تواصل الأنشطة الصناعية تسجيل معدلات نمو جيدة خلال العام الجاري مما رفع مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي الى ما يتجاوز 4 مليارات ريال عماني حتى نهاية النصف الاول من العام، وضمن هذه المساهمة تستحوذ القيمة المضافة لصناعات المواد الكيماوية الاساسية والصناعات التحويلية غير النفطية على نحو ملياري ريال عماني من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي. وساهم نمو قطاع الصناعة في رفع حجم الصادرات غير النفطية بمعدلات جيدة هذا العام، وترصد الاحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للاحصاء والمعلومات تسجيل صادرات المنتجات المعدنية والصناعات الكيماوية والبلاستيك والمطاط قفزة كبيرة لتبلغ 3.1 مليار ريال بنهاية اغسطس الماضي مقارنة مع 1.8 مليار بنهاية اغسطس من العام الماضي مما يمثل اضافة جديدة لزخم نمو الصادرات غير النفطية هذا العام بنحو 1.3 مليار ليرتفع اجمالي الصادرات غير النفطية من قطاع الصناعة وغيره من القطاعات الى ما يقترب من 5 مليارات ريال عماني حتى نهاية أغسطس من العام الجاري. وكان اجمالي الصادرات الصناعية بنهاية العام الماضي قد سجل 2.8 مليار ريال عماني وتشمل المنتجات المعدنية ومنتجات الصناعات الكيماوية والبلاستيك واللدائن والمطاط ومنتجاتهم. وبنهاية اغسطس الماضي، بلغ حجم صادرات المنتجات المعدنية 1.3 مليار ريال عماني مقارنة مع 559 مليون ريال عماني بنهاية نفس الفترة من 2021، ومنتجات الصناعات الكيماوية 949 مليون ريال عماني مقارنة مع 699 مليون ريال عماني بنهاية اغسطس 2021 فيما سجلت صادرات البلاستيك والمطاط واللدائن ومنتجاتهم نموا قويا لتبلغ 816 مليون ريال عماني بنهاية اغسطس الماضي مقارنة مع 538 مليون ريال عماني بنهاية نفس الفترة من العام الماضي، وتحقق صادرات البلاستيك واللدائن نموا كبيرا منذ افتتاح مجمع لوى للصناعات البلاستيكية نهاية العام الماضي ويندرج هذا المشروع الاستراتيجي المهم ضمن خطط الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الصناعات التحويلية ويعد أحد المشروعات الاستثمارية في قطاع البتروكيماويات الهادفة إلى تعظيم القيمة للموارد الطبيعية بسلطنة عُمان، ويصدر انتاج المجمع الى آسيا وإفريقيا وشرق أوروبا. وبينما يمثل هذا المشروع خطوة مهمة في جهود تطوير صناعة البلاستيك في السلطنة وتعزيز صناعة البتروكيماويات، فهو يمثل ايضا نموذجا يرصد التحولات النوعية في قطاع الصناعة العمانية الذي يتجه نحو التوسع واستهداف صناعات التصدير مع اعتماد متزايد على التقنيات واستغلال الامكانيات التي يتيحها الاهتمام الكبير بالطاقة المتجددة في سلطنة عمان.
وفي هذا النطاق، رصدت وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 التقدم الذي تشهده الصادرات العمانية من المنتجات الكهربائية والتقنية المتطورة وذات القيمة العالية في ظل جهود تمكين الشركات المحلية لإنتاج سلع نوعية تعتمد على التطور التقني وتستفيد من الشراكات مع اكبر الشركات الصناعية العالمية في مجالات متعددة منها الالومنيوم والمحولات وغيرهما من الصناعات، وقد انضم منتج نوعي جديد لقطاع الصناعة مع إطلاق أول محول طاقة بجهد ٤٠٠ كيلوفولت قامت شركة فولتامب لمحولات الجهد العالي بتصنيعه وفق مواصفات عالمية ويعد هذا المشروع أحد الاستثمارات المحلية القائمة على التنويع الاقتصادي وفقاً لأهداف البرامج الوطنية التي تتضمنها رؤية عمان 2040 والتي تستهدف بناء مدن صناعية حاضنة لاستثمارات ومشروعات استراتيجية، اعتمادا على قطاع خاص يتسم بالقوة والديناميكية مما يخدم الأهداف التنموية والاقتصادية ويساهم في نجاح تطبيق الخطط الاستراتيجية لرؤية عُمان 2040 بتفعيل الاستثمار والإنتاج، والتصنيع والتصدير، ودعم ريادة الأعمال والابتكار عبر المبادرات وخطط التحفيز الموجهة لدعم قطاع الصناعة كأحد الركائز الاساسية للنمو والتنويع الاقتصادي في ظل الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية.
وتساهم المدن الصناعية في سلطنة عمان بمعدلات كبيرة في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة في الانتاج، وتواصل المدن الصناعية جذب استثمارات نوعية جديدة كان احدثها مشروع سانفيرا للكربون الذي تم افتتاحه مؤخرا في منطقة صحار الصناعية وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 600 ألف طن سنويا من الفحم البترولي المكلسن، و24 ميجاوات من الكهرباء سنويا عبر البخار المنتج، كما تستعد منطقة صحار ايضا لاستقبال منشآت صناعية متطورة خلال الفترة المقبلة من خلال التوسع في مجمع المعادن بالمنطقة الحرة بصحار الذي يشهد ارتفاعا مطردا في مساحات الأراضي المستأجرة فضلًا مساهمته في إيجاد العديد من الفرص التجارية في قطاع المعادن وهو احد القطاعات ذات الاولوية في خطط التنويع الاقتصادي حيث تتوجه سلطنة عمان نحو التوسع في انتاج المعادن ومنتجاتها وغيرها من المنتجات الصناعية باستخدام عمليات مستدامة بالكامل من شأنها الحد من الانبعاثات الضارة، وخفض البصمة الكربونية في قطاع الصناعة، فضلا عن الحفاظ على احتياطيات الغاز الطبيعي لاستخدامها في صناعات أخرى، وخلال الاسبوع الماضي وقعت مجموعة جندال شديد اتفاقية لإقامة المصنع الأكبر من نوعه لإنتاج الحديد الأخضر في الدقم باستثمارات تقدر ب 3 مليارات دولار، وذلك عبر استخدامها لمصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في عمليات التصنيع ويستهدف هذا المشروع تعزيز التصدير الموجه لصناعة السيارات العالمية مما سيمثل قيمة مضافة جديدة للصادرات الصناعية غير النفطية، كما يأتي المشروع ضمن طموح سلطنة عُمان للتحول الى مركز عالمي لانتاج الطاقة المتجددة وتصدير جزء من هذا الانتاج وتخصيص الباقي للاستخدام المحلي.
وتقدر مساهمة المدن الصناعية التابعة للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية “مدائن” بنسبة 6.8 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وقد أعلنت مدائن هذا العام عن بدء تطوير 5 مدن صناعية جديدة في كل من خصب وعبري وثمريت وشناص والمضيبي، لتضاف إلى 9 مدن أخرى منتشرة في مختلف أرجاء سلطنة عمان، ويستهدف ذلك تعزيز دور المدن الصناعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، كما تسجل منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة زيادة مستمرة في مساهمتها في النمو الاقتصادي مع توالي افتتاح مشروعات جديدة والتقدم في مقومات البنية الاساسية في المنطقة، وسجل حجم الاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حوالي 3 مليارات و673 مليون ريال عماني بحلول منتصف العام الجاري، وتعمل سلطنة عُمان على تحويل المنطقة الاقتصادية بالدقم الى اهم محركات النمو الاقتصادي عبر التركيز على جذب المشروعات الاستثمارية الصناعية الكبرى والاستراتيجية خاصة مع بدء تفعيل مرافق إضافية للحركة التجارية في ميناء الدقم وغيرها من المشروعات الأخرى القائمة بالمنطقة.