في ختام المهرجان المسرحي لذوي الإعاقة بالرياض
(عمان): توّجت سلطنة عمان ممثلة بفريقها المكون من نجوم الاحتياجات الخاصة المشاركين من وزارة التنمية الاجتماعية بجائزة ” أفضل عرض مسرحي متكامل” عن عرضها المسرحي ” رحلة”، وذلك في حفل ختام المهرجان المسرحي الخليجي السادس للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض.
وحقّق الممثّل عمران بن صالح الرحبي بالمركز الأول ضمن أفضل ثلاثة ممثّلين من الأشخاص ذوي الإعاقة، وحاز الممثّل قحطان بن طالب الحسني على المركز الأول ضمن أفضل ثلاثة ممثّلين من غير الأشخاص ذوي الإعاقة، كما حصد طاهر بن طالب الحراصي جائزة أفضل سينوغرافيا، فيما حصل الممثّل عيسى بن خميس العويسي على جائزة لجنة التحكيم التشجيعية للتمثيل، ونال فيصل الشبلي جائزة لجنة التحكيم التشجيعية لأفضل تأليف موسيقي.
وأقيم الحفل التكريمي في مقر المسرح الأحمر بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن مساء أمس الأول تحت رعاية الدكتور هشام بن محمد الحيدري الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة بالمملكة العربية السعودية.
وعبّر بدر بن سيف النبهاني مخرج مسرحية ” رحلة ” عن سعادته بهذه الجوائز المشرفة لطاقم مسرحية وفد سلطنة عمان، ويمثل دافع معنوي كبير للمثلين من الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو الحافز الأكبر في استمرارية بذلهم وعطائهم، كما يشكل فرصة للأشخاص الأخرين من ذوي الإعاقة الذين يمتلكون المواهب الفنية في التمثيل والكتابة والإخراج في تقديم كل ما لديهم في سبيل المساهمة لإيصال القضايا التي تهم الإنسان.
رسائل هادفة
وحول أهمية المشاركة في هذا المهرجان ذكر الممثّل فيصل بن جندوب الحارثي من ذوي الإعاقة البصرية أنها تكسبهم الحافز والثقة للوقوف على خشبة المسرح وإيصال الرسائل الهادفة للحضور، وأيضًا الاستفادة من خبرات ممّن سبقهم في هذا المجال وتجارب عروض الدول الخليجية المشاركة التي تنوعت في طرح ومناقشة القضايا التي تخص الأشخاص ذوي الإعاقة وأيضا الموضوعات الأخرى التي تلامس المجتمع، ويأمل إضفاء المزيد من الاهتمام بمسرح الأشخاص ذوي الإعاقة ؛ لإتاحة المزيد من فرص انخراط هذه الفئة في هذا المجال، ويوصي زيادة عقد الورش التدريبية في المجال المسرحي.
وأفادت أصيلة بنت صالح المعشرية مترجمة لغة الإشارة في المهرجان عن مشاركتها للمرة الثالثة على التوالي في دوراته في ترجمة العروض المسرحية لفئة ذوي الإعاقة السمعية، وتأمل في منح الممثل من ذوي الإعاقة السمعية المزيد من الأدوار التمثيلية التي تمكنهم من التحدث بلغة الإشارة على خشبة المسرح مما يكون لذلك الأثر الإيجابي في نشر الوعي والاهتمام بأهمية هذه اللغة.
اندماج مجتمعي
وقال الفنان قحطان بن طالب الحسني الفائز بالمركز الأول ضمن أفضل ثلاثة ممثّلين من غير الأشخاص ذوي الإعاقة أن التنافس كان قويا في العروض المشاركة، وجاء قرار اللجنة بمشاركة الاشخاص الاسوياء مع الاشخاص ذوي الاعاقة لخلق الاندماج والتجانس المجتمعي بين الفئتين لتكون فئة مجتمعية واحدة.
وحول شخصيته في عمل “رحلة” قال الحسني: “شخصية قرشوب، وهو حارس أمن ليلي يعمل في متجر لبيع الملابس، إلا أنه وبسبب طبيعة عمله التي تكون دائما عند إغلاق المتجر؛ تتسم حالته النفسية بالسأم وتصرفاته بالملل، وينعكس ذلك على الحكاية التي يرويها بشكل متكرر، فتتحول التماثيل التي تعلق عليها الملابس إلى شخصيات تتحرك وتتفاعل بين بعضها البعض وبينها وبين قرشوب نفسه”.
رحلة
وتجسد تفاصيل مسرحية “رحلة” وهي من تأليف الراحل سعد الله ونّوس وإخراج بدر بن سيف النبهاني رحلة المعاناة التي يكابد تفاصيلها المواطن البسيط ويدعى ” تعيب” في رحلة الشقاء التي يعيشها، حيث أن ” تعيب” موظف يعمل في مصرف بالمدينة، وعُهد إليه مهام عد القطع المعدنية وفرزها في إشارة واضحة إلى مدى بساطة هذا الإنسان، ومع ذلك تشكّل هذه الوظيفة أعظم مسؤولياته الحياتية التي يعيشها بهدوء وسلام ، ويتخذ من المثل القائل ” أمش الحيط الحيط” مبدأ لحياته ، ولكن بسبب قرار بسيط تنقلب حياة تعيب من الهدوء والسكينة إلى البؤس والشقاء ، ففي أحد الأيام قرر الهروب من رجال الشرطة عندما ظن أنهم يتقدمون نحوّه فما كان منهم إلا أن طاردوه وأمسكوا به ، وزُجّ به في السجن وتعرض للتعذيب حتى يفصح عن سبب هروبه منهم ، غير أنه لا يجد ما يبرر به ذلك الهروب ، لأنه لم يرتكب أية مخالفة في حياته ، فأضطر إلى رشوّة المحقق بكل مدخراته التي جمعها من عمله البسيط ، وفور خروجه من السجن يتجه إلى منزله ليجد أن زوجته التي تملك عصمة الزواج قد نفرت منه ولجأت إلى رجل آخر ، لترميه هي الأخرى إلى الشارع ، وما كان منه إلا أن يلتجئ إلى مديره في العمل ، والذي فصله من العمل بسبب غيابه الطويل وسط ذهوله من حياته التي تداعت أمامه ، ويستجيب لنصيحة صديقة في اللجوء إلى أحد المشعوذين ، فيكشف أنه لن ينفعه في مأساته ، وكحل أخير يقرر أن يلجأ إلى لجنة حقوق الإنسان والتي ترمز هنا للأنظمة العالمية التي تتخذ شعارات مخالفة لما يجب أن تكون عليه علّها تعالج أزماته الحياتية فيستفيق من غفلته عندما يدرك أن هذه الرحلة من تخطيط هذه السلطات منذ البداية ، و” تعيب” مواطن بسيط بتفكيره المحدود وآفاقه القريبة من الممكن أن يكون في أي بلد في العالم عاش في ظل قيم اجتماعية وسياسية معقّدة نهبت حقه الشرعي في الحياة الكريمة ، كما تخطف أمجاده وهويته وأحلامه ولحظات العزّة التي يصنعها بعرقه وطموحه الإنساني.