جيمستاون سانت هيلانة “د.ب.أ”: من أبرز أحداث اليوم المعتاد الذي يمر على جوناثان، أكبر سلحفاة سنا في العالم، بعد أن بلغ توا 190 عاما من العمر على أقل تقدير، الحصول على حمام بارد، والاسترخاء وقت القيلولة تحت ظل شجرة، وتناول الحشائش المتوفرة في حديقة المنزل الذي يعيش فيه.
ومنذ القرن التاسع عشر عاش السلحفاة العملاق القادم من جزر سيشل، في حديقة المقر السكني لحاكم سانت هيلانة، وهي محمية بريطانية كائنة بالقرب من ساحل غرب أفريقيا، ليصبح رمزا محبوبا للجزيرة، بل إن صورته تزين عملتها وطوابع البريد الخاصة بها.
وخلال حياته تنفس جوناثان نفس الهواء الذي تنفسه ثمانية ملوك بريطانيين، و40 رئيسا أمريكيا، وكان يسير الهويني إلى أن تم الانتهاء من بناء أول ناطحة سحاب عام 1885 وبرج إيفل عام 1887، ونجا من حربين عالميتين.
ويقول الطبيب البيطري جو هولينز الذي يقدم له الرعاية، واسمه بالكامل أيضا جوناثان، “بالنسبة لنا يعد السلحفاة جوناثان رمزا للمثابرة والبقاء على قيد الحياة، فشهد عدة حروب وأوبئة تأتي وتذهب، وإمبراطوريات تصعد وتسقط، حتى لو لم يكن على وعي بهذه الأحداث”.
ويعتقد أن جوناثان خرج إلى الحياة عام 1832، وعاش على الجزيرة التي تبلغ مساحتها 121 كيلومترا مربعا منذ عام 1882، وقبل هذا التاريخ بنحو 60 عاما، توفى على هذه الجزيرة نابليون الذي تم نفيه إلى سانت هيلانة.
وجاء السلحفاة إلى الجزيرة كهدية إلى سير ويليام جراي ويلسون، الذي شغل منصب حاكم الجزيرة خلال الفترة من 1890 إلى 1897، ومنذ ذلك الحين عاش جوناثان في مقر السكن المشيد على الطراز المعماري الجورجي، الذي كان سائدا في إنجلترا في القرن الثامن عشر، ويتميز بالتناسق والتوازن بين الأشكال، حيث عهد 30 حاكما تواكبوا على سكنى المقر.
وتشير موسوعة جينيس للأرقام القياسية إلى أن عمر جوناثان بلغ 190 عاما، غير أن هذا التقدير يحتاج إلى بعض التحريات، وتثبت الأدلة الوثائقية أن هذا هو عمر جوناثان على الأقل، أو ربما كان أكبر سنا.
وتنص رسالة يعود تاريخها إلى يوم وصوله إلى الجزيرة، على أن جوناثان هبط عليها “كحيوان كبير”، وفي صورة التقطت على الجزيرة بين 1882 و 1886، يشير قطر قوقعة السلحفاة أيضا إلى أنه كان كبير الحجم عند وصوله، ويرى الخبراء أن هذا الحجم الموجود بالصورة، يعادل 50 عاما من العمر كحد أدنى بالنسبة لسلحلفاة عملاق.
يقول هولينز البالغ من العمر 65 عاما، إن متوسط أعمار السلاحف العملاقة يبلغ 150 عاما، ولكن جوناثان من المعمرين، وهذه النوعية من الزواحف اعتبرت لعدة عقود من الأطباق الشهية، خاصة بين البحارة، ولسوء حظها فإنها تعد مغذية وشهية وسهلة الاصطياد، ويمكن الحفاظ عليها سالمة فوق سطح السفينة.
وفي هذه الأيام يشعر جوناثان بالأمان، بل أصبح لديه ثلاث سلاحف عملاقة للصحبة، وهم ديفيد وفرد والسلحفاة إيما، وكان يقضي في الماضي وقتا محببا له مع إيما كما يقول هولينز، ولكن مع تقدمه في العمر أصبح جوناثان “جنتلمانا عجوزا كسولا”، يحب أن يمارس حياته كما يهوى.
وطوال 12 عاما قدم الطبيب البيطري هولينز فائق العناية لجوناثان، الذي يبلغ وزنه نحو 180 كيلوجراما، وهو يتأكد من أنه يتناول ما يكفي من الفيتامينات والأملاح المعدنية والعناصر الغذائية، ويقوم مرة في الأسبوع بإطعامه بيده أكلاته المفضلة:الخيار والخس والجزر والتفاح والموز والجوافة.
ويقول هولينز “أنا أحب جوناثان، ولكن عندما يتعلق الأمر برد مشاعر الحب التي أمنحها له، فأنا واقعي لأنه يعتبرني مجرد مصدر لأطعمته”.
وأصيب جوناثان الآن بالعمى، كما فقد حاسة الشم، غير أن حاسة السمع لديه ممتازة، وهو يتعرف على هولينز الذي يرعاه من نبرات صوته، وهو بشكل عام يستمتع بتمضية الوقت مع الناس، وعندما يسمع صوت الزوار، يقترب منهم غالبا ويسمح لهم بالتربيت عليه والتقاط صور تذكارية معه.
كما يحب الأصوات القادمة من ملعب التنس المجاور، وفي الغالب يقف جوناثان لفترة طويلة عند السور، ليسمع أصوات اللاعبين وصوت الكرة وهي ترتطم بالأرض.
وينظر سكان سانت هيلانة إليه باعتباره أيقونة، وتحمل عملة من فئة الخمسة بنسات صورته ومكتوب تحتها “جوناثان السلحفاة العملاق”.
وتضمنت الاحتفالات بعيد ميلاده التي استمرت ثلاثة أيام، في بداية ديسمبر الحالي، والتي تم إذاعة وقائعها مباشرة من حديقة مقر إقامة الحاكم، إصدار طابع بريد جوناثان، كما تلقى الزوار شهادة تذكارية رسمية تحمل بصمة قدمه موقعة من الحاكم.
وبهذه المناسبة السعيدة قدم هولينز لجوناثان، مجموعة من خضراوته المفضلة، كتحية لطول عمره وكشهادة فريدة له على قوة التحمل، وقال هولينز “إنه يمنحنا الأمل بأنه على الرغم من وحشية البشرية، يمكن لشيء ما أن يبقى على قيد الحياة على كوكب الأرض”.