كل التجارب الكبرى في العالم بدأت صغيرة وناشئة، سواء كان ذلك فيما يخص تجارب البشر أو تجار المؤسسات التي تحولت من صغيرة إلى عملاقة. وفي العقدين الماضيين شهد العالم تحول علامات تجارية من ناشئة جدا إلى علامات تملك ما لا تملكه كبريات الدول، بل أصبح لها هيمنة سياسية على المشهد العالمي. وهذا هو منطق الأشياء أن تولد التجارب بسيطة، ثم تنمو وتكبر وتتحقق. لكن وراء كل تلك التجارب الكثير من الإرادة، والتفكير، والتخطيط وقبل كل ذلك الصبر. فلا يمكن أن نتوقع لأي تجربة كانت أن تكبر، وتنضج دون عمل أو تخطيط ودون أن نصبر ونواجه التحديات.
وتشهد سلطنة عمان في الوقت الحاضر الكثيرَ من تجارب الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تكبر، وتتحول إلى مشروعات عملاقة مع الزمن خاصة إذا كان لدى أصحابها الصبر والإرادة الحقيقية والرؤية الواضحة للمستقبل الذي يريدونه لمشروعهم.
ولا شيء ينقص هذه المشروعات من أن تكون كما يحلم بها أصحابها، ولكن الحلم وحده لا يكفي.
ويمكن أن نتحدث في هذا السياق عن فكرة الابتكار، فكلما كان هناك ابتكار كان هناك تميز، وكان هناك صعود نحو القمة.
وأمس افتتح ملتقى الاستثمار والشركات الناشئة العمانية الذي تنظمه هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يهدف إلى التعريف بأفضل الممارسات العالمية في مجال الشركات الناشئة وآليات تطبيقها في عمان.
وفي الحقيقة مثل هذه الملتقيات تحفز الشباب العماني الطموح للابتكار في بناء مشروعات خاصة تتحول بآليات عمل واضحة إلى مؤسسات كبيرة.
وأثناء جائحة كورونا ظهرت الكثير من الأفكار التي أثارت انتباه الجميع، وهي أفكار حري بها أن تتحول إلى مشروعات حقيقية.
إن فكرة الدعم الذي تقدمه الدولة لهذه المشروعات حتى تضع قدمها على أرض صلبة أمر مهم جدا، ويأتي الملتقى في هذا السياق، فالكثير من المشروعات ينقص أصحابها الخبرة في جعلها مشروعات قابلة للبقاء، وقابلة للاستثمار.
لكن لا بد أن يعي الجميع أن الجهد الأكبر ينطلق من صاحب المشروع نفسه، والذي عليه أن يواجه التحديات، ويتعلم كيف يكون صلبا وسط سوق مفتوحة وخدماتها متنوعة، وكل مستهلك يبحث عن الجودة في المقام الأول.