لم تكن الخطة الكتابة في هذا الموضوع، حيث إنَّ تركيزي على الجانب الاقتصادي ومتابعة المشهد أولاً بأول، ولولا ظهور مُمارسات غير مألوفة لا تمثل المجتمع العماني بل تمثل مرتكيبها لما غيرت موضوع المقالة، ولأننا نمر بمرحلة مهمة وهي مرحلة الدعاية للمرشحين المتنافسين على مقاعد مجلس الشورى، والمزمع الانتهاء منها قبل تاريخ 27 أكتوبر وهو يوم التصويت، إلى ذلك الحين سوف نجد الكثير من الممارسات غير المقبولة مجتمعياً مثل الاعتداء اللفظي وقد تصل لمحاولات التعدي الجسدي والتشويه وتخريب اللوحات الإعلانية للبعض، إضافة إلى بعض الإغراءات المادية والوعود الكاذبة من قبل البعض.
بعض هذه المُمارسات غير الشريفة تكون أحيانًا بعلم المرشحين ومباركتهم، وبعضها بدون علمهم، لكن الغيرة والحماس من بعض الناخبين قد يتبنى هذه التصرفات الصبيانية التي تسيء إلى صاحبها وإلى المرشح الذي يدعمه وإلى الولاية أو الحارة التي (هو أو هي) منها، وقد لا يعلم بأنَّ عواقبها وخيمة، قانونيًا على ما قام بهذه التصرفات وعلى المرشح الذي يدعمه، وأيضًا هي تشويه لسمعة من يقوم بها ومن خطط لها، ويُمكن لهذه التصرفات أن تقلب السحر على الساحر بسبب التعاطف المجتمعي، وتحول الأصوات الذي قد يحصل عليها الضحية من هذه التصرفات غير المقبولة في المجتمع العماني الأصيل.
ذكرت مثال منافسات انتخابات الشورى كمثال فقط، لكن علينا أن نسقط مقولة أن “عمان تتسع للجميع” في كل السياقات، وقبل هذا علينا أن نعود للتاريخ، ستجد أن عمان تتسع للجميع من قبائل وأنساب وأديان، أما قانونياً فالقانون واضح في النظام الأساسي للدولة، وهو أن جميع العمانيين متساوون في الحقوق والواجبات، وما على المجني عليه أو الضحية إلا أن يلجأ إلى القضاء، أما مدنيا، فمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- أرادها دولة مدنية ودولة مؤسسات، ونُلاحظ ذلك في معظم خطابات جلالته؛ حيث يشدد على هذه النقطة تحديدًا منذ بداية النهضة ويكررها في كل مناسبة وعند كل لقاء وهو أن عمان تتسع للجميع وأن عمان دولة مؤسسات. أضف إلى ذلك وبما أن عُمان جزء أصيل من المنظومة العالمية العصرية، فبموجب القانون فإن كل من يحمل الجنسية العمانية بغض النظر عن أصوله أو ديانته أو لونه أو جنسه أو معتقداته أو حتى جنسيته السابقة، متساوون في الحقوق والواجبات، وبموجب هذه القاعدة لا إقصاء لأحد، فالجميع شركاء التنمية.
وتجاوزات الانتخابات قد تكون متداولة ومنتشرة، لكن ثقافة الإقصاء والإبعاد رسمياً ليست موجودة في القانون العماني وغير مسموح بها، لكن هناك فئة قليلة جدًا تمارسها بقصد أو عن جهالة، فيرى نفسه أو أحد أفراد عائلته أنه أحق بالوظيفة أو المنصب أو ميزة معينة، ويجد لها مبررا، والذي يستنكرها المجتمع ويتداولها بشدة في مواقع التواصل الحديث تعبيرًا عن سخطه واستياءه، عليه فإنَّ ما نستنكره ونرفضه من ممارسات غير شريفة أو عادلة علينا، يجب ألا نبررها ونحللها على غيرنا، وإن كان في سياقات ومواقف أخرى، فبالرغم من ممارسات القلة القليلة التي تمثل أصحابها، إلا أنّ الوطن الغالي؛ قيادة وحكومة وشعبا يتفقون على أن عُمان ستظل وستبقى متسعة للجميع رغم أنف القلة القليلة التي تغرد خارج السرب الوطني.
خلفان الطوقي
#عاشق_عمان