الغرق.
هل غرقتِ الآن يا فريال؟
أين هي أذرعك الطويلة؟
أين هي زعنفة الحوريات؟
أين هو طوق النجاة؟
اسبحي نحو العوالم البعيدة.
كوني بين المراكب السعيدة.
الواصلة للشواطيء ذات الرمال الدافئة.
كوني بين المراسي العاكفة في الموانيء.
هذا هو الوجد!
هو الغرق مرارًا.
ألا تريدين النجاة؟
الصمود والصعود.
اسبحي نحو الآفاق.
جدفي نحو الأصال.
لقد غرقت من جديد وسط الوجد البغيض.
هذه سجيتك الجديدة.
هذه سليقتك الغريبة.
ماذا حدث لك يا صبية؟.
كنت بين الأحلام الوردية.
والغيمات الناعمة.
والنجمات السامعة.
لأحاديثك
وقصصك المحكية والمروية.
لقد همتِ.
بين جدران قصر الملك.
واوصد أبوابه العشرة.
أمام صباكِ.
وأصبحت تريدين المكوث بين ذراعيه.
وترغبين في الوغول وسط قلبه الممتليء بالأشواك.
أين عناقيد المرجان؟
أين اللآلئ والمحار.
أين الحبال الواصلة لكبينة الملك.
أين الصواري الغائصة وسط سفينة الوجد هذه.
أين الكنوز الدفينة؟
أين الأشياء الثمينة؟
انظري نحو النوارس.
الصادحة بأسماء الزوراق.
أين رسى قارب النجاة؟
لقد قدمت العواصف والكوارث.
لقد وصلت الرياح العاتية.
والأمواج العالية.
إنه الغرق يا فريال.
لا تنقذي حيوات الآخرين.
والناظرين نحوك.
لا تلمحي أعينهم الرانية حولك.
اختاري الحياة.
اختاري النجاة.
انظري لصاحب الأسطول.
القادر على صنع المجد والوجد.
والبلوغ والوصول.
والوغول والأفول.
هو اليوم بلا بوصلة.
وبلا نجمة شمال.
فأنت ضياء الفضاء.
ونجومه جميعها يا فريال.
أنت من يهتدي بها البحارة.
وأنت من يسكن أجمل محارة.
أنت الحورية.
النورية.
أنت ملكة البحار.
في الغدو والأسحار.
أنت صاحبة المرسى.
لقد هنا ارسى.
الملك وأعوانه وأتباعه.
ألمعي أيتها الشمس الساطعة.
اسطعي لن تكوني ذابلة.
لن تغرقي.
بل
ادعي الغرق
فليغرق هو.
بين حنايا صباكِ وعنفوانه.
لقد نسي هو أساطيره وأمجاده.
انسجي له مجدًا جديدًا.
ووجدًا بعيدًا عن وجده العتيق.
هو الآن الغريق.
لكن تذكري.
ما حدث للمراكب الممتلئة بالعائدين.
وما حصل للأنهار الباكية في البحر.
وما صار للساكنين في أعالي المنارة.
حين كانوا سهارى.
هل باتوا سمارة؟
لقد غابوا بين الأمواج.
وصاروا أبناء الزبد.
وغابت عن أعينهم السفن والبحارة.
والقباطنة والأباطرة.
وصارت حكاياهم حكايا الشفق والغرق.
وكانوا بانتظار العدالة.
ربما بين أنياب القروش.
أو أجواف الحيتان.
راغبين أن تظهر جزيرة ما.
قبل أن تبلغهم العاصفة.
المنددة بكل شئ.
والعالمة بكل ما يجول في خواطرهم وأفكارهم.
لن يكتبوا الأشعار.
ولن يبلغوا المزيد من الأسفار يا فريال.
فسرج الموت قادم.
وقد همست الأقدار قدرًا آخرَ.
قدر لا يشبه الماضي.
الراضي بكل شئ.
لن يرضى الجميع بالغرق.
وسط وجد الملك كما غرقتِ أنتِ يا فريال.
فأنتِ الصبية التي تزين طفولتها بضع دمى.
وظلال كثيرة ساكنة في مسرح الخيال.
جدفي الآن قبل الأصال.
واخرجي أمام الوتد.
لن تغرقي.
لن تأفلي.
لكنك لن تسطعي.
لن تلمعي.
فأنت أسيرة.
للرياح والنسمات.
القادمة من قلبه.
والضالعة في تحريك العاطفة.
يا لها من عاصفة.
إنك الآن غارقة وغير آبهة.
بما سيحدث للآخرين.
إنك مسكونة بالأنانية.
والخيلاء والكبرياء.
إنك حب الملك.
ووجده.
إنك باطن عقله ونبضه.
هل سيغيب عنك؟
هل سيغادر ويرحل مع السفن الذاهبة.
للبلدان الخالية من الملوك والعروش.
هل سيرحل الملك يا فريال؟
ويغيب بوجده بعيدًا عنك وعن صباكِ؟
مُزنة المسافر