم تنظيفها بكل عناية وانهارت الفتاة وقررت بلحظة بأنها ستغادر هذا المنزل وتتركه للأبد بدون رجعة، ولكن في اللحظة التي كانت تغلق باب الغرفة شاهدت شيئا غريبا في جدار الغرفة وكأنه بناء لجدار آخر فيه فراغات عندها قرعت الجدار فسمعت أصداء واسعة بالغرفة فجلبت مطرقة من الحديد وقامت بضرب الجدار بكل قوتها وكأنها تريد الهروب من شبحا يلحقها ..
وبعد تعب وجهد انكسر الجدار وظهرت المفاجأة وجدت لعبة صغيرة مربوط شعرها بشريط أصفر وبعض الملابس القديمة فقالت في نفسها لمن كل هذه الأغراض فلملمت كل ما وجدته في حقيبة وانزلتها للطابق الأول.
وفي الحلقة الأخيرة تذكرت أنها عاشت في هذا المنزل عندما كان عمرها خمس سنوات مع عمها و زوجته الشابة الجميلة فكانت تعاملها بكل حب وحنان فتذكرت أنها كانت الشاهدة على جريمة قتل ارتكبها عمها عندما قتل زوجته الشابة ودفنها في حديقة المنزل فتذكرت كيف كانت معاملة عمها لزوجته الشابة وكانت غيرته تعمي كل شي فكان رجل عجوز ذا نفوذ متعالي، فعادت الذاكرة للفتاة وأخبرت زوجها بمكان الجثة وفعلا تم حفر المكان ووجدوا جثة الزوجة وبكت الفتاة بكاء مريرا، وتمنت لو أنه تم دفن ذاكرتها للأبد لأنها كانت تشعر بالألم لما حل بزوجة عمها، وتمنت لو تكلمت في ذلك الوقت حتى يعاقب عمها على فعلته بجريمة بشعة ودفنها في مكان لا أحد يعلم به، ولهذا السبب قد ابعدها بعيدا ولكن الزمن يدور وتعود الحكاية من بدايتها لترويها لنا .
وهكذا انتهت قصة مسلسل جريمة في الذاكرة وانتهى ما كانت والدتي تشاجرني وتوبخني بسببه، ومن باب الصدفة وفي أحد القنوات الفضائية العربية تم إعادة هذا المسلسل ولكن هذه المرة أنا من تغير فقد كبرت وأصبحت اشاهده مع أسرتي الصغيرة ولكن احداثة ما زالت في مخيلتي .
بدرية السيابية
#عاشق_عمان